رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حجر رشيد" كيف وصل الاكتشاف الفرنسي إلى متحف بريطاني

جريدة الدستور

البداية، كانت عندما عثرت فرقة من جنود الحملة الفرنسية بقيادة الضابط «بوشار»، في 19 يوليو 1799، على هذا الحجر مثبتًا في جدار مبنى قديم في أطلال قلعة تًعرف حاليًا باسم قلعة "قايتباي" وموقعها في قرية "برج رشيد"، التي تبعد عن وسط مدينة رشيد بحوالي سبعة كيلومترات، وقد أطلق عليها الفرنسيون "قلعة سان جوليان" على اسم أحد ضباط الحملة الذين قتلوا أثناء المعارك في مصر، وذلك عندما كانت هذه الفرقة تقوم بإزالة هذا الجدار لتحصين المكان ضد الهجوم المنتظر من الأتراك والإنجليز، وذلك حسبما ذكر "عبد المنعم عبد الحليم السيد، في مقال له بمجلة "المؤرخ المصري".

ويشير عبد المنعم عبد الحليم، في مقاله إلى أن هذا الموقع لم يكن هو المكان الأصلي للحجر الذي يرجع للعصر البطلمي، لأن المنطقة كانت لا شك مغطاه بمياه البحر في العصر البطلمي، ونتيجة لترسب الطمي خلال القرون التي تلت العصر البطلمي تكون هذا اللسان الذي أنشئ عليه المبنى الذي يرجع للعصر الإسلامي.

وحجر رشيد هو كتلة من البازلت ويبلغ ارتفاعه 118 سم وعرضه 77 سم وسمكه 30 سم ووزنه 762 كجم، ويندرج تحت ما يعرف في علم الآثار المصرية بـ "اللوحات التذكرية" وقد دونت عليه ثلاثة نصوص هي النص الهيروغليفي في جزئه العلوي وقد ضاع جزء كبير منه يبلغ حوالي ثلثه بسبب كسر الحجر، ويبلغ عدد السطور الباقية 14 سطرا، وكان الأصل لا يقل عن 20 سطرا ولكن من مقارنة الرسوم في أعلى اللوحات المشابهة لحجر رشيد يتضح أن الجزء العلوي المفقود كان أغلبه رسوم تمثل الملك أمام الآلهة وفوقهم قرص الشمس المجنح.

وبمجرد كشف الضابط الفرنسي بوشار وزملائه للحجر والاطلاع على النص اليوناني الذي جاء في آخره عبارة أفصحت عن مضمون نصوص الحجر وهي "يدون هذا المرسوم على لوحة بالحروف المقدسة والحروف الوطنية وبخط الأيونيين"، أدرك الضابط بوشار وزملائه الأهمية الكبيرة للحجر فأرسلوا تقريرًا عن الحجر إلى الجنرال مينو الذي كان القائد المباشر لفرقة بوشار والذي كان مرابطًا في مدينة الإسكندرية في ذلك الوقت فأمر مينو الضابط بوشار بإرسال الحجر إلى منزله في الاسكندرية واعتبره من أملاكه الخاصة.

وعندما علم نابليون بالموضوع أمر بنقل الحجر إلى القاهرة فوصل إليها في منتصف اغسطس 1799، وكان نابليون قد أصدر قبل ذلك قرار إنشاء المجمع المصري، الذي يضم 167 عالما وباحثا في مختلف فروع المعرفة.

وأوضح "عبد المنعم عبد الحليم" أنه في العام 1801 وعندما لاح الخطر الإنجليزي لغزو مدينة القاهرة هاجر العلماء الفرنسيون إلى الإسكندرية وحملوا معهم حجر رشيد الذي أعيد إلى منزل الجنرال مينو وظل هناك حتى عقدت المعاهدة بين الفرنسيين والإنجليز في عام 1802 التي نصت على رحيل الفرنسيين عن مصر وتسليم الآثار المصرية التي بحوزتهم إلى الإنجليز، وكان من بينهم حجر رشيد ولكن الجنرال مينو امتنع عن تسليم الحجر فقد اعتبره ملكًا خاصًا له، غير أن أحد الضباط الفرنسيين تمكن من تسليم الحجر خفية إلى الانجليز حيث نقلوه إلى إنجلترا، فنقل إلى ميناء بوتسموت في فبراير 1802، ومنها إلى لندن حيث تم إيداعه في مقر جمعية "دارسي الآثار" بلندن، وفي أواخر عام 1802 نقل الحجر إلى المتحف البريطاني حيث ظل به حتى اليوم.