علماء كرسوا حياتهم لإنقاذ البشرية.. ولكن
فكرت كثيرًا فى وضع مقارنة بين من قدموا أعظم الخدمات لخدمة الإنسانية سواء التغلب على الفقر والجوع أو السعى لغرس مبادئ الحريات وحفظ كرامة الإنسان والنهوض به بضمان الغذاء والكساء والمسكن اللائق وعلاجه فى المرض وصون الحريات للبشر من رجال ونساء.
وكقارئ ومفكر وعربى الجذور والمنشأ، فقد قادنى بحثى إلى ما قدمه العرب لمجتمعاتهم وإلى قارئى ما وجدت مع استمرارى فى البحث حتى لا أجهض حق عالم بحق.. وقد لفت انتباهى أن أجد السبق لهم كما ارتآه بعضنا على النحو التالى: «العرب هم أول من أدخل لعبة الشطرنج وكان مصريا».. وعلى المستوى الإفريقى وباعتبارنا جزءا منها فقد كانت بلاد الحبشة أول من اخترع القهوة حين لاحظ فتى يرعى الغنم أن أغنامه عندما تأكل نوعًا معينًا من الأوراق وبها بذور تنشط ولا تميل للراحة، وكان هذا هو أول استخدام لبذور القهوة للإنسان.
أما عباس بن فرناس فقد أراد أن يثبت أن الإنسان بإمكانه الطيران فى الهواء فقفز من أعلى مئذنة للجامع الكبير ليحاول صنع وسيلة يطير بها الإنسان. قفز عباس من أعلى المئذنة مستخدمًا غطاءً كبيرًا محشوا من نشارة الخشب والأعشاب وأصيب ببعض الجروح، وقفز مرة أخرى من أعلى جبل ولكنه أصيب ببعض الإصابات وكان ذلك فى عام ٨٢٥، وحاول مرة أخرى فى عمر السبعين مستخدمًا ماكينة كمروحة وريش النسر وقفز مرة أخرى فكانت محاولة للوصول إلى ما حدث بعده، وقد أطلق على اسمه مطار بغداد الدولى.
العرب يضيفون إلى الصابون زيوتًا لها رائحة نفاذة، فقد كان اكتشاف الصابون للمصريين القدماء ثم الرومان من بعدهم، وأضاف إليه العرب رائحة طيبة.. فى القرن العاشر اكتشف طبيب عربى أدوات الجراحة، والطبيب أبوالقاسم الزهراوى هو صاحب السبق فى اختراع مقص لجراحة العيون وبعض الأدوات الجراحية الأخرى..كما ذكر أن العرب هم أول من استخدم الصك والشيك فى المعاملات المالية.. أما الصينيون فهم من اكتشفوا صناعة البارود من الملح الصخرى.. كما عمل العرب على تنقيته باستخدام مادة البوتاسيوم فى الاستخدام العسكرى.. مما أرهب الجيوش المعتدية.
كما أن العرب هم أول من استخدموا الطواحين الهوائية عام ٦٣٤ ميلادية وذلك لطحن الذرة وصناعة الخبز.. أما على الصعيد العالمى.. فالحديث يطول وقد آثرت أن أضع خمسة من العلماء فى التاريخ الحديث، ومن الحائزين على أكبر الجوائز العالمية، مبتدئاً بسيدة وهى مارى كورى ١٨٦٧- ١٩٣٤.. ومارى كورى عالمة فى الفيزياء والكيمياء.. وهى من بولندا وكانت الرائدة فى مجال النشاط الإشعاعى..وهى أيضاً الوحيدة التى حصلت على جائزة نوبل فى نوعين مختلفين من العلوم .. كما قامت بتأسيس معهد كورى فى فرنسا وبولندا.. وهى مكتشفة نظرية النشاط الإشعاعى واكتشاف الراديوم والبولونيوم.. وهى كذلك صاحبة أولى الدراسات فى العالم لاكتشاف وسيلة استخدام النظائر المشعة.. ولها مقولة تنم عن تواضعها «أنا لا أرى أبدًا ما تم إنجازه.. بل أرى ما لم يتم إنجازه بعد».. وتعد مارى كورى هى الأولى الحاصلة على جائزة نوبل لمرتين وليس مرة واحدة.
والشخصية الثانية فى مجال العلوم وخدمة الإنسان هو العالم «آلان تورنج» ١٩١٢- ١٩٥٤.. وهو عالم رياضيات إنجليزى.. ويعتبر الأب الروحى لعلم الحاسوب الحديث وأول من استخدم اختراعه هذا فى العمليات الرياضية المعقدة.. وقد استطاع بعلمه فك شفرات البحرية الألمانية حتى يُوفر المعلومات الهامة للجيوش البريطانية والحلفاء.. وهو بحق رائد اكتشاف الحاسب الآلى المعروف «بالكمبيوتر» والحائز على نوبل أيضاً.. وإلى اللقاء مع المزيد من الحاصلين على نوبل فى العلوم والاكتشافات الحديثة.
