التفسير الإشارى والتفسير الظاهرى للقرآن الكريم
يرى ابن عربى أن علماء الدين جانبهم الصواب عندما قالوا: إن العلم لا يكون إلا بالتعلم، وأنهم أخطأوا فى اعتقادهم أن الله لا يعلّم من ليس بنبى ولا رسول، واستشهد بقول الله تعالى «يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ» وهى العلم، وجاء بـ«مَنْ» وهى نكرة.
ويطلق ابن عربى مسمى «علماء الرسوم» على علماء الدين الذين يعتمدون على ترديد ونقل ما ترك السلف من العلماء دون النظر مباشرة والتفقه فى كتاب الله.
ويرى أن المقلدين أو علماء الرسوم آثروا الدنيا على الآخرة، وآثروا جانب الخلق على جانب الحق، وتعودوا على أخذ العلم من الكتب ومن أفواه الرجال الذين من جنسهم، وأن الله قد جعل الدولة فى الحياة الدنيا لأهل الظاهر من علماء الرسوم، وأعطاهم التحكم فى الخلق بما يفتون به، وألحقهم بالذين يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون، فحجبهم ذلك عن أن يعلموا أن لله عبادًا تولى الله تعليمهم فى سرائرهم، بما أنزله فى كتبه وعلى ألسنة رسله، وهو العلم الصحيح عن العالم المعلم الذى لا يشك مؤمن أو غير مؤمن فى كمال علمه، واستشهد بالآية الكريمة «فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا» فى أثر قوله {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} فبيّن لها الفجور من التقوى إلهامًا من الله لها لتتجنب الفجور وتعمل بالتقوى.
ويورد قول على بن أبى طالب، رضى الله عنه، فى تفسير القرآن: «ما هو إلا فهم يؤتيه الله من يشاء من عباده فى هذا القرآن» فجعل ذلك عطاء من الله، يعبّر عن ذلك العطاء بالفهم عن الله.
ويرى أن الفقيه هو من يتفقه فى الدين وينظر فى كتاب الله ويفسره بما منحه الله من علم وبينة، فإن الله يقول: {لِيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.
قال أبويزيد البسطامى، مخاطبًا علماء الرسوم: «أخذتم علمكم ميتًا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحى الذى لا يموت»، يقول أمثالنا: حدثنى قلبى عن ربى، وأنتم تقولون حدثنى فلان.. وأين هو؟ قالوا: مات.. عن فلان، وأين هو؟ قالوا: مات.. والواهب لم يمت، وهو أقرب إليكم من حبل الوريد.
ويؤكد ابن عربى أن الاتصال بالله مستمر، وصلة الإنسان بربه لا تنقطع والفيض الإلهى والمبشرات ما سد بابها، والباب مفتوح، والعمل مشروع، والله يهرول لتلقى من إليه يسعى، وهو معهم أينما كانوا.
لذا على أهل الله ألا يكفوا الأخذ عن الله والحديث معه والتعامل المباشر مع نصوص القرآن الكريم.