ابحث عن عيوبك وتجنب الغرور
«تَشَوُّفُكَ إلى ما بَطَنَ فيكَ مِنَ العُيوبِ خَيْرٌ مِنْ تَشَوُّفِكَ إلى ما حُجِبَ عَنْكَ مِنَ الغُيوبِ».. المعنى الظاهرى للحكمة: قبل أن تبحث عن السلطة والجاه والمجد وماذا كتب القدر لك وما هو خفى عنك، ابحث عن عيوبك وتخلص من الحقد والشر والكذب والغيرة وسوء الظن والكبر.
ويعد التخلص من العيوب السيئة جزءًا نفسيًا وسلوكيًا معرفيًا، ويبدأ ذلك بالتخلص من الـ«هو» (ID)، والـ«أنا» (EGO)، وصولًا إلى الارتقاء لمرحلة الـ«الأنا العليا» (SUPER EGO).
وسبق أن أوضح عالم النفس الشهير سيجموند فرويد المقصود بالثلاثة مفاهيم: «الأنا- الهو-الأنا العليا»، باعتبارها الأنظمة الثلاثة المكونة للشخصية، لتعد الشخصية بذلك محصلة التفاعل بين تلك الأنظمة.
وما يهمنا فى ذلك التقسيم، هو دراسة الأنا المتهورة والمندفعة وغير المبالية بالعواقب، والتى تؤدى فى النهاية إلى الغلو فى الثقة بالنفس والانحراف عن العقلانية والواقعية فى السلوك والمبادرة والإنجاز.
ويعرف فرويد «الأنا» بالقول إنها «شخصية المرء فى أكثر حالاتها اعتدالًا بين (الهو) و(الأنا العليا)، والتى تقبل بعض التصرفات من هذا وذاك وتربطها بقيم المجتمع وقواعده»، موضحًا أن «الأنا» يمكنها أن تشبع بعض الغرائز التى تطلبها «الهو» فى صورة متحضرة يقبلها المجتمع ولا ترفضها «الأنا العليا».
وللإنسان نزوعات وميول نفسية منحرفة ومعيبة، قد لا تستطيع «الأنا» أن تتحكم وتسيطر على إفرازاتها وتداعياتها، وتتجسد النزوعات السلبية منها فى شكل أوهام وإرهاصات لا أساس لها فى الواقع.
ومن سمات ومؤشرات هذا التضخم والانحراف فى «الأنا»، بروز مجموعة من السلوكيات والتصرفات الغارقة فى الغرور والأنانية والفخر والاعتزاز بالذات بشكل مرضٍ وتعسفى على شروط الواقعية والموضوعية.
وقد يكون لانحراف «الأنا» عن واقع وآفاق الذات وعلاقتها بالواقع، له الأثر الكبير فى إخفاقاتنا وفى ضبابية رؤيتنا وعجزنا عن بلوغ أهدافنا بالشكل المطلوب والملائم لقدراتنا الشخصية وعلاقتها مع محيطها.
الخلاصة: الغرور والتكبر وعدم الرضا يجعلك ترتكب شرورًا ولا يجعلك صاحب نفس راقية، ليكون «ابن عطاء» بذلك قد وصل منذ أكثر من ١٠٠٠ عام إلى ما وصل إليه علم النفس الحديث.