قريبًا عن روافد "عالمى الهادئ" لــ إسماعيل وهدان
تصدر قريبًا عن دار روافد للنشر والتوزيع٬ رواية "عالمي الهادئ" للكاتب إسماعيل وهدان، ومنها نقرأ:" أتعلم.. عندما كنت صغيرًا، وعدت نفسي أنني لن أموت قبل أن أرسم لوحة تضاهي جمال كل شيءٍ في هذا الكون، كنت أحب الرسم، قيل لي إن لي أصابع خُلقت لتمسك بالفرشاة، كنت أشعر بكل خطٍ على الورقة، أسحبه من فيض روحي مباشرة، لكن مع الوقت، علمت أن الرسم ليس مكتوبًا له أن يكون طريقًا للحياة، هو وسيلة للقدرة على استمرارها، لذا وعدت نفسي بلوحةٍ واحدة فقط، لا أكثر.. فقط لكي لا أترك هذا العالم بدون أن يعلم أنني أحببت الرسم، وأنني كنت قادرًا على أن ألقط جماله بأناملي.
توقف ثانية عن الحديث، وأخذ نفسًا عميقًا، ثم قال:
- يؤلمني أن أعلم أن هذه اللوحة لن تُرسم أبدًا، ويؤلمني أكثر أن أدرك أنه لم يكن جميلًا منذ البداية.
- ربما حققت في حياتك ما هو أفضل من هذه اللوحة.
هذه المرة كانت ضحكته أقرب إلى زفرة موجوعة.
- عندما سألتني، أخبرتك أنني لا آبه إن كان لما أفعله فائدة، كذبت عندما قلت، لم أبحث في حياتي عن شيء سوى معنى لها، وأظنني لم أجد.
في أول أيام سجني العسكري، زارني والدي، وسألني "ماذا تفعل؟"، أخبرته أنني لا أريد حمل السلاح، لا أريد أن أشترك في الحرب. أخبرته بحلمٍ زارني الليلة السابقة، عن أن الحرب توقفت، لأن جمع الجنود في كل الجيوش قرروا ذات صباح أن يتوقفوا عن حمل السلاح.
قال لي:
- لن تستطيع تغيير العالم فردًا.
رددت:
- إن لم أغيره، سأحاربه.
وهكذا كانت حياتي، أمضيتها أحارب هذا العالم.. وأسوا ما يحدث عندما تحارب العالم أنك لن تدرك أبدًا أنك تخوض كل المعارك الخاسرة، إلا قرب النهاية..