العنف الذى يجتاح مجتمعنا
حدثت نقطة تحول فى مجتمعنا منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ حيث بدأ تخريب وتدمير ممنهج ومتعمد للشخصية المصرية التى كانت تتميز بالسلام والطيبة والشهامة والكرم
خلال أيام الأعياد فوجئنا بجرائم فيها من الدموية والعنف ما يقشعر له البدن، وأعتبرها مؤشرًا خطيرًا يهدد سلامة الأمن الاجتماعى للمجتمع المصرى، مما يستوجب وقفة حازمة للدولة لتشديد القوانين وسرعة تطبيق العدالة الناجزة لردع هذه النوعية من الجرائم التى أدمت قلوبنا قبل أن تستفحل أو تنتشر، لأنها جرائم غريبة على طباع المصريين.
أبدأ أولًا بالتحرش الذى لا بد من وقفة مجتمعية ضد من يمارسونه إلى جانب العقاب القانونى الذى لا بد أن يتضاعف ويطبق وبكل الحزم والصرامة على من يرتكبه، خاصة أنه قد سادت نبرة غريبة أيضًا على مجتمعنا، وتيار ظلامى يشجع على التحرش ببناتنا فى الشوارع وأثناء الأعياد، ويلقى باللوم على الفتاة أو المرأة بدلًا من أن يطالب الرجل بغض البصر واحترام مكانة المرأة.
وهكذا وصل الأمر أن متحرشًا بإحدى السيدات قتل زوج السيدة بطعنة سنجة أردته قتيلا، لأنه تصدى ومنعه من أن يتحرش بها فى منطقة شاطئ أبويوسف بالإسكندرية، والتف الناس حول القاتل وهو محام عاطل اعتاد افتعال المشاكل والذى كان يلوذ بالفرار فى البحر وأمسك به بعض الموجودين بالشاطئ بعد أن بث الرعب بجريمته أمام شهود عيان.. وهكذا توفى الزوج، بينما كان يقضى إجازة العيد مع زوجته بطعنة غدر من المجرم الذى نطالب بتطبيق أقصى عقوبة قانونية عليه، وبأن يتم إعدامه شنقًا، وبسرعة تنفيذ الأحكام، حيث إن بطء العدالة يعنى أقصى الظلم للضحية وعدم حدوث الردع المطلوب لمن تسول له نفسه أن يعيث فى الأرض فسادا ويقتل الأبرياء، لأنه يبدو أن هناك اتجاها لأن تتحول القضية إلى مشاجرة بين الاثنين، مما يعنى أن العقوبة ستصبح ٣ سنوات فقط، بينما الرأى العام يستشيط غضبا من عنف الجريمة البشعة التى قد تم تصويرها بالموبايل وتتداولها الأيدى فى مصر الآن.. لا بد من أن نوقف التحرش الذى جعل مصر على رأس قوائم الدول التى بها أكبر نسبة تحرش فى العالم، بل إن بعض شركات السياحة الدولية تحذر السيدات والبنات من الذهاب إلى مصر أو السير فى شوارعها لارتفاع نسبة التحرش فى الشارع المصرى بالنساء والبنات.
كما ارتكبت جريمة أخرى بالغة العنف والوحشية لزوج قتل زوجته بماسورة سخان ثم ألقى بها من شرفة المنزل لأنها تنجب بناتا ولمً تنجب له ولدًا، وهى جريمة لا بد أن يتم تنفيذ حكم الإعدام فيها لأنها جريمة قتل مروعة مع سبق الإصرار والتعمد، ومصحوبة بتفكير همجى يحتقر إنجاب الإناث.. وجريمة أخرى لطفلين صغيرين وجدا غارقين بعد أن أبلغ والدهما باختفائهما ثم بعد البحث عنهما وجدهما رجال الشرطة غارقين فى ترعة بمحافظة الدقهلية، وتم نشر خبر أن والد الطفلين قتلهما وأنه اعترف وقام بتمثيل الجريمة أمام جهات التحقيق ولا يزال التحقيق مستمرًا.
أى عنف هذا!، وأى دموية وصل إليها المجتمع المصرى؟!. ولا بد قبل هذا أن ندرس الأسباب التى أدت إلى ظهور هذه النوعية من الجرائم المروعة التى ليست فى طبيعة المصريين، وفى رأيى أنه قد حدثت نقطة تحول فى مجتمعنا منذ ٢٥ يناير ٢٠١١.. حيث بدأ تخريب وتدمير ممنهج ومتعمد للشخصية المصرية التى كانت تتميز بالسلام والطيبة والشهامة والكرم.. كما صاحب ذلك تيار جارف من الأفلام والدراما الفجة والعنيفة التى تصدر مشاهد العنف والدموية والقتل والفساد دون بث القيم أو تقديم رسائل ترقى بالمشاعر وترتقى بالعقول وبالسلوك، وإعلام ينشر الفوضى والإشاعات والتخبط، ومواقع إخبارية من كل شكل ولون تبث الأكاذيب وتمجد العنف، ومواقع تواصل اجتماعى تبث كل أشكل العنف والفوضى مع غياب دور الأسرة فى بث القيم والأخلاقيات وغياب دور المدرسة فى التوجيه، وفى دعم الرياضة والفنون الراقية، ودعاة جدد يبثون الكراهية والتكفير والتحقير للمرأة، ونتشار الفقر وتفشى البطالة.. إن المشهد الاجتماعى الذى يحدث من حولنا لا بد أن نتنبه له وأن نعمل على تغييره من خلال تكاتف كل الحريصين على أمن واستقرار مجتمعنا، وتشديد القوانين بحيث تتناسب مع نوعية الجريمة، ومواد تحقق الردع المطلوب، وتحقيق عدالة ناجزة فى مواجهة الجرائم بشكل عام.