ما علاقة الزيت بالعنوسة؟
حملة إعلانية ضخمة فى أماكن مميزة على كوبرى أكتوبر وعلى المحور والتجمع - لا تقل تكلفتها عن 3 ملايين جنيه شهريًا، حسب ما أكد لى أحد أهم الخبراء فى مجال الدعاية وإعلانات الطرق فى مصر.
العنوان العريض «إنتى عانس اتصلى بينا».
معروف أن كلمة «عانس» ثقيلة وقاسية، وتستخدم لإهانة من تأخرت فى الزواج ،وهى كلمة بها قدر لا بأس به من التمييز.
تساءلت: ما الدافع وراء هذه الحملة؟
قبل أن نحلل دوافع الحملة علينا أن نشرح مفهوم العنوسة أو الوصمة التى تصاب بها الفتاة فى العالم العربى، فدلالة المصطلح تختلف من مكان إلى آخر، فالعانس فى الأرياف والصعيد الجوانى والبدو هى التى تخطت الحادية والعشرين من عمرها ولم تتزوج بعد، أما فى القاهرة والحضر فهى التى تخطت الثلاثين دون زواج.
العانس فى الصعيد والريف الجوانى مرتبطة بالدمامة وعدم الجمال أو الإصابة بالإعاقة والتشوه، أما فى الحضر والقاهرة فالعنوسة، للأسف، تنتشر بين الفتيات الأعلى تعليمًا وثقافة وجمالاً، فتجد نسبة ليست بالقليلة من الطبيبات ومعيدات الجامعة والصحفيات والموظفات فى شركات متعددة الجنسيات لم يتزوجن بعد.
وقد حاولت أن أجد أبحاثا أجنبية حديثة عن نفسية العانس أو الأمراض النفسية التى قد تصيبها، فوجدت أن الأبحاث قليلة وغير حديثة، لأن خبراء علم النفس والطب النفسى الأوروبيين لا يعترفون بوجود هذه الظاهرة عندهم، فالعلاقات بين الجنسين مفتوحة ولا توجد بها ضوابط ومعايير.
وتشير دراسة أجراها مركز الخليج للبحوث الاجتماعية فى الدوحة عام 2012 إلى أن عدد الفتيات اللواتى تخطين سن 24 ولم يتزوجن فى العالم العربى يقارب 30 مليونا، ثلثهن فى مصر «نحو 9 ملايين».
حاولت أيضًا البحث عن التأثير النفسى لوقع كلمة «عانس» على نفسية المرأة أو أهلها، وأيضا كيف يرصد الإعلام موضوع العنوسة فوجدت أن الأبحاث الأجنبية قليلة جدا، ولكنى وجدت رسالة للباحثة هبة متولى، مقدمة لنيل درجة الماجستير فى الآداب من الجامعة الأمريكية، قسم الصحافة والإعلام، تتكلم عن دور الإعلام فى رسم صورة ذهنية سلبية عن المرأة العازبة، ورصدت الدراسة أيضا التأثير النفسى على العانس بسبب نظرة المجتمع لها.
وأكدت الدراسة أن الكلمة لها تأثير مؤلم يصل إلى حد الاكتئاب والعزلة وصولًا للانتحار.
بالنسبة للحملة فسوف تدهش أن من وراءها ومن يرعاها سلعة غذائية والسلعة عبارة عن زيت طعام، ما الهدف وماذا سوف يفيد المنتج إذا عرف أنها عانس أم لا؟.. ولماذا يستخدم كلمة بها تمييز وعنصرية؟ ما هدفه ومن فكر له فى هذه الحملة الخبيثة؟.ـ
عدت إلى القوانين الخاصة بالإعلان، خصوصًا إعلانات الطرق وأيضًا قانون البناء والتنسيق الحضارى، والمعايير التى وضعها جهاز التنسيق الحضارى لوضع اللافتات، فوجدت أن هناك مواد تمنع وتجرم أى إعلان لا يحترم الآداب العامة ولا يحترم العادات.
ليس معقولاً أنه فى الوقت الذى نحارب لإزالة كلمة عانس من قاموسنا، نجدها أصبحت تتصدر اللافتات فى أكثر الأماكن كثافة سكانية ومرورية.