دعوة لدعم وترميم المسلة المصرية فى باريس
فى قلب باريس.. فى وسط ميدانها الأشهر الذى صمم ليحمل اسم «ساحة لويس الخامس عشر» ثم يتحول مع قيام الثورة الفرنسية إلى «ساحة الثورة» ليستقر مع هدوء الأوضاع وعودة الحياة الطبيعية لمدينة النور، ويحمل اسم «ساحة الاتفاق» أو ميدان الكونكورد.. هناك فى ذلك الفضاء الرحب تنتصب المسلة المصرية قطعة من روح مصر، قبس من ضوء شمسها يشع وهجًا ودفئًا للعالم.
إذا كنت فى طريقك لمبنى البرلمان الفرنسى أو ما يسميه الفرنسيون الجمعية الوطنية، لنهر السين، لبرج إيفيل، لمتحف دورساى، لمتحف اللوفر، أو متجها لدار الأوبرا وشارع الشانزليزيه والجراند بالاس، أو خارجا من حدائق التويليرى.. فى الذهاب والإياب.. لا يمكن لأحد أن يزور باريس ويتجه لأهم معالمها التاريخية والسياحية دون أن تخطف بصره الساحرة المصرية بطولها الفارع الذى يقارب 23 مترًا ولونها الوردى وحجرها الجرانيتى الذى يزن 227 طنا. تخايلك بحسنها وتجبرك على أن تدير رأسك لتتأملها وقد يسعدك الحظ وتقف أمامها لتقرأ بعضًا مما نقش عليها تخليدا للملك رمسيس الثانى الذى أمر بنحتها «رمسيس قاهر كل الشعوب الأجنبية، المحارب الذى هزم الملايين من الخصوم والأعداء، الذى خضع العالم كله لسلطانه، ذو القوة التى لا تقهر» كأنها قلب العالم كما هى مصر قلب العالم القديم والحديث. لا توجد دعاية لمصر أكبر من مسلة يشاهدها ملايين السياح الذين يفدون لباريس المقصد السياحى والثقافى الأول فى العالم.
لذا لا أتصور أن يطالب أحدهم بعودة المسلة المصرية من مستقرها الذى قارب 180 عاما، وإذا كانت قد تعرضت بفعل الزمن أو النقل لبعض الضرر فالعقل يدعونا أن ندشن حملة لصيانة وترميم المسلة المصرية، ليس مسلة الكونكورد فقط بل أن ندعو المجتمع الدولى لترميم المسلات المصرية فى الخارج الموجودة فى لندن وروما وإسطنبول وواشنطن تحت إشراف اليونيسكو.. وتكون هذه فرصة ومناسبة للترويج السياحى لمصر حيث توجد الأماكن الأصلية التى أخذت منها.
إن رحلة مسلة «رمسيس الثانى» من الأقصر إلى باريس يمكن أن تكون مشروعا لفيلم روائى تنتجه جهات إنتاج مصرية بالتعاون مع الجهات الفرنسية. ففى هذه الرحلة التى استغرقت 7 سنوات، منها إبحار فى البحر المتوسط مدة عامين، أن سبق وأقيم معرض بباريس لتوثيقها عام 2014، بها من المغامرات والترقب والتشويق ما هو كفيل بإنجاح عمل درامى ضخم.. العشرات الذين ماتوا أثناء نقلها، المخاطر التى واجهتها السفينة التى تحملها من نهر النيل إلى البحر المتوسط إلى نهر السين.
وإذا كان هناك من يرى فى محمد على حاكما غير مصرى لم يستفت الشعب المصرى فى إهداء المسلات المصرية إلى العديد من حكام العالم، فإن محمد على مؤسس مصر الحديثة، بما وضعه من أساس للدولة المصرية فى قطاعات الجيش والتعليم والصحة وغيرها من المجالات، قد تم اختياره من قبل ممثلى الشعب المصرى وبذلك اكتسب مصرية واقعية وفعلية وليست مصرية وراثية، وهو بإهدائه لهذه المسلات قدم لمصر خدمة جليلة بقصد أو بدون.. حيث جعل الحضارة المصرية فى قلب العالم.
إن الحرص على الحضارة المصرية هو أن نحرص على المحافظة عليها وصونها وأن تظل رسولا ملهما لشعوب العالم يذكر بمصر وعظمتها فى أى مكان.
• لمس أكتاف
مباشرة أمام قوس النصر ومع نهاية شارع الشانزليزيه تقبع السفارة القطرية.. فخامة ومكانة صنعتها أموال الرمال والنفط. فى حين تتيه المسلة المصرية فى الطرف الثانى من الشانزليزيه فى قلب الكونكورد. بعمق وعبق الحضارة المصرية وتعكس دوما عرق وجهد آلاف المصريين الذين أهدوا العالم شمسًا لا تغيب.