خطاب مفتوح إلى رؤساء وقادة الكنائس المصرية «7-7»
الأحباء الأفاضل رؤساء وقادة مختلف الكنائس المصرية.. تحية طيبة وبعد.. فى الجزء السابق من خطابى قلت إننى أكتب إلى حضراتكم جميعًا هذا الخطاب المفتوح، بعد أن عاد مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى الكنائس لتصوغ منه صيغة توافقية توافق عليها كل الطوائف المسيحية، وهذا الخطاب يتضمن رأيى الشخصى ولا يعبر عن رأى غالبية الإنجيليين فى بلادنا، وقلت:
أولًا: فى البداية أعلن بوضوح أننى أرى أن الطلاق ليس حلًا.
ثانيًا: هناك عدد كبير من المشكلات داخل عدد غير قليل من الأسر المسيحية، قادت كثيرين لتغيير ديانتهم من أجل التمكن من فض الرابطة الزوجية، والزواج ثانية.
ثالثًا: اختلف المفسرون فى تفسير النصوص المتعلقة بالطلاق فى الكتاب المقدس، فمنهم من اعتبر أنه لا يوجد طلاق فى المسيحية على الإطلاق.
رابعًا: هناك من قالوا: إن زنى النظرة هو الزنى المقصود.
خامسًا: إن رسل المسيح وتلاميذه لم يزوجوا أى أحد، كما أن المسيح لم يقم بإجراء أية مراسم دينية لأى زوجين.
سادسًا: المسيح أعطى كامل الحرية لكل فرد أن يختار طريقه فى الحياة بل مصيره الأبدى.
سابعًا: تدخلت الكنيسة فى موضوع الزواج منذ القرن السادس عشر.
ثامنًا: اجتهدت الكنيسة فى تأويل نصوص الطلاق، وكانت لائحة 88 تجيز التطليق لعدد من الأسباب التى قد تؤدى للزنى، فكانت حلًا لكثير من المشكلات.
تاسعًا: هناك من آباء الكنيسة مَن رأى أن التصرفات الخاطئة تحل الزواج.
عاشرًا: قد يكون الطلاق شرًا، لكنه فى نفس الوقت قد يكون أهون الشرين.
حادى عشر: تقوم الكنيسة بإتمام مراسم الزواج الثانى للطرف البرىء الذى لم يرتكب خطيئة الزنى، بينما الطرف الزانى، فحتى الآن ترفض الكنيسة زواجه، لذا أرجو أن تضع الكنيسة حلًا لهذه المشكلة.
ثانى عشر: لماذا لا نطالب بإقرار الزواج المدنى كحل لآلاف المشكلات إيمانًا منا بحرية الإنسان أن يختار الطريق الذى يريده، واليوم أستكمل:
ثالث عشر: فى حالة وجود زواج مدنى هذا لا يعنى أبدًا إلغاء دور الكنيسة، فدور الكنيسة فى إجراء مراسم الزواج هو دور هام وحيوى، وهو أمر رائع نظرًا للجو الروحى الذى تهيئه الكنيسة للعروسين، ولكن وجود زواج مدنى معناه إيجاد حلول للمشكلات المتعلقة بالزواج الثانى، وتحديدًا للحالات التى ترفض الكنيسة تزويجها ثانية، ومعناه أن الدولة المدنية لابد أن يوجد فيها قانون واحد يخضع له جميع المواطنين، وأيضًا سيستمر دور الكنيسة فى إجراء المراسم الدينية داخل الكنيسة، لمن تشعر أن ضميرها الروحى يسمح لها بإجراء المراسم الدينية لهم.
رابع عشر: إن مسئولية الكنيسة أن تنادى وتعلم مبادئ المسيح عن الزواج والطلاق، وإنه لا طلاق فى المسيحية على الإطلاق حتى لعلة الزنى، حيث إن المسيحية فى شمولها هى ديانة غفران وتسامح وتسام فوق الجروح، وعلى الكنيسة أن تُعلم المبادئ المسيحية الرفيعة السامية، وعليها أن تبارك زواج مَن تزوج زواجًا مدنيًا متى رأت أن هذا الزواج يتفق وقيم الكتاب المقدس، وأن تقوم بإجراء المراسم الدينية متى رَحَب العروسان بهذا، وعلى الكنيسة أن ترعى المتزوجين، وأن تتدخل لحل المشكلات الزوجية وتنصح المتزوجين وتذكرهم بوصية أن الله يكره الطلاق، هذا هو دور الكنيسة أن تُعَلم وتُرشد، أما إذا اختلف زوجان- سبق أن تزوجا زواجًا كنسيًا- ووصلا معًا إلى طريق مسدود، فلتدرس لجنة كنسية حالتهما وتسعى للصلح بينهما، وفى حالة الفشل، فلتُطلقهما الكنيسة كحل أخير بعد استنفاد كل سبل لم الشمل عملًا بمبدأ اختيار أهون الشرين، وفى حالة إقرار الزواج المدنى فليتم تطليقهما بعيدًا عن الكنيسة، وأى طرف مُطَلَق يريد أن يتزوج مرة أخرى فليفعل هذا بكامل حريته، ولكن بعيدًا عن الكنيسة، وعندما يكون الزواج مدنيًا، فمَن يُخطئ سيتحمل كسره لوصية الله دون أن تتحمل الكنيسة أى مسئولية، وكما تُعَلم الكنيسة الناس وتنهاهم عن الكذب والسرقة والغش فإنها لا تتحكم فى تصرفاتهم، عليها أن تنهاهم عن الطلاق ولكن عليها أن تخرج من دائرة التحكم فى هذا الأمر، حيث إن حرية الضمير الشخصى توجب أن يكون الشخص مسئولًا عن جميع تصرفاته الشخصية أمام الله، وفى كل الحالات على الكنيسة أن تتمثل بالمسيح، فتحنو على الساقطين، وأن تتخذ موقف الشفقة والغفران لضحايا البيوت المحطمة فلا تزيدهم شقاء وضلالًا بطردهم منها، ولا تغلق أمامهم باب الحياة النظيفة بمنعهم عن الزواج بعد الطلاق، بل عليها أن تُمارس معهم النصح والرعاية مع الغفران الذى هو صفة أساسية مرتبطة بالتواضع المسيحى.
وختامًا.. أصلى إلى الله أن يقودكم فى الوصول لصياغة توافقية لقانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين، صياغة تكون مؤسسة على المبادئ المسيحية، وأيضًا تكون مرنة بطريقة تسمح بوجود حل لمشكلات الواقع المؤلم، وليوفقكم الرب.