السلام فى علم أصول الكلام
عُرف السلام وفق علم أصول الكلام مع مطلع القرن الحادى عشر لميلاد السيد المسيح حتى أطلق على هذا التاريخ «عصر العهد السلمى أو اتفاقيات السلام».
وكلمة السلام فى الأصل لاتينية وتعنى الاتفاق أو العهد. وأصل الكلمة فى «العبرية» «شالوم» ومعناها الكمال أو الشىء الصحيح أو الكامل.
أما فى اللغة العربية، فللكلمة معانٍ إضافية تعنى العدل والصحة السليمة والأمان والمظهر الجيد، كما تعنى كلمة السلام الترف والنعم والكمال والضمان، وجاءت كلمة سلام بمعنى الحظ الجيد والصداقة.
والسلام جاء بقصد التحية، كالسلام لكم، والسلام عليكم، وجاءت كلمة السلام بمعنى الوداع لعزيز فى وقت السفر، فنقول له مع السلامة، ونقصد له رحلة هادئة خالية من القلق والمتاعب، فنقول للمسافر عبارة «تصحبك السلامة».
وفى بعض الدول يقصدون إعلان الإرادة الحسنة والدعاء بالسلام والسلامة. كما يُستخدم التعبير لإعلان الهدوء وعدم الإزعاج، كما يُستخدم لوداع الموتى بالقول اذهب فى سلام.
كما جاء تعبير السلام فى القرآن الكريم وفى سورة البقرة «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين» سورة البقرة.
وتكررت كثيرًا كلمة السلام فى العهد القديم، أى قبل مجىء السيد المسيح، فجاءت كلمة سلام بمعنى الأمن وعدم القلق أو المخاوف لأى سبب ومن أى مصدر، ففى العهد القديم جاء هذا القول «سلام سلام للبعيد والقريب قال الرب»، «ويكون صنع العدل سلامًا».
ويتكرر تعبير السلام فيقول السيد المسيح «طوبى (بمعنى يالسعادة) صانعى السلام لأنهم أبناء الله يُدْعَوْن) و(عيشوا بالسلام، وإله المحبة والسلام سيكون معكم). وعن السلام فى البيت يقول «لُقْمَة يابسة ومعها سلام خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام»، ثم يقول النبى داود «حِدْ عن الشر واصنع الخير، اطلب السلامة واسْعَ وراءها». «أما الودعاء فيرثون الأرض ويتلذذون فى كثرة السلامة».
وهتفت الملائكة قائلة «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة»، وفى المعاملات الحياتية جاءت الوصية «إن كان ممكنًا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس». وفى عظة السيد المسيح على الجبل قال لآلاف السامعين «يالسعادة صانعى السلام لأنهم أبناء الله يُدْعَوْن»، ومن وصايا بولس رسول السيد المسيح يقول «عيشوا بالسلام وإله المحبة والسلام سيكون معكم».
وفى المعاملات الإنسانية والحياتية، وكما جاء أيضًا فى وصية أم لابنها، جاء القول «يا بنى لا تنس شريعتى بل ليحفظ قلبك وصاياى، فإنها تزيدك طول أيام وسنى حياة وسلامة».
وله هتفت الملائكة تردد الصوت «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة». وختام الحديث الذى يطول بأمنية إنسان مؤمن يقول عن نهاية حياته «الآن تطلق عبدك بسلام». ويطول الحديث عن هذه الأمنية التى يحتاجها كل إنسان، حكامًا وشعوبًا، جيران ورفاق عمل، أو رفاق طريق لأنشودة السلام هى متعة فى ذاتها لأن السلام مصدره الله ومنه ننال هذه العطية، ودورنا فى الحياة هو طاعة الخالق ونشر السلام فى كل أركان الحياة من البيت، للعمل، للجار والبعيد، للفقير والغنى على السواء.
إن تكرار ذكر السلام هو تاريخ العلاقة بين الخالق وخليقته. والإنسان عبر العصور يضع المسئولية الكبرى على الإنسان، كل إنسان، ليبذل جهده حتى يعيش العالم كله فى سلام، وبالسلام تبنى الأمم والشعوب، وتتوقف الحروب والخصومات، وتتحول الأموال الطائلة للشعوب الفقيرة، وعندئذ لن يكون هناك فقراء ومتسولون، بل تختفى جرائم السرقة والقتل، والحروب لا يكون لها مبرر، فلا أطماع فى احتلال، ولا نهب أو سلب على أى مستوى، فيسود السلام وتختفى المعارك والمكاره والانقسامات بين الشعوب وحتى فى داخل الأسرة الواحدة، فلا أطماع ولا أحقاد ولا جائع ولا عريان، وهذا هو ما يرضاه المولى خالق البشر بتنوعهم، لغة ولونًا وفكرًا وعقيدة، ولكن ما يجمعهم هو تعبير «إنسان»، فليتنا نعود إلى هذا الوصف الإلهى «إنسان».