خطاب إلى رؤساء الكنائس
الأحباء الأفاضل رؤساء وقادة مختلف الكنائس المصرية.. تحية طيبة وبعد.. فى الجزء السابق من خطابى قلت إننى أكتب إلى حضراتكم جميعًا هذا الخطاب المفتوح، بعد أن عاد مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى الكنائس لتُصيغ منه صيغة توافقية توافق عليها كل الطوائف المسيحية، وهذا الخطاب يتضمن رأيى الشخصى ولا يعبر عن رأى غالبية الإنجيليين فى بلادنا، وقلت:
أولًا: فى البداية أعلن بوضوح أننى مع استمرارية الزواج وأننى ضد الطلاق على الإطلاق، فالطلاق ليس حلًا.
ثانيًا: لا يختلف اثنان على أن هناك عددًا كبيرًا من المشكلات داخل عدد غير قليل من الأسر المسيحية، قادت كثيرين لتغيير ديانتهم من أجل التمكن من فض الرابطة الزوجية، والزواج ثانية.
ثالثًا: اختلف المفسرون فى تفسير النصوص المتعلقة بالطلاق فى الكتاب المقدس، فمنهم من اعتبر أنه لا يوجد طلاق فى المسيحية على الإطلاق وفقاً لبعض آيات الإنجيل، واليوم أستكمل.
رابعًا: وهناك من قالوا: إن زنى النظرة هو الزنى المقصود، لاسيما أنه من الصعوبة بمكان إثبات الزنى الفعلى مثل وجود أربعة شهود وغيرها، وهناك من قالوا: إن حديث السيد المسيح جاء بصدد أحقية الرجل فى أن يطلق امرأته بالإرادة المنفردة، والحالة الوحيدة التى يحق للرجل اليهودى فيها أن يفعل هذا هى حالة الزنى فقط، وبالتالى، فالسيد المسيح لم يتحدث مطلقًا عن التطليق الذى يحدث اليوم، حيث إنه لا توجد فى المسيحية فكرة الطلاق بالإرادة المنفردة من الرجل، فما تقوم به الكنيسة أو المحكمة المدنية هو التطليق وليس الطلاق، أى وجود طرف ثالث، وهذا ما لم يتحدث عنه المسيح.
خامسًا: إن رسل المسيح وتلاميذه لم يزوجوا أى أحد، كما أن المسيح أسس فقط فريضتى العشاء الربانى والمعمودية، ولم يرسم فريضة للزواج ولم يضع أى طقوس له، كما أنه لم يقم بإجراء أى مراسيم دينية لأى زوجين، فحضوره عرس قانا الجليل كان حضورًا عاديًا مع العذراء مريم ولم يكن لإجراء أى مراسيم دينية، هذا فضلًا عن أن المسيح لم يضع تشريعًا معينًا للحياة، ولكنه وضع مجموعة من القيم والمبادئ التى تصلح لكل زمان ومكان، فذات مرة طلب شخص منه أن يحصل على ميراثه، وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِى أَنْ يُقَاسِمَنِى الْمِيرَاثَ». فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِى عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ»، وفى المفهوم المسيحى إن الوصية وُضعَت لأجل الإنسان وليس العكس، فعندما تعارضت الوصية مع الإنسان اختار المسيح الإنسان، وكان المسيح يقول للمتزمتين والمتطرفين: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ»، كما أن الرسول بولس يقدم رأيًا شخصيًا فى الزواج ويقول أوصيهم أنا لا الرب، وهنا بولس يقول رأيًا شخصيًا، وهذا معناه أن المسيحية ليست بها شرائع جامدة، ولكنها تدعو لإعمال العقل واتخاذ القرارات المناسبة، وفقًا لمستجدات الواقع، وفى ضوء روح الوصية.
سادسًا: المسيح أعطى كامل الحرية لكل فرد أن يختار طريقه فى الحياة؛ بل ومصيره الأبدى، وفى إطار حديثه عن الطلاق والزواج الثانى قال المسيح: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِىَ لَهُم، مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ». وهنا أعطى المسيح الحرية لكل شخص على قدر استطاعته أن يظل بلا زواج إن حُل زواجه، أو أن يتزوج مرة أخرى بدلًا من الزنى، لذا فإن المسيح لم يكلف أى جماعة أو مؤسسة بالتدخل فى حياة الناس الخاصة، أو التحكم فى قراراتهم.. وللحديث بقية.