الضعف أمام الله
«سَوَابِقُ الهِمَمِ لا تَخْرِقُ أَسْوارَ الأَقْدارِ».. حكمة تدور حول مصطلح فى غاية الأهمية هو «الهمم»، الذى يعرفه «الجرجانى» فى كتابه «التعريفات»، بأنه: «توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق، لحصول الكمال له أو لغيره».
أما «ابن عجيبة»، فيعرفها بقوله: «همة السالك هى القوة الباعثة له على السير، ووقوفها مع الشىء واعتقادها أن ما وصلت إليه هو الغاية أو فيه كفاية».
وقسمها الصوفية إلى ٣ مراتب، الأولى: همة تنبيه «إرادة»، وهى الباعثة على طلب الباقى وترك الفانى، والثانية همة إرادة «أنفة»، التى تورث صاحبها الأنفة فى طلب الأجر على العمل، حتى يأنف قلبه أن يشتغل بتوقع ما وعده الله تعالى من ثواب على العمل.
أما الثالثة: همة حقيقة «أرباب الهمم العالية»، وهى لا تتعلق إلا بالحق، ولا تلتفت إلى غيره، غاية وسلوكا، ويعرفها «ابن عربى» بأنها: «جمع الهمم بصفاء الإلهام، فتلك همم الشيوخ الأكابر من أهل الله الذين جمعوا هممهم على الحق».
إذن.. «الهمة» مرادف لـ«الدوافع والتحفيز» فى علم النفس، والذى يشير إلى «العوامل التى تعمل على تنشيط السلوك الموجه نحو الهدف وتوجيهه واستمراره»، أى أنها «الاحتياجات أو الرغبات التى تدفع السلوك وتشرح ما نفعله».
ونحن لا نلاحظ «الدافع»، وبدلًا من ذلك، نستنتج أن المرء موجود بناءً على السلوك الذى يفعله ونلاحظه، وفق جيفرى نيفيد، أستاذ علم النفس ومدير برنامج الدكتوراه فى علم النفس الإكلينيكى، فى جامعة سانت جون بنيويورك.
الخلاصة، أن الحكمة تشير إلى: مهما كانت دوافعك قوية ومتحفزة، فإنك لا تستطيع معرفة ماذا يخبئ لك القدر، ولن تستطيع اختراق الأسوار، كناية عن أن القدر له أبواب وأسوار إلهية، لا يستطيع العبد اختراقها، مهما بلغ من علم ومعرفة، لذا عليك أن تخضع للقدر، وتعلم أنك ضعيف أمام الله.