زيارة الصين.. مشاهدات وآراء
بدعوة من الحزب الشيوعى الصينى ذهبت إلى الصين فى الفترة من 21 فبراير حتى 3 مارس الماضى مع وفد شمل عددًا من الشخصيات العربية.. وبعد رحلة شاقة بين الطيران والترانزيت، استغرقت أكثر من عشرين ساعة، وصلت إلى مطار بكين ومنه مباشرة إلى رحلة أخرى بالطائرة لمدة ساعتين إلى مدينة نانجينج فى مقاطعة جيانجسو.
كانت البداية من هذه المقاطعة، وقبل الاسترسال فى الحديث عن الزيارة أود أن أشير إلى أن الدعوة كانت مصحوبة بتحديد عدد من الموضوعات، يتناولها النقاش ويقدم فيها أعضاء الوفد أوراقًا مكتوبة، وعلى رأسها: كيف ترى الأحزاب الاشتراكية العربية أفكار الرئيس «شى جين بينج» للاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد؟.
بعد ساعات قليلة من وصولنا.. اتجهنا إلى مدينة نانجينج بمقاطعة جيانجسو.. وكان اللقاء الأول عبارة عن محاضرة تحت عنوان «حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة» والتى تمت بها على مدى 40 عامًا منذ سياسة الإصلاح والانفتاح.
مقاطعة جيانجسو مقاطعة ساحلية تقع شرق الصين، وتقابلها اليابان من الشرق وكوريا من الجنوب، وهى مقاطعة مائية حيث تكثر بها الأنهار والبحيرات، وتتميز بالصناعات الثقيلة والتجارة، وبها ميناء نشأ منذ أكثر من 1300 عام، وقد وصل العرب قديمًا إلى هذا الميناء.
أما بالنسبة للاستثمارات فى هذه المقاطعة من «1985- 2017»، فقد زادت كثيرًا، خاصة الاستثمارات الخارجية التى تضاعفت 520 مرة من «2000- 2017».. وفى المجال الصناعى توجد صناعات استراتيجية للمعدات الثقيلة والعديد من الصناعات الغذائية، وتقوم فى المقاطعة عدة صناعات «السيارات- الرافعات- القطارات- السفن العملاقة- الحفارات لاستخراج البترول- الغواصات- الحاسبات العملاقة- البطاريات الشمسية- الألياف الكربونية- بعض الأدوية»، وكانت هناك إشارة إلى أن الصين ما زالت متخلفة فى مجال صناعة الدواء.. وبالطبع صاحبت هذا التطور فى الإنتاج تطورات فى مجال بناء المساكن من مساكن فقيرة ضيقة المساحة إلى مساكن صحية بمساحات ملائمة للأسر.
وفى نهاية المحاضرة كانت هناك تساؤلات من بعض الرفاق، وكان هناك تساؤل منى حول وضع المرأة وحول الرعاية الصحية وحول وجود نقابات للدفاع عن حقوق العمال، وكانت الإجابة حول أن هناك إصلاحًا يعتمد على المساواة بين المرأة والرجل، وأن هناك محاربة ومواجهة قوية للفساد والاختلاس.. وتحركنا بعد ذلك إلى مركز خدمات الحزب للجماهير بحى شيان لين، حيث يتم تقديم جميع الخدمات وحل جميع المشكلات بشكل فورى من خلال أعضاء الحزب ومن الأفراد المتطوعين.
واللقاء الثانى كان يوم الأحد 24 فبراير، بزيارة مدينة شانجينج.. حيث تحركنا صباحًا بالسيارة إلى المدينة التى تقع جنوب مدينة نانجينج على بعد 80 كيلومترًا وبها عدد من المناطق الصناعية الكبرى «80 منطقة صناعية»، كما تعتبر هذه المدينة من المدن النشيطة فى التجارة الخارجية، حيث حققت من التجارة الخارجية عام 2018 ما يزيد على 12 مليار دولار.
وشملت الزيارة الميدانية الوصول إلى التجمع السكنى، وهو مركز إدارة كل ما يخص التجمع السكنى فى المدينة من خدمات مع تقديم الحلول الفورية لحظة حدوث المشكلة، لأن المركز قائم على التكنولوجيا الإلكترونية من خلال الكاميرات الموجودة فى كل شبر من الميادين والأحياء والمؤسسات، ويشرف على إدارة المركز أعضاء الحزب الشيوعى مع عدد من المتطوعين لتقديم الخدمات فى كل المجالات.
ويوم الإثنين 25 فبراير 2019 كانت الزيارة الرائعة والمبهجة بطعم الحضارة وعبق التاريخ إلى متحف مدينة نانجينج، المقام على مساحة هائلة وعدد من الأدوار التى تشمل عددًا كبيرًا من الغرف الواسعة التى تحوى مقتنيات المتحف منذ القدم، وتجولنا وعشنا عصر الديناصورات، ومررنا على العصور المختلفة مع الفنون وتطور صناعات الأسلحة والحلى والمقابر التى يوضع بها بعض الأوانى والمقتنيات مثل مقابر أجدادنا الفراعنة.. ومن مدينة نانجينج فى مقاطعة جيانجسو إلى مدينة أرومتشى فى مقاطعة شينجيانج.. ففى مساء يوم 25 طارت بنا الطائرة على مدى خمس ساعات لنصل إلى الشمال الغربى لمدينة أرومتشى فى مقاطعة شينجيانج بالقرب من جنوب روسيا الاتحادية والدول الإسلامية «كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان»، وكانت درجة الحرارة الصغرى 16 تحت الصفر والعظمى 5 تحت الصفر، وبالرغم من مشقة السفر والبرودة الشديدة سرعان ما شعرنا بالدفء من حرارة الاستقبال، ومن الهدية الثمينة التى وجدناها فى الغرفة بالفندق، وهى جاكيت يحمينا من شدة البرودة.. مقاطعة شينجيانج يقطنها قومية الإيجور التى يدين معظمها بالديانة الإسلامية، وجدير بالذكر أن بالصين 100 مليون مواطن ومواطنة يمثلون 56 قومية.
وتتميز المقاطعة بالصناعات المتعددة، وفى مقدمتها شركة تكنولوجية لإنتاج معدات طاقة الرياح، وحصة هذه الشركة فى السوق العالمية 12%، وتمد كلًا من إسلام آباد ولاهور وكراتشى بمعدات وتوربينات الرياح لإنتاج الطاقة وتوليد الكهرباء للإنارة، وتستثمر هذه الشركة «إيجور وند» فى شمال إفريقيا وفى تركيا، كما تمتد استثماراتها فى أستراليا، حيث تعمل على إنشاء محطة كبيرة لتوليد الكهرباء بالرياح.