إبراهيم مجدي حسين يكتب: أخلاقيات التعامل بين شركات الدواء والأطباء
تساؤلات واستفسارات شائعة يطرحها كثير من المرضى عندما يذهبون إلى عيادات الأطباء الكبار، منها: ليه الدكتور كتب لى دواء جديد غير اللى أنا متعود أخده؟ الدكتور بيسافر المؤتمرات الكتير دى على حساب مين؟ ليه مندوبين شركات الأدوية كتير فى العيادة وبيقعدوا مع الدكتور أكتر من المرضى؟ ليه بيكتب الدواء ده لكل المرضى مع إنه غالى؟
أعتقد أن نسبة كبيرة من قراء المقال دارت فى أذهانهم هذه التساؤلات، دون أن يجدوا إجابة وافية، وأعتقد أيضًا أن طرح هذا الموضوع سوف يُزعج الكثير من الأطباء من أصحاب المصالح المتعارضة مع المرضى وشركات الدواء. دعونا نحاول الإجابة عن هذه التساؤلات ونوضح لصغار الأطباء والخريجين الجدد من كليات الطب، كيفية التعامل مع شركات الدواء.
وضعت الجمعية الأمريكية للأطباء، عدة معايير أخلاقية، تحكم العلاقة بين الأطباء وشركات الأدوية، وهذا بعض ما تم ذكره فى الموقع الرسمى للجمعية: إن العديد من الهدايا المعطاة للأطباء من قِبل شركات الدواء والخدمات الصحية والمعدات الطبية، تخدم وظيفة اجتماعية مفيدة. على سبيل المثال، قدمت الشركات لفترة طويلة الأمد دعمًا وهدايا للندوات والمؤتمرات التعليمية. ومع ذلك، كان هناك قلق متزايد من بعض الهدايا قدمتها شركات الأدوية إلى الأطباء، وبعض الهدايا تعكس الممارسات العرفية للصناعة، وقد لا تكون متسقة مع مبادئ الأخلاقيات الطبية، ولتجنب قبول الهدايا غير الملائمة، يجب على الأطباء مراقبة المبادئ التوجيهية التالية: يجب أن تكون أى هدايا مقبولة من قِبل الأطباء بشكل فردى، فى صالح المرضى، ولا ينبغى أن تكون ذات قيمة كبيرة. مثل المراجع الطبية، الوجبات المتواضعة، والهدايا الأخرى المتعلقة بعمل الطبيب مثل الأقلام والمفكرات، ولا ينبغى قبول الدفعات النقدية، كما يجوز استخدام العينات المجانية للاستخدام الشخصى أو الأسرة، طالما أن هذه العينات المجانية لا تباع للمرضى، ولن يكون مقبولًا للأطباء غير المتقاعدين طلب المستحضرات الصيدلانية مجانًا للاستخدام الشخصى أو الاستخدام من قِبل أفراد الأسرة. ويمكن أن تقبل إعانات شركات الأدوية، التى تمثل تكاليف مواد التعليم، والاجتماعات المهنية، التى تساعد فى تحسين رعاية المرضى، دون أن يخلق علاقة تؤثر على استخدام الطبيب منتجات الشركة.
وفى حالة رعاية إقامة المؤتمرات، يجب أن تتمثل الرعاية فى تقليل رسوم استئجار قاعات المؤتمر مثلًا، ولا ينبغى قبول الأطباء مبالغ نقدية من الشركات، بل على الأطباء المنظمين للمؤتمر تحمل تكاليف التنظيم دون اللجوء إلى شركات الأدوية. ولا ينبغى قبول الدعم المباشر أو غير المباشر من شركات الدواء، لدفع تكاليف السفر أو السكن أو غيرها من النفقات الشخصية للأطباء الذين يحضرون المؤتمرات أو الاجتماعات، ولا ينبغى أيضًا قبول إعانات لتعويض الأطباء عن السفر أو الضيافة، خارج الوجبات المتواضعة أو الأحداث الاجتماعية التى عقدت كجزء من المؤتمر أو الاجتماع. باختصار سفر الطبيب لحضور مؤتمر طبى، يجب أن يكون على حسابه، ويجب عليه ألا يقبل أى دعوات عشاء من قِبل شركات الدواء، خارج نشاط المؤتمر.
ومن الممكن أن تكون المنح الدراسية أو غيرها من الأموال الخاصة، التى تمنحها شركات الدواء للسماح للطالب والباحث بحضور المؤتمرات التعليمية المختارة بعناية، طالما أن اختيار الطلاب والباحثين يتم بعناية وبشكل علمى أكاديمى بعيدًا عن المجاملة، ويشترط أن تكون هذه المؤتمرات خاضعة للسياسة العامة لخدمة المواطنين.
ولا ينبغى قبول أى هدايا مشروطة، على سبيل المثال، يجب ألا يقبل الأطباء الهدايا التى تتعلق بممارسات الطبيب فى وصف الدواء، بمعنى آخر، إذا شعر الطبيب أن قبوله هدية من شركات الدواء، يجعله مضطرًا لوصف دواء الشركة المانحة لمرضاه، بدلا من أدوية شركات أخرى، فلا ينبغى له قبول الهدايا، مراعاة الحالة المادية للمرضى عند كتابة الدواء، خاصة إذا كان الدواء باهظ الثمن.
ولا يجب على الطبيب أن يخضع لعمليات التسويق التى تقوم بها شركات الدواء، وتذكر الجمعية الطبية الأمريكية، أن شركات الدواء العالمية صرفت فى عام ٢٠١٥ حوالى ١٠ مليارات دولار على التسويق، وأن ما صرف كان له تأثير غير مباشر على بعض الأطباء فى وصف عقارات دون غيرها، رغم ارتفاع سعر هذه العقاقير.
والبعض يسأل: كم تقدر المبالغ المصروفة على تسويق الأدوية الأجنبية فى مصر، وعن المبالغ المدفوعة فى المؤتمرات والأبحاث المدفوعة. والإجابة: لا يوجد رقم معلوم، ولكنه، حسب بعض التقديرات، لن يقل بأى حال من الأحوال عن ٢ مليار جنيه. سؤال آخر: هل انعكس هذا المبلغ على صحة المصريين؟ وأعتقد أن جزءًا من هذه المبالغ لو ذهب لصندوق «تحيا مصر» من أجل تطوير المستشفيات الجامعية ومستشفيات الصحة سيكون أفضل وأعم.