إرهاب الغرباء.. «الدستور» تحقق فى استغلال التكفيريين الشقق المفروشة بالمحافظات
رغم كل الضربات الأمنية الناجحة ضد الإرهاب وتنظيماته المختلفة، إلا أن هذه التنظيمات تظهر من فترة لأخرى، لتنفيذ عملية توقع بها ضحايا جددا، فى حربهم الخبيثة ضد مصر، مستغلة فى ذلك عددا من أفرادها ممن تعرضوا لعملية «غسل دماغ» كاملة.
ومع كل عملية، دائما ما يتم البحث عن الإرهابيين، وأفكارهم وعقائدهم المتشددة، لكن هناك جانبا خفيا لهذا الإرهاب، يتمثل فى الشقق، التى يختبئون بها أثناء تخطيطهم لتلك العمليات، إلى جانب الدراجات النارية غير المرخصة، التى تكاد تكون عاملا مشتركا فى معظم العمليات الإرهابية.
ومما يزيد من خطورة هذا الملف، أن القانون «٣٧١ لسنة ١٩٥٦» بشأن «الإيجار الجديد» يعاقب مالك الشقة غير المبلغ عن بيانات مستأجريها فقط بالحبس أسبوعين، أو غرامة ٥ جنيهات.
«الدستور» ترصد فى السطور التالية فوضى الشقق المفروشة، التى يتم تأجيرها لـ«غرباء» عن المنطقة الواقعة فيها، دون أى أوراق تثبت هوياتهم، وذلك بعيدا عن أعين رجال الأمن، ما يسهل من مهمة الإرهابيين فى اتخاذها أوكارًا، وهو ما اتضح فى أكثر من واقعة، كان أهمها ضبط خلية فى منطقة «أرض اللواء» بالجيزة.
البحيرة.. سماسرة: توثيق البيانات ليس مسئوليتنا.. وحسن النية يحكمنا
دفعت واقعة القبض على وزير التموين الإخوانى باسم عودة فى نوفمبر ٢٠١٣ مختبئًا فى مدينة «وادى النطرون»، الأجهزة الأمنية فى محافظة البحيرة، إلى إدراك خطورة ظاهرة «الشقق المفروشة»، خاصة فى المدن ذات الطبيعة الصحراوية، مثل «النوبارية» و«بدر» و«وادى النطرون»، التى تستخدمها العناصر الإرهابية وكرًا ومأوى بعيدًا عن أعين الأمن.
وقال اللواء علاء عبدالفتاح، مدير أمن البحيرة، إن الأجهزة الأمنية تشن حملات مفاجئة على «الشقق المفروشة» بمركز «بدر» ومدينتى «النوبارية» و«وادى النطرون»، بجانب تكثيف الوجود الأمنى بالمدن الجديدة والمناطق الصحراوية المتاخمة لها، مشيرًا إلى إلقاء القبض على عدد كبير من العناصر الإرهابية بهذه المدن.
وطالب مدير أمن البحيرة، مالكى «الشقق المفروشة» بالتوجه لأقرب قسم شرطة وتقديم البيانات اللازمة للمستأجر الجديد، حتى تستطيع الجهات الأمنية المختصة التحرى عن قاطنى الشقق والتأكد من هويتهم، وهو ما يعمل على شل قدرة الجماعات الإرهابية على استخدام هذه الشقق وكرًا أو مخبأ لإعداد المواد المتفجرة.
من جانبه، قال فوزى محمود، سمسار، إن دوره يقتصر على الوساطة بين المؤجر والمستأجر، ويحصل على عمولته فور كتابة العقد، ومن ثم تنتهى علاقته بالشقة، أما بيانات المستأجر فهى من اختصاص مالك العقار.
وأضاف: «كثيرًا ما يكون صاحب العقار غير موجود، وبالتالى يؤجر السمسار الشقة دون أى عقود»، مؤكدًا أن ذلك يتم بحسن نية، والمهم هو الحصول على العمولة.
بدوره، قال أحمد سالم، مالك إحدى الشقق المفروشة فى دمنهور: مع بداية العام الدراسى أجرت الشقة لمجموعة من الطلبة، لكن مع مرور الوقت بدأت تظهر العديد من المشاكل، فالجيران اشتكوا من تحرش الطلبة بفتياتهم، إلى جانب إحضار فتيات ليل إلى الشقة، ما جعلنى أفسخ العقد معهم مع انتهاء الفصل الدراسى الأول».
وأضاف سالم: «أجرت الشقة مفروش للطالبات المغتربات، فى الفصل الدراسى الثانى، وبعد أسابيع اتصلت بى طالبة لتشتكى من معاكسة أبناء الجيران لها، فقررت بيع الشقة».
قنا.. حملات يومية لفحص «النزلاء»
قال محمد صبرى، سمسار فى محافظة قنا، إن الشقق المفروشة يتم تأجيرها لفترات زمنية تبدأ بـ«يوم» حتى شهر، أو حسب الراغب فى السكن، وذلك عقب الحصول منه على الأوراق الرسمية، سواء بطاقة الرقم القومى، أو عقد الزواج إذا كانت برفقة فتاة ستسكن معه داخل الوحدة السكنية.
وأضاف السمسار: «يتم إبلاغ الأجهزة الأمنية، وتقديم صورة من العقد الموقع بين الأشخاص والمؤجرين، إلى جانب صورة بطاقة الرقم القومى، خوفًا من أن يكون المستأجر هاربًا من العدالة، أو متهمًا على ذمة أى قضايا إرهابية أو جنائية». وكشف عن أن أسعار اليوم الواحد للشقق يتراوح بين ٧٠ و١٠٠ جنيه، لافتًا إلى أن المؤجر يأخذ جميع الاحتياطات تجاه المستأجرين، بهدف إجراء متابعة دورية له، فضلًا عن التأكد من وظيفته سواء حكومية أو عاملًا مغتربًا، بالإضافة إلى مخاطبة جامعة جنوب الوادى، للتأكد من إذا ما كان طالبًا مغتربًا فى الجامعة أم لا.
فى سياق متصل، بدأت الأجهزة الأمنية فى محافظة قنا، منذ أيام، فى شن حملات ومداهمات أمنية على الشقق المفروشة فى مدن ومراكز المحافظة المختلفة، وذلك لضبط أى خارجين على القانون أو إرهابيين يقيمون داخل تلك الشقق، بعيدًا عن أعين الأجهزة الأمنية.
وقال مصدر أمنى: «الأجهزة الأمنية تداهم العديد من الشقق المفروشة، ليس فقط بعد الحادث الإرهابى، الذى شهدته منطقة أرض اللواء، ولكن من قبل ذلك بفترة كبيرة».
الفيوم.. الأمن يفرض سيطرته على «كيمان فارس»
يعد حى «كيمان فارس» بمحافظة الفيوم، من أخطر مناطق المحافظة أمنيًّا، وذلك بسبب انتشار ظاهرة تأجير الشقق المفروشة، خاصة فى مساكن «السكة الحديد» التى لا تبعد عن نقطة شرطة «مبارك» سوى خطوات قليلة، وهى أخطر التجمعات السكنية بالحى، فأغلب تلك الشقق يؤجرها أصحابها دون إخطار الجهات الأمنية. وبعد أن كشفت تحريات فرع الأمن الوطنى بالفيوم، عن خطورة تلك المساكن والشقق التى يتم تأجيرها بنظام المفروش، كثفت الأجهزة الأمنية من جهودها لفحص جميع الشقق، وتم استدعاء سماسرة المنطقة وفحصهم أمنيا وتحذيرهم من تعرضهم للمساءلة الجنائية، فى حالة تأجيرهم أى شقة بنظام المفروش، دون إخطار مسبق للجهات الأمنية. وكان فرع الأمن الوطنى بالفيوم قد سبق أن تمكن من ضبط عدد من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية بعد عقدهم لقاءات تنظيمية داخل شقق تم تأجيرها بمساكن السكة الحديد بمنطقة كيمان فارس.
أما أخطر القضايا التى تعامل معها الأمن فكانت بالقرب من مساكن المرور، عندما تم ضبط طبيب نساء وتوليد افتتح عيادة طبية، بالقرب من المنطقة الواقعة بين مساكن المرور ومنشأة عبدالله، وتبين فيما بعد أنه يتزعم خلية إرهابية تابعة لما يسمى «الحراك المسلح» لجماعة الإخوان الإرهابية، فتمت مداهمة العيادة لضبط الطبيب الإرهابى، إلا أنه بادر بالاعتداء على قوات الأمن، فتعاملت معه وتمكنت من تصفيته.
الدقهلية.. توزيع نشرة بـ«المطلوبين» على الفنادق والسماسرة
عقب تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية نهاية عام ٢٠١٣، أجرى جهاز الأمن الوطنى بالمحافظة، بالتنسيق مع إدارة البحث الجنائى، حصرا كاملا لجميع الفنادق على مستوى المحافظة، واستدعى كل رؤساء المباحث جميع السماسرة وحراس العقارات السكنية، لمطالبتهم بضرورة الإبلاغ عن أى إجراءات تعاقدية لسكان جدد بالمنطقة، مع تسليم صورة من عقد الإيجار وصورة بطاقة الرقم القومى للمستأجر.
وقال مصدر أمنى رفيع بمديرية أمن الدقهلية، إن تلك الإجراءات ساهمت بشكل كبير فى الحد من انتشار الهاربين وأعضاء الخلايا العنقودية للجماعات الإرهابية التى تسعى لمحاولة زعزعة الاستقرار.
واضاف المصدر: «فى السابق كان البعض يلجأ إلى استئجار الشقق المفروشة، وتحديدا تلك التى على مقربة من الأهداف الحيوية، حتى يسهل له التنقل والتعرف على المنطقة، وإعداد الكروكيات اللازمة لتنفيذ نشاطه الإرهابى، إلا أن الإجراءات الجديدة المتبعة قلصت ذلك تماما، وبدأ البعض منهم فى الهرب إلى الدروب الصحراوية بعيدا عن الأعين».
وأوضح أن المديرية من وقت إلى آخر تعد نشرة كاملة، تتضمن صورًا لبعض العناصر الإرهابية المطلوبة، لتوزيعها على الفنادق والسماسرة للتعرف عليهم حال ترددهم، على أن يتم التعامل معهم بشكل طبيعى، كى يشعروا بالطمأنينة ومن ثم يتم إلقاء القبض عليهم.
فى السياق ذاته، يشتكى أهالى قرية «نشا»، التابعة لمركز «نبروه»، من الارتفاع الجنونى لأسعار العقارات والأراضى الزراعية، بسبب المضاربات من عناصر الجماعة الإرهابية وتجار المخدرات على تلك الشقق.
وقال الأهالى إن بداية الارتفاعات كانت عام ٢٠١٢ بعد عودة أعداد كبيرة من المنتمين للإخوان من دول الخليج، ورغبتهم فى السيطرة على سوق العقارات والأراضى، مشيرين إلى أن سعر المتر وسط القرية وصل إلى ٣٠ ألف جنيه، فيما يبلغ قيمة قيراط الأرض الزراعية ٤٠٠ ألف جنيه.
المنيا.. الاستعانة بالمخبرين وشيوخ الحارات لرصد المستأجرين
قال مصدر أمنى فى محافظة المنيا، إن الكثير من أصحاب الشقق المفروشة الذين يؤجرونها للطلاب والمغتربين لا يبلغون أجهزة الأمن المختصة عن عقود تأجيرها، لذلك لا يوجد حصر أو رقم حقيقى وواقعى بعدد هذه الشقق، وهو ما يجعل الأجهزة الأمنية تعتمد على مصادرها الخاصة من مخبرين ومرشدين وشيوخ الحارات، للكشف عن الغرباء الذين يتسأجرون تلك الشقق.
وأرجع المصدر عدم إبلاغ أصحاب الشقق المفروشة عن تأجير شققهم إلى خوفهم من الحملات الأمنية المستمرة على هذه الشقق، لافتًا إلى أن بعض أصحاب الشقق يحاولون التهرب من الضرائب أو عمولات السماسرة.
وأشار إلى أن هناك حملات أمنية تنفذها أجهزة الأمن ممثلة فى الأمن العام وفرع الأمن الوطنى بالمحافظة على هذه الشقق بصورة دائمة للتحرى عن مستأجريها، لافتًا إلى أن هذه الحملات سبق وتحفظت على ٩٠ شخصًا داخل ٣٢ شقة مفروشة بمدينة المنيا الجديدة، وذلك فى إطار فحص مرتادى الشقق المفروشة جنائيًا وأمنيًا.
ولفت إلى أن التحريات الأولية للبحث الجنائى كشفت عن عدم تورطهم فى قضايا جنائية، فتم التحفظ عليهم لفحصهم من خلال جهاز الأمن الوطنى، مشيرًا إلى أن هناك خطة لمديرية الأمن لفحص الشقق المفروشة الموجودة بالمدن الجديدة، وذلك للتأكد من سلامة الموقف الأمنى لقاطنيها وعدم تورطهم فى قضايا جنائية أو سياسية.
من جانبه، قال «علاء»، مدرس ويعمل بالخارج، إنه عندما يعود بأسرته فى إجازة للمنيا يستأجر شقة عن طريق سمسار، الذى يحرر عقدًا بالمدة التى يقيم بها فى الشقة، وعادة ما يتم استدعاؤه من قبل الأمن لسؤاله عن سبب استئجار الشقة، وماذا يعمل وفى أى مكان؟.
الإسكندرية.. التفتيش لا يكون إلا بـ«بلاغ».. و«الإيجار الجديد» فى صالح الإرهابيين
ألقت أجهزة الأمن فى محافظة الإسكندرية، خلال مايو الماضى، القبض على ٦ عناصر فى شقة بمنطقة «العوايد»، لتورطهم فى تنفيذ أعمال إرهابية منها استهداف دور العبادة المسيحية خلال الأعياد.
كما داهمت قوات الأمن بالإسكندرية فيلا بمنطقة «برج العرب»، اتخذتها خلية إرهابية وكرًا للتخطيط للعمليات الإرهابية، وتمكنت من اقتحامها بعد تبادل إطلاق النيران مع عناصر الخلية.
وعلق مصدر أمنى على تلك الظاهرة قائلًا: «معظم الشقق التى يتم استئجارها لمثل تلك العمليات تكون فى مناطق نائية أو جديدة وبعيدة عن مناطق التكدس، فلا يعرف سكان تلك المناطق بعضهم بعضًا، ما يُسهّل على العناصر الإرهابية الاختباء».
وأكد المصدر أن هناك تعليمات مشددة من الأمن لأصحاب الشقق بالتحقق من شخصية المستأجر، والاحتفاظ بصورة من تحقيق شخصيته، ومراجعة الأمن كلما جاء مستأجر جديد، لكن لكثرة أعداد تلك الشقق يصعب المتابعة الدورية والتفتيش عليها من قبل الأمن إلا فى حال وجود بلاغ.
وأشار إلى أن المناطق المتطرفة من الإسكندرية امتلأت بالعمارات السكنية المفتوحة للإيجار طوال العام، ويتولى فى العادة بواب العمارة تأجير وتحصيل العائد للشقق فى غياب أصحابها دون التحقق من شخصية المستأجر.
وكمحاولة للتحقق من تصريحات المصدر، التقت «الدستور» «عبدالوهاب محمد» أحد البوابين بمنطقة العجمى، وأخبرناه برغبتنا فى تأجير شقة لمدة أسبوع، واتفق معنا على مبلع ٢٠٠ جنيه يوميًا دون أن يطلب الاطلاع على البطاقة الشخصية، كما تحققنا من أن نظام الإيجار فى المنطقة مفتوح لأى جنسية سواء عربية أو أجنبية.
من جانبه، قال محمد السوهاجى، سمسار فى منطقة «سيدى بشر»، إن السماسرة ينقسمون عدة أنواع، فهناك من يعمل فى تأجير الشقق المفروشة للطلبة المغتربين خلال فترة الدراسة وبعد ذلك يتم تأجير الشقق للمصطافين، وهناك سماسرة تفضل العمل الثابت كتأجير الشقق بالأشهر للعائلات أو الأفراد، وهناك من يفضل العمل على الزبائن التى تحب أن تقضى ليلة واحدة أو أكثر.
وأشار سمسار سيدى بشر، إلى أن الشرطة دائمًا ما تداهم الشقق المفروشة للتأكد من خلوها من أى مخالفات سواء كانت متعلقة بالآداب العامة أو بالعمليات الإرهابية، لافتًا إلى أن قانون الإيجار الجديد يسهل من عملية تأجير الشقق لمدد زمنية قصيرة، وهو ما يسهل من استغلال الشقق.
دمياط.. مواطنون: نخشى السير فى «دمياط الجديدة» بسبب «الأغراب»
فى محافظة دمياط، تتمركز أغلب الوحدات السكنية الفارغة فى «كفر سعد»، و«دمياط الجديدة»، والتى أصبحت مأوى للخارجين على القانون، ولعناصر تنظيم الإخوان الإرهابى، الذى لجأ إلى تلك الوحدات لهدوء تلك المناطق، ذلك الهدوء الذى يقطعه طلقات النيران، وتبادلها ما بين أفراد الشرطة وعدد من عناصر التنظيم المختبئين داخل إحدى تلك الشقق.
وعادة ما يتخذ الهاربون من القانون وعناصر التنظيم الوحدات السكنية بمشروعات الإسكان الاجتماعى، مأوى لهم، فهم يخشون الاقتراب من عمارات الأهالى، ويفضلون الوحدات أو كما يُطلق عليها «المساكن»، نظرا لأن أغلب ملاكها لا يسكنون بها ويؤجرونها.
فى أبريل الماضى، شنت الأجهزة الأمنية بدمياط بالتنسيق مع فرع جهاز الأمن الوطنى حملة مصحوبة بتعزيزات من الأمن المركزى، لمداهمة شقة فى مشروع «مبارك للإسكان الاجتماعى» فى «كفر سعد»، لضبط أحد عناصر حركة «حسم» الإرهابية، حيث وقعت اشتباكات بالأسلحة النارية، وتبادل لإطلاق النار بين قوات الأمن والعناصر المطلوبة، أسفر عن مقتل السيد غازى كحلة، ٣٢ سنة، حاصل على معهد فنى تجارى، وهو المتورط بوضع عبوة ناسفة شديدة الانفجار بإحدى أسواق «رأس البر».
يقول محمد عبدالهادى، أحد مواطنى مدينة دمياط الجديدة، إن الأهالى عادة ما يخشون السير بمنطقة «إسكان مبارك»، لأنها عبارة عن وحدات سكنية جديدة يسكنها القليل من الأهالى والكثير من الأشخاص من خارج المدينة، وبمعنى أدق، يطلق عليهم أغراب، من محافظات أخرى، مثل الصعيد، فالظاهر للأهالى أنهم عمال يعملون بورش الموبيليا أو بالميناء أو بالمصانع، وقد يلجأون لتأجير تلك الشقق من عدد من السماسرة.
ويضيف: «هناك ٣ سماسرة يوزعون تأجير الشقق بإسكان مبارك فيما بينهم، فيستلمون الشقة من مالكها الأصلى ويدفعون له مبلغا من المال، ثم يؤجرون الشقة من الباطن كمفروشة أو خالية من الفرش، والإيجار يكون إما بالشهر أو بالسنة، وبمبلغ أكبر بكثير مما دفعوه لمالكها الأصلى، ولا نعرف شيئا عن هؤلاء المستأجرين، ومنهم هاربون من تنفيذ أحكام، ونكتشف ذلك عند مداهمة الشرطة لهم فى إطار حملاتهم لتنفيذ الأحكام القضائية». وتقول لمياء عاطف، موظفة بكفر سعد: «ليس كل المستأجرين بوحدات الإسكان الاجتماعى بدمياط بشكل عام من الخارجين على القانون، فهناك أسر من محافظات مختلفة تأتى للعمل بدمياط وتستأجر، لكن عقب ثورة ٣٠ يونيو اتخذت عناصر وقيادات تنظيم الإخوان بدمياط، من الوحدات السكنية الخاصة بمشروع الإسكان الاجتماعى وكرا لهم، وكان آخرها ما حدث من تصفية لأحد عناصر تنظيم (حسم) الإرهابى».
الإسماعيلية.. التأجير من يوم لشهر.. والمسئول الأول حارس العقار
جاء تمكن الأجهزة الأمنية من ضبط أكبر مصنع متفجرات فى قرية «أبوعطوة» القريبة من مدينة الإسماعيلية، داخل أحد المنازل «المؤجرة» لمتهم هارب- ليعكس خطورة تلك الظاهرة.
قال «محمد دنجل»، أحد سماسرة العقارات فى المحافظة: «بعض أصحاب الشقق السكنية يستهدفون كسب المال فقط، لذلك يؤجرون تلك الشقق للشباب دون أى توثيق لبيانات المستأجرين، وبالتالى يمكن استخدامها أوكارًا لإرهابيين».
وألقى ياسر محمود، صاحب مكتب عقارات، الضوء على نقطة هامة، تتمثل فى أن بعض المُلاك يفوضون حراس العقارات، لتأجير الشقق المملوكة لهم، فيؤجرون بدورهم تلك الشقق لأى عابرين لمدد من يوم إلى شهر، دون أى شروط أو توثيق، أو حتى معرفة هوية الراغب فى السكن.
وحذر «محمود» من خطورة تأجير الشقق لمستأجرين دون أى وثائق رسمية، لأن ذلك يعوق مهمة الأمن فى تعقب المنتمين للخلايا الإرهابية، مضيفًا: «كثير من حوادث السرقة والقتل والإرهاب مصدرها هذه الشقق المؤجرة».
فى المقابل، أكد «الأمير محمد»، سمسار: «كل مرة نرسل صورة البطاقة وعقد الإيجار إلى قسم الشرطة، ولو كان المستأجر غير مصرى يتم إرسال جواز سفره أيضا»، لافتًا إلى أنه يتواصل مع حارس العقار وفرد الأمن لمتابعة تحركات المستأجر، وفى حالة وجود أى تحركات مريبة يتم إبلاغ الشرطة فورًا.
من جهته، قال مصدر أمنى إن ٧٠٪ من جرائم الإرهاب تشهد استغلال الشقق المفروشة، مشيرًا إلى أن الإسماعيلية بها مناطق كثيرة غير مأهولة بالسكان، لكن يوجد بها عمارات يتم تأجير شققها بنظام «المفروش» لمدد زمنية مختلفة، ومن بينها منطقة «أرض الجمعيات» و«مدينة المستقبل».
وأضاف: «هناك ملاك يتساهلون فى التسكين مع المستأجر طالما سيلتزم بدفع الإيجار المتفق عليه، دون اهتمام بمعرفة شخصيته أو إمكانية استخدام الشقة فى أعمال تتعارض مع القانون».
وشدد على ضرورة أن تحصل أجهزة الأمن على جميع البيانات الشخصية للمستأجر وصورة من بطاقة الرقم القومى الخاصة به، ونسخة من عقد الإيجار، إضافة إلى بيانات جميع المتواجدين معه والسماسرة وأصحاب الشقق وحتى حراس العقارات.
وطالب بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية، ومنع تأجير أى شقة قبل الحصول على موافقة أمنية، وتسجيل بيانات حراس العقارات بمديريات الأمن للحد من انتشار الإرهاب، مختتمًا: «كل منطقة تتبع لأحد أقسام الشرطة، ويوجد فى كل قسم مكتب للمباحث مختص بمتابعة تأجير الشقق».
الأقصر.. فحص 50 شقة مفروشة و20 فندقًا شعبيًا فى اليوم
تخضع الشقق المفروشة والفنادق السياحية والشعبية بمحافظة الأقصر، للكثير من التشديدات الرقابية والأمنية، منعًا لاستخدامها فى أى أغراض مخالفة للقانون.
وقال مصدر أمنى لـ«الدستور» إن طبيعة محافظة الأقصر السياحية فرضت وجود العديد من الوافدين إليها سواء من المحافظات الأخرى للعمل أو للدراسة، أو من السائحين الذين يحرصون على قضاء إجازتهم فى فصل الشتاء بها، وهذا ما يجعل الكثير من أصحاب العقارات يخصص عددًا من الوحدات السكنية أو «الشقق المفروشة» للإيجار، للحصول على ربح أكبر من الذى سيحصل عليه صاحب العقار فى حالة تأجيرها للمواطنين من أبناء المحافظة.
وأشار المصدر إلى أن الشقق المفروشة تخضع لرقابة أمنية صارمة، لافتًا إلى أنه يتم إجراء لقاءات دورية ومنتظمة بين ضباط إدارة شرطة الآداب، وأصحاب الشقق المفروشة والسماسرة، وإخطار الجهات الأمنية بجميع البيانات التفصيلية للشخص الذى يرغب فى إيجار شقة مفروشة، وذلك للاستعلام عنه أمنيًا والكشف عن تورطه بأى قضايا أو انضمامه لخلايا إرهابية من عدمه.
وأكد أنه يتم التنبيه المستمر على أصحاب الشقق المفروشة والسماسرة بإبلاغ الشرطة فى حالة اشتباههم فى أى شخص قد يكون متورطًا بأى أعمال مخالفة للقانون، كاشفًا عن أنه فى اليوم الواحد يتم فحص نحو أكثر من ٥٠ شقة مفروشة بشتى مناطق المحافظة، إضافة إلى فحص ما يقرب من ٢٠ فندقًا شعبيًا.
الغربية.. تشديد الرقابة منذ هجوم «مار جرجس»
قال مصدر أمنى، بمديرية أمن الغربية، إن مباحث آداب الغربية وزعت منشورًا على السماسرة وأصحاب الشقق، بضرورة إبلاغ الشرطة فور تأجير شقة مفروشة، مشيرًا إلى أن المنشور يتضمن رقم رئيس مباحث الآداب حتى يسهل للسماسرة وأصحاب الشقق التواصل مع القيادات الأمنية.
وأضاف المصدر، لـ«الدستور»، أن الشقق المفروشة «قنبلة موقوتة» لعدم قيام العديد من السماسرة وأصحاب الشقق بإبلاغ الجهات الأمنية، مؤكدًا أن تلك الشقق يصعب تتبعها دوريًا من قبل الأمن. وطالب المصدر أعضاء مجلس النواب بضرورة تغليظ عقوبة عدم الإبلاغ عن تأجير الشقق المفروشة، لأن القانون «٣٧١ لسنة ١٩٥٦» فى مادته ٢٨ يجيز للنيابة حبس أسبوعين أو توقيع عقوبة ٥ جنيات على المالك فى حالة عدم الإبلاغ، مشيرًا إلى أن بعض السماسرة من أصحاب النفوس الضعيفة لا يبلغون عن تأجير الشقق.
وكشف عن أن عدد الشقق المفروشة بمحافظة الغربية يصل إلى نحو ٣٠٠ شقة، لافتًا إلى أن مباحث الآداب حررت ٢٥٠ محضر عدم إبلاغ خلال ٣ شهور.
من جانبه، قال حمدى أبويوسف، سمسار، إن مدينة طنطا بها أكثر من ١٥٠ شقة مفروشة، خاصة فى شوارع «محمد فريد، وحسن رضوان، والنادى، والحلو، وسعيد»، مشيرًا إلى أن منطقة «سبرباى» التابعة لمركز طنطا تشتهر بوجود العشرات من الشقق المخصصة للطلبة والطالبات، وذلك لوجود العديد من الكليات بتلك المنطقة.
وأضاف «أبويوسف»: «مباحث الآداب تمر باستمرار على السماسرة وأصحاب الشقق، خاصة بعد حادث تفحير كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا التى أسفرت عن مصرع وإصابة أكثر من ١٠٠ قبطى»، مشيرًا إلى أن السماسرة الذين يمتلكون سمعة طيبة يصورون عقد الشقة المفروشة ويسلمون صورة منه إلى المباحث. بدورها، قالت الحاجة «أم محمد» سمسارة، إن الفئات التى تلجأ إلى تأجير الشقق المفروشة بمدينة طنطا، هى الطلبة والعائدون من الدول العربية، مشيرة إلى أنها لا تؤجر شققًا لغير تلك الفئتين، مؤكدة أنها دائمًا ما تبلغ الجهات الأمنية بعد تحرير عقد الإيجار، حتى لا تحرر لها مباحث الآداب «محضر عدم إبلاغ».
جنوب سيناء.. اجتماعات دورية مع المُلاك لمحاصرة الظاهرة
يختلف الوضع فى جنوب سيناء عن باقى المحافظات، بسبب خطورة التهديدات الإرهابية فى سيناء، وهو ما يجعل الأجهزة الأمنية أكثر حذرًا فى التعامل مع ملف «الشقق المفروشة».
وتضم مدن المحافظة التسع أكثر من ١٠ آلاف شقة مفروشة، ٥٠٪ منها فى مدينة شرم الشيخ، والباقى موزعة على مدن المحافظة، وتأتى مدينة «أبورديس» كأقل المدن تأجيرًا للشقق المفروشة، ولا تتعدى الشقق المفروشة بها ١٠٠ شقة تقريبًا.
ويقول مصدر أمنى بجنوب سيناء، إن الأجهزة الأمنية دائمة المرور على الشقق المفروشة والمستأجرة دون فرش، ومكاتب السماسرة والعاملين فى سمسرة العقارات دون مكاتب، كما أنه يتم الاجتماع بهم دوريًا لوضع أسس العمل فى تأجير الشقق أو الإبلاغ فورًا عن أى شخص يريد تأجير شقة، لافتًا إلى أن ما يقرب من ٩٠٪ من قاطنى الشقق بجنوب سيناء مغتربون.
وأصدر اللواء صبرى الجمال، مدير أمن جنوب سيناء، تعليماته إلى رجال الشرطة بضرورة حصر جميع الشقق المفروشة والمستأجرة بمدن المحافظة، وأسماء مكاتب السماسرة، وكل من يعمل فى تأجير الشقق المفروشة، وعدم تأجير أى شقة إلا بعد الاستعلام الأمنى عن مستأجر الشقة والحصول على صورة بطاقته، والكشف عنه أمنيًا والتحرى عنه قبل توقيع العقد.
من جانبه، يقول السيد اللبودى، صاحب مكتب للعقارات فى طور سيناء، إنه يعلم خطورة الشقق المفروشة، لذا لا يؤجر أى شقة إلا بعد إبلاغ الجهات الأمنية عن المستأجر وإعطائهم جميع بياناته الشخصية والمعلومات التى يحتاجون إليها. وأكد اللبودى أنه منذ طوال عمله فى العقارات لم تحدث مشكلة واحدة ممن يستأجرون الشقق منه، مؤكدًا أن الكشف الأمنى عن كل من يريد الإيجار سواء شقة مفروشة أو شقة على البلاط يحمى الجميع.