كى يستعيد إنسانيته.. دومًا الوحش فى انتظار الجميلة
من بين كل أميرات ديزنى لاند تبدو «بيل» الأقرب لروح العصر الذى نعيش فيه، فهى فتاة جميلة، تسكن ضواحى قرية فرنسية صغيرة، مع والدها المخترع، الذى يطلق عليه أهل القرية لقب «المجنون» لاختراعاته التى تتجاوز مدى فهمهم. وتدور حياتها حول القراءة، تعشقها، تعيش بين صفحات الكتب التى تستعيرها باستمرار من مكتبة القرية الصغيرة.
تعانى «بيل» من الوحدة والغربة فى وسط مجتمعها، وتبدو بالنسبة للمحيطين بها فتاة غريبة الأطوار، وهى ليست أميرة بالوراثة، لكنها تعلم جيدًا أن هناك حياةً أكبر بانتظارها من مجرد هذه القرية الصغيرة. يقع والد «بيل» فى قبضة الوحش وهو أمير ألقت عليه ساحرة لعنة حولته إلى وحش؛ بسبب قسوة قلبه معها، وهذه اللعنة لا تصرفها إلا أن تحبه فتاة تستطيع أن تكشف عن معدنه الطيب.
تطرح شخصية «بيل» تساؤلات كبرى عن معنى الحياة، والحب، تقول: أريد أن أعيش مغامرة، أريد أكثر مما يمكننى أن أقول، أريد أكثر بكثير مما هو مخطط لى. تبعث شخصية «بيل» برسالة عن البصيرة والقدرة على النفاذ إلى عمق الأشياء، تقول: على عكس كل قصص الحب لم أحب أميرى، لأنه الأمير الثرى الوسيم.. بل قابلته وأحببته وهو فى هيئة وحش، ولكننى أدركت منذ اللحظة الأولى أن جسد الوحش بداخله قلب ماسى، نقى ومحب رغم ملامحه البشعة، فى عالمنا المتطلب للجمال، الجمال ليس كل شىء».
هذه القصة الإنسانية الخالدة التى يمكن تأويلها فى معانٍ عديدة تشمل الكثير من العلاقات الإنسانية التى تحتاج كى تنجح للتفهم والوعى والبصيرة، تعيد شركة ديزنى لاند تقديمها فى نسخة جديدة بعد أن سبق لها تقديمها فى نسخة كرتونية عام 1990.
فى نسخة 2017 الحية كثير من التفاصيل التى عمقت من فهمنا وتعاطفنا مع الشخصيتين الرئيسيتين «بيل والوحش» والشخصيات المحيطة بهما.. مثل قصة وفاة والدة «بيل» على أثر إصابتها بالطاعون، فالوالد الفنان المخترع كان باريسيًا لكنه لجأ للريف لهذه القرية الصغيرة كى يحمى طفلته الوحيدة من خطر الطاعون بعد وفاة والدتها مصابة به. ومن ثم يمكن تفسير هذه الغربة الروحية بين أهل القرية من ناحية و«بيل» ووالدها من ناحية أخرى فهم عائلة وحيدة لا تمتد جذورها للقرية لكنهم بالفعل غرباء.
كما أوضح السيناريو الجديد الذى كتبه «استيفن تشبوسكى وإيفان سبيليوتوبولوس» أن وفاة والدة الوحش أو الأمير الشاب كانت نقطة تحول مهمة فى حياته حيث سيطر الأب القاسى عليه وحوله إلى شخصية قاسية القلب، لا تهتم سوى بالمظاهر وتجميع كل مظاهر القوة والجمال حوله. مما يجعله شخصًا ماديًا لا يقيم وزنا للمشاعر الإنسانية، ورغم أنه تلقى تعليما مكلفا كما قال لبيل، ولديه مكتبة ضخمة فإنه يبدو أن كل معرفة لا تقود إلى حكمة ولكن كل حكمة قطعًا تقود إلى معرفة.
كما أظهر الفيلم فى نسخته الجديدة تأثر شخصية الوحش بشخصية «بيل» وحبه لها وتعلقه بها وأنه يراها دائما مهما ابتعدت، وأنها ستكون دائما جزءًا من سلوكه وتصرفاته. كما أظهر حرص الوحش الشديد على سلامة «بيل» وبالنسبة لجاستن الشاب الذى يريد الزواج بـ«بيل» فهو ليس مجرد فلاح مغرور متهور، لكنه جندى خاض الحرب وتعود على مشاهدة الدماء والموتى. وأوضح صراعه مع الوحش خسة جاستن الذى طلب العفو من الوحش بعد أن أصبح فى قبضته ثم عاد ليطعنه فى الخلف.
«الجميلة والوحش» 2017 استثمار جديد ومزيد من النجاح لعالم ديزنى لاند، فالشركة أنفقت 160 مليون دولار لإنتاج الفيلم، ويتوقع الخبراء أن يحقق العمل أرباحا بأضعاف تكلفته. وبالفعل تصدر الفيلم إيرادات السينما الأمريكية بتحقيقه إيرادات فاقت 170 مليون دولار فى الافتتاح خلال عطلة نهاية الأسبوع. ويأتى هذا الفيلم الجديد فى إطار استراتيجية ديزنى لتحويل أفلام الرسوم المتحركة الكلاسيكية إلى النسخة السينمائية.. بعد أن سبق أن أعادت تقديم «أليس فى بلاد العجائب» و«جانجل بوك» و«سندريلا»، كما تعتزم ديزنى فى الوقت الحالى إعادة إنتاج فيلمى الرسوم المتحركة «دامبو» و«مولان» وكما حصدت النسخة الكارتونية من فيلم «الجميلة والوحش» جائزتى أوسكار لأفضل أغانٍ لفيلم أصلى وأفضل موسيقى لفيلم أصلى. فسيزيد عليها فى الفيلم الجديد جوائز المكياج والديكور. ففى عالم ديزنى لاند لا يكون الاستثمار إلا فيما هو ناجح، فكل نجاح يؤدى حتمًا إلى استثمار وليس كل استثمار يؤدى لنجاح.