انتخابات الرئاسة من منظور مواطن
ها قد انتهت الانتخابات، وكمواطن راقب عن بُعد عملية الانتخابات، ولا أقول الترشيحات للمنصب، فلهذا موضوع آخر ليس هنا مكانه، أضع بعض ملاحظاتى لا للنقد مع أهميته، ولكن للتبصر والمعالجة، فالمستقبل أمامنا والفرص متاحة والوطن غالٍ والشباب عماده والأطفال مستقبله والشيوخ خبرته، والرئيس مكلف والجيش عماده وحصنه وأمانه.
أما ملاحظتى الأولى، فهى علانية الموقف بكل أبعاده من حيث عدد الناخبين الذى لم يتجاوز العشرين مليونًا إلا بقليل، بينما تعداد الشعب يقترب من المائة مليون، ولو حصرنا من لهم حق التصويت، لتجاوز نصف المصريين، أى ما يزيد على الخمسين مليونًا، وعدد المصوّتين نحو أقل من نصف عدد من لهم حق إبداء الرأى. فهل لنا أن نقول للسيد الرئيس: هذا دورك ومسئولية سيادتك ومعاونيك من وزارة قد تكون جديدة، ومحافظين جدد بعد تعيينهم من سيادتك، وقد يجدد للمجددين والنشطين منهم. وكمتابع مهموم كغيرى من المواطنين، أضع بعض ملاحظاتى لا للنقد بقدر المساهمة فيما هو صالح لمصر العظيمة وشعبها الكريم.
أولًا: نسبة البطالة بين الشباب عالية، وحتى المنفذ الذى فتحه الشباب لإيجاد عمل عن طريق ما يعرف عالميًا باسم «أوبر»، وفى مصر من خلال «كريم» (وعالميًا باسم «لفت»)، فإننا إذا ما نظرنا إلى الولايات المتحدة بحجم تعدادها الذى فاق الثلاثمائة مليون، وعدد المشتغلين فى الشركتين، وهم بالملايين- ومنهم على سبيل المثال أحد أساتذة الجامعة الذى استقال من عمله ليعمل سائقًا بإحدى الشركتين، ويعلق أنه يحقق دخلًا ليس أقل من راتبه الجامعى، فضلًا عما فاز به من راحة البال- ثم نسمع أن مصر صدر بها حكم وقف هاتين الشركتين اللتين فتحتا البيوت وأعطتا الشباب المتعطل فرص الحياة الكريمة، دون تكلفة حقيقية على عاتق الدولة، فضلًا عن حل مشكلة كبيرة بين الشباب والشابات، فهل من حل يحفظ لقطاع كبير منهم كرامتهم وحياة كريمة لا تكلف ميزانية الدولة شيئًا؟.
أما المجال الثانى والذى يمثل عَصب الدولة ومستقبلها فهو التعليم: أتابع باهتمام شديد مستوى التعليم فى مصر وأقارنه ليس بأمريكا مع متابعتى لأحفادى ودراستهم بها، ولكن بدول العالم وكذلك أمريكا، فيخجلنى ذكر موقع مصر منها، ولا يخفى على سيادتكم موقعنا من العالم حتى التعليم الجامعى الذى وصلنا فيه إلى آخر القائمة. وقد يتذرع البعض ويقول: الميزانية لا تسمح، وهذا صحيح حتى إن النسبة التى أقرها الدستور لم تتحقق. وكأحد ذوى الخبرة فى التعليم أقول إن المشكلة ليست مالًا فقط، فهناك دول أكثر فقرًا وأفضل تعليمًا، فالمناهج ضعيفة وما ينفق على طباعة كتبٍ كان يُمكن الاستغناء عن أكثر من نصفها، لكن الأزمة فى طرق التدريس وتدنى الرواتب وازدحام الفصول وطرق التقييم.. إلخ.
ومن خبرتى فى التعليم لأكثر من نصف قرن كمعلم ومسئول عن قطاع كبير من التعليم عبر معظم محافظات مصر، أضع بعض الملاحظات التى يمكن الأخذ بها ممن يشاء ونؤمن أن بيدهم الحلول، وأضعها فى نقاط سريعة أهمها:
١- المعلم وتقديره ماليًا حتى يشبع احتياجاته الأساسية.
٢- االمناهج التعليمية وتحتاج لغربلة كاملة والتركيز على المعلم والسبورة.. وفى السنوات الأولى يمكن الاستغناء كلية عن الكتب المطبوعة والاعتماد على المعلم ومكتبة المعلم فى المدرسة والبيت. ٣- طرق التقييم والامتحانات، لا سيما فى المرحلة الأولى وتقع على المعلم والطفل والبيت. ٤- اليوم الدراسى الكامل، بمعنى أن الطفل يقضى من الثامنة صباحًا وحتى الثانية بعد الظهر فى المدرسة، ومع معلمته وهى معلمة واحدة تجيد تدريس كل المواد فى المرحلة الأولى. كما أن العطلة السنوية لا تتجاوز شهرين، فيبقى نحو عشرة شهور دراسة. ويكفينى أن أرى حفيدتى التى لم تتجاوز السنة الثانية بعد رياض الأطفال (والتى هى سنة واحدة فقط وليست سنتين كما ابتدعناها نحن) ومع ذلك فحفيدتى تقرأ جيدًا، وقلما يكون عندها واجبات منزلية بعد يومها الدراسى. ٥- المبانى المدرسية ليست أعمدة خرسانية وأدوارًا عليا كما فى بلادنا، صحيح أن الأرض عندنا شحيحة المساحة، ولكن يمكن التغلب على ذلك بالتخطيط السليم وحظر البناء فى المواقع التعليمية والمساحات الخضراء وتعليق الأدوار بطرق ملتوية، حيث توجد مافيا تجارة الأراضى، لا سيما البيوت القديمة المكونة من دور واحد، حيث يشتريها مقاولون بالمخالفة للقوانين، أو بالالتفاف عليها، وسرعان ما نجد البيت المكون من طابق واحد وعدد من الغرف لا يتجاوز الثلاث غرف أو الأربع، وقد أصبح برجًا سكنيًا مكونًا من أكثر من عشرة أدوار- وفى شهور معدودة- وفى الدور الواحد أكثر من شقة سكنية واحدة، والمقاول أو المشترى يكون قد ربح الملايين فى خلال بضعة شهور.. لن أنسى منظر سيدة مصرية مقيمة بالولايات المتحدة، وهى تبكى بسبب أزمة وقعت فيها، اشترت بيتًا غالبًا من مصرى آخر ومشكلتها أن البيت خضع للتفتيش، واكتشفت الخديعة وهى أن صاحب البيت، أى البائع، حوّل جراج السيارة إلى غرفة من غرف البيت ليضيف حجرة إضافية، والقانون لا يرحم، ولو كان الخطأ من البائع، لكن العبرة بمن يمتلك البيت عند التفتيش، والقانون لا يحمى الناس «الطيبين بزيادة».. سيادة الرئيس يطول الحديث وتتشعب المطالب، ولكن بقدر المشكلات والأزمات تُعْرَف الشعوب والرياسات.. أما سادسًا وما بعدها من الصحة والرياضة، فإلى مقال آخر، وكان الله فى عون الرئيس ومعاونيه لمواجهة مشاكل شعبهم.