محمد فودة يكتب: أسرار «العهد الجديد» للإعلام فى 2018
«ماسبيرو» يعود بقوة لصدارة المشهد.. و«دي إم سي» في طريقها للريادة.. و«المحور» تجتذب الجماهير بالنجوم الجدد لـ«90 دقيقة»
يشهد الإعلام المصرى برافديه الرسمى والخاص، تغييرا واضحا يستقبله العام الجديد، بعد أن ظهرت بوادره القوية فى العام الماضى، ما شكل تطورا نوعيا فى القنوات، ستتجلى مظاهره خلال الأيام القليلة المقبلة.
وربما كانت خريطة الإعلام الحكومى والخاص، تحتاج فعليا لتغيير الدماء، ولتجديد الأركان التى ترتكز عليها، بعد أن شهدت تراجعا خلال السنوات الماضية.
ولا أقصد بالتراجع، أيا ممن كانوا يمتلكون زمام الأمور من قبل، فكثيرون ممن خرجوا من المشهد الإعلامى كانت لهم أياديهم البيضاء، فى تقديم دور وطنى من خلال الإعلام.
وربما يكتب ما يحدث على الساحة منذ العام الماضى، عهدا جديدا للإعلام المصرى، وهو ما أتمناه ويتمناه كل مصرى، يريد أن يعود الإعلام المصري لمكانته وريادته، ويكون له دور فى التأثير وصناعة مستقبل أفضل.
وأشعر أيضا باستقرار نوعى مع بداية العام الجديد، لعودة التليفزيون المصرى لمكانته، فقد بدأ ماسبيرو بالفعل، يشهد نهضة كنا نسمع عنها كثيرا.
وأرى أن ظهور تلك الطفرة أصبح قريبا، بتغييرات باتت واضحة، من خلال الإعلان عن خطة القناة الأولى، ببرامج جذابة وإعلانات تتسابق عليها، فلا حديث الآن إلا عن برنامج «التوك شو» الرئيسى الذى سيقدمه الإعلاميان خيرى رمضان ورشا نبيل، وكلى تفاؤل أنا وكثيرون مثلى، بنجاحه وانجذاب المشاهدين إليه.
أعتقد أن المشهد الإعلامى سيختلف كثيرا عما قبله، وأمنياتى أن يختلف للأفضل، وأن ينتج عن التغيير برامج مؤثرة وقوية، ليست فقط فى مجال «التوك شو»، ولكن فى كل المجالات.
وربما يكون انتقال بعض الإعلاميين بين الشاشات، وتغيير ملكيات القنوات والكيانات الإعلامية، فى صالح المشاهد، وخطوة فى اتجاه إصلاح حال الإعلام المصرى ككل.
الراحلون والجالسون الجدد على عرش المشهد الإعلامي
ولا شك أن مجال الفضائيات، خلال هذه الفترة، يشهد تغييرات هى الأكبر على الإطلاق، إذ شهد العام الماضى أرقاما قياسية بمحتوى التعاقدات والانتقالات.
وشهد العام، أيضا، تغيير ملكيات القنوات الخاصة، والإعلاميين الذين ابتعدوا عن المجال، ومنهم السيد البدوي، المالك السابق لـ«الحياة»، بعدما حل مُلاك جدد مكانه، وكذلك سعيد حساسين، النائب البرلماني، المالك السابق لقناة «العاصمة»، أحد الراحلين عن سوق الميديا في أغسطس 2017.
ورحل كذلك وليد العيسوى، الذى ترك منصبه فى قنوات «cbc»، دون أي بيانٍ رسمي، بل كان خروجه هادئًا بالتوافق بين الطرفين، وترك فراغا كبيرا فى قنوات «سى بى سى»، حيث يعد أمهر من عملوا فى سوق الإعلام بمصر، وصاحب الريادة فى هذا المجال.
وابتعد كذلك الدكتور عماد جاد، في هدوء عن بعد أن تقدم باستقالته في أبريل الماضي، من منصبه كرئيس مجلس إدارة قناة «ten»، وتسلم مهام منصبه بعده الإعلامي نشأت الديهى.
واختفى من المشهد أيضا عماد ربيع، المنتج الفني الذى خرج من منصبه، كمدير تنفيذي لشبكة قنوات «dmc» في أكتوبر 2017.
ومن المتوقع أن تشهد الساحة الإعلامية منافسة شرسة خلال الفترة المقبلة، بين القنوات الخاصة، مع تغيير الخريطة والسوق الإعلامية.
ولا يمكن أيضا إنكار الدور المهم، الذى لعبه المهندس محمد الأمين فى أثناء ثورة يناير ٢٠١١، حيث ظهرت «سى بي سى» ولعبت دورا وطنيا كبيرا وحققت نجاحا، ولا يزال بإدارته الحكيمة، يحاول التغلب على العثرات التى تعترض القنوات.
كما لا يمكن إغفال دور رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، الذى خرج من مشهد الإعلام فى أواخر ٢٠١٧، واستطاع أن ينهض بقنوات «أون تى فى» لفترة، وكانت له محاولات محسوبة فى تطويرها، وحققت بذلك نجاحا وإقبالا جماهيريا.
وضمت القناة نجوما على شاشتها حتى الساعات الأخيرة، قبل بيع المجموعة، وقبل أن تستحوذ شركة «إيجل كابيتال» للاستثمارات المالية، والتى تترأس مجلس إدراتها داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار السابقة، على «إعلام المصريين» وأسهم أبوهشيمة.
ومن المتوقع أن يستمر نجاح القناة عقب بيعها، نظرا لإسناد إدارتها إلى أسامة الشيخ.
واستطاع أبو هشيمة، فى وقت من الأوقات، أن يكون له دور مهم فى الطفرة التى حققتها مؤسسة اليوم السابع، بتطويرها.
أبرز ملامح التغيرات في شاشات القنوات الخاصة
أرى أن سوق الميديا في مصر تستقبل العام الجديد 2018، بالعديد من التغييرات، ونقاط التحول، التي دفعت بشخصيات بارزة للخروج من السوق على نحو لم يتوقعه الكثيرون، إضافة إلى إحياء قنوات أخرى كانت على وشك الخروج نهائيا من المشهد الإعلامى.
وعلى سبيل المثال، تغيرت ملكية قناة الحياة، وبدأ ياسر سليم بالفعل فى ممارسة مهامه كعضو منتدب، ومدير تنفيذي لمجموعة قنوات الحياة والعاصمة، بعد أن انضمت مجموعة شركات «بلاك آند وايت» للشركة القابضة.
وأرى أنه بتغير ملكية قناة «الحياة»، فقد عادت إليها الحياة من جديد، خاصة أن رصيد القناة لدى المشاهد ما زال موجودا.
وشهدت قناة المحور أيضا، تطويرا خلال 2017، بدأ بتجديد الدماء ببرنامج «90 دقيقة»، الذى يعد من أقوى برامج «التوك شو»، التى ارتبط بها المشاهد، خاصة بعد أن استعانت بالإعلامى الدكتور محمد الباز، الوافد الجديد فى عالم الـ«توك شو» لتقديم البرنامج، وأثبت نجاحا خلال الشهور الماضية، بعد انتهاء عقد الإعلامى معتز الدمرداش.
واستقرت «المحور» على أن يقدم الباز، البرنامج، ٣ أيام أسبوعيا، وتقدم الإعلامية جيهان لبيب يومين، ليتقاسما معا تقديم «٩٠ دقيقة»، فيما تعتمد «المحور» أيضا على رصيد كبير من المسلسلات، والأفلام العربية، التى تجذب المشاهدين، إضافة إلى تغييرات جديدة فى شكل ومضمون البرامج خلال الفترة المقبلة.
ولم يتضح المشهد في قنوات «النهار» بعد، فبرغم تماسكها منذ فترة، إلا أنها تشهد أزمات حقيقية، منها تأخر مستحقات العاملين، وترك الإعلامى خيرى رمضان، أحد أهم مذيعى الـ«توك شو»، شاشتها.
وربما يكون 2018 العام الأفضل لـ«النهار»، خاصة أن مالكيها يبذلون جهدا لاستنهاضها، بضم معتز الدمرداش إليها، لتقديم برنامج «آخر النهار» مع الإعلاميين خالد صلاح، وجابر القرموطى، إضافة إلى الإعداد لانضمام الإعلامى محمود سعد لشاشتها، مع بداية فبراير المقبل، فى الوقت الذى ينفى فيها ملاكها أى نية لبيعها.
وإذا نظرنا لقنوات «دى إم سى» فلا يمكن القول إنها لم تحقق تجاوبا مع المشاهد، بل فرضت اسمها فى فترة قصيرة، وإن كان المتوقع لها قبل بثها، هو الريادة وليس النجاح فقط، خاصة بعد رصد الملايين لتعاقدات النجوم.
وأسندت «دى إم سى» رئاسة الشبكة إلى هشام سليمان، وتنسق حاليا للعمل على بعض القنوات الجديدة، التى دشنت، وتأخر إطلاقها، فيما يشهد العام الجديد انطلاق قناة «دى إم سى نيوز» وهى القناة الإخبارية التي ستنافس بها الشبكة.
وأبرمت «دى إم سى» اتفاقية تعاون مع عدة هيئات، تعنى بالمسرح، وتعاقدت على بعض العروض الجديدة.
لا تزال الصورة أيضا غير واضحة، حول قناة «دريم»، التى رحلت عن شاشتها الإعلامية رشا نبيل، والتى حققت نجاحا ملحوظا ببرنامجها «كلام تانى»، وكانت تحقق به أعلى نسب مشاهدة، برغم الأزمة المادية التى عايشها فريق العمل منذ عدة شهور.
ولا تزال القناة لم تستقر بعد على بديل لرشا، بعد انتقالها لماسبيرو لتقدم على شاشته برنامج «مصر النهارده»، وما زالت «دريم» فى مرحلة التمهيد للتغيير المقبل.
وبرغم التوتر الحادث فى المنطقة، فإن مجموعة «إم بى سى مصر» لا تزال تحفظ توازنها، وتتميز بالتجديد ببرامج المواهب، والمسلسلات الحصرية، وتحقق توازنا بين البرامج الجديدة، والقديمة التى يتم الاستغناء عنها، وكذلك الحال بالنسبة للمذيعين.
وهنا أؤكد أنه من المتوقع أن تشهد الساحة الإعلامية خلال 2018، منافسة شرسة بين القنوات الخاصة، ودخل فى هذه المنافسة «ماسبيرو»، وذلك مع تغيير الخريطة، والسوق الإعلامية التى شهدتها القنوات فى الشهور الأخيرة.
فتلك الصفقات المتلاحقة من بيع وشراء القنوات، تجعل السوق الإعلامية، فى حالة تأهب مستمر، وتعود بالمنافسة بين القنوات مرة أخرى، لاجتذاب أكبر قدر من المشاهدة.