أبواب العنف والإرهاب.. متى تُغلق؟
بدايةً أقتبس من كلمات الأستاذ الدكتور صالح بن غانم السدلان- أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بالرياض جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- يقول «إن مما ابتليت به الأمة الإسلامية وأشد ما ابتليت به اليوم قضية العنف والغُلو والتطرف التى عصفت زوابعها بأذهان البسطاء من الأمة وجهالها وافتتن بها أهل الأهواء الذين زاغت قلوبهم عن اتباع الحق، فكانت النتيجة الحتمية أن وقع الاختلاف بين أهل الأهواء وافترقوا إلى فرق متنازعة متناحرة همها الأوحد إرغام خصومها على اعتناق آرائها بأية وسيلة كانت.
فراح بعضهم يصدر أحكامًا ويفعل إجرامًا يفجرون ويكفرون ويعيثون فى الأرض فسادًا ويصدر منهم العنف والتطرف إفراطًا وتفريطًا.. إنها فتنة عمياء تستوجب التأمل وتستدعى التفكير فى الكشف عن جذورها فى حياة المسلمين المعاصرين، وهذا يعد من أهم عوامل التخلص من الخلل الذى أثقل كاهل الأمة وأضعف قوتها وفرق كلمتها».
ثم يتحدث عن أسباب العنف والتطرف والإرهاب فيراها متعددة ومتشعبة يلخصها فى أسباب سياسية وأسباب فكرية وأسباب نفسية وأسباب اقتصادية.. ويطول حديث ذلك العالم الجليل فى شرح وتفصيل الأسباب وسوف نتناولها فى المقال التالى بمشيئة الخالق.
ويقدم لنا كاتب آخر هو الأستاذ حسن العطار فى مقال بعنوان: «ظاهرة العنف الدينى فى العالم العربى.. الأسباب والعلاج»، يقول العطار «إنها ليست ظاهرة طارئة أو حديثة الولادة.. بل هى ظاهرة تاريخية تمتد جذورها إلى أيام الجاهلية فى صورة الصراع على الغنائم فى الحروب التى كانت تدور بين القبائل العربية قبل الإسلام.. كما أن العنف الدينى لازم المجتمعات الإسلامية على امتداد التاريخ الإسلامى وحتى يومنا هذا».
ويضيف العطار «الخوارج هم أول من عرفوا بالتطرف أو العنف الدينى العدوانى الذى يستبيح الدم والمال والعرض»، وينتقل العطار إلى الأوضاع الحادثة أيامنا فيقول «إن ما يحدث من احتراب أهلى فى أكثر من بلد عربى يؤكد حقيقة معاناة المجتمعات العربية من ظاهرة العنف الدينى سواء بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة أو بين المسلمين والأقليات غير المسلمة فى الوطن العربى.. فعلى امتداد العنف الذى زادت حدته مع بداية ما عرف بـ«الربيع العربى» وذلك مؤشر خطير يفسر أنه تصدع للمجتمعات العربية وأداة تستغلها الدول المعادية للعرب لإثارة الفتن والشقاق بين الشعوب العربية لتمزيقها وإضعاف قدراتها».
ويضيف الكاتب «وللأسف الشديد إن أنظمة الحكم العربية على مدى تاريخها الطويل.. قد أغمضت أعينها عن هذه الظاهرة الخطيرة، ولم تحاول التصدى لها ومعالجتها حتى استفحلت وأصبح علاجها يتطلب جهدا كبيرا على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والتعليمية.
ويبقى السؤال: وماذا عن الجانب المسيحى والتيارات الشديدة التى تعرض لها سواء من خارجها ومن داخلها، وماذا يقال عن الحروب الصليبية التى رفع فيها الجنود علامة الصليب وكأنهم يحاربون لحمايته وصيانته ورد العدوان عليه؟.. وماذا عن قول قائد هذا الفكر عندما قال: «جئت لا لألقى سلامًا بل سيفًا؟، وماذا نرد على من يقرأون أن مؤسس هذا الاتجاه يتساءل عما إذا كان لدى تلاميذه سيوف؟، فكان الرد: نعم يوجد سيفان.. فرد عليه المسيح بكلمة «كفى».
ما من شك أن من يقرأ ويسمع مثل هذه الكلمات يتبادر إلى ذهنه أن المعلم الأعظم كان يشجع على حمل السلاح وعلى الأقل للدفاع وليس الهجوم، وفى هذه الحالة يكون تعليمه الواضح فى العظة الطويلة التى ألقاها على الجماهير وهو يؤكد على ضرورة صنع السلام فيقول: «كم هو سعيد من يصنع السلام»، بل حذر من الغضب على غيره دون مبرر، والمبرر دائما إنما هو لصالح الآخر وليس غضبا عدوانيا أو انتقاما منه.. إننى لا أنسى مقولة فضيلة الإمام وهو يتحدث بكل التقدير والإعجاب عندما يقرأ موعظة السيد المسيح للجماهير من فوق الجبل، ولذا يطلق عليها «الموعظة على الجبل».. وإلى مقالٍ آَت فى ذات الاتجاه.