قانون بناء الكنائس.. وشرك تقنين الطائفية
هلل البعض لموافقة مجلس النواب على قانون بناء الكنائس معتبرين أن هذا القانون إنجاز تاريخى غير مسبوق، ولكننى أرى أن هذا القانون ردة حضارية للأسباب الآتية:- صدر هذا القانون بسرعة تشبه سلق البيض بدون حوار مجتمعى...
...وبعد ثلاثة أيام فقط من إرساله من الحكومة، وهذا القانون يهدر حقوقاً أساسية أقرها الدستور، ويصادر حريات وحقوق الأجيال المقبلة.
طريقة التعامل مع القانون غلب عليها استبعاد أصحاب المصلحة الحقيقيين وفرض أجواء من السرية على المناقشات بين الحكومة وممثلى الكنائس، وتحديدًا مع دائرة ضيقة من رجال الدين لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة، مع تهميش الخبراء القانونيين وممثلى المجتمع المدنى، بل ونواب البرلمان أنفسهم،وهذه الطريقة السريّة تشير إلى أن القانون قد صدر لغرض شكلى، وهو استيفاء الاستحقاق الدستورى المنصوص عليه فى المادة 235 من باب اﻷحكام العامة واﻻنتقالية، بغض النظر عن السعى لتحقيق مضمون هذا النص والهدف منه، هذا فضلاً عن أن هذا السلوك ينتهك حق المواطنين فى المعرفة، فقد تعاملت الحكومة على أن قيادات الكنائس الثلاث الكبرى هم المعنيون فقط بالقانون، فى حين أن قانونًا على هذه الدرجة من الخطورة يهم كل المواطنين المصريين، وليس المسيحيين منهم فقط، وبالطبع ليس رجال الدين فقط.
القانون يمنح سلطات واسعة للسلطة التنفيذية فى انتهاك حق بناء وترميم الكنائس، ويبسط أيدى الأجهزة الأمنية على منح التراخيص، ومراقبة الأنشطة وأى تعديلات على المبانى الدينية، والقانون مليء بالألغام التى ستمثل عائقاً ليس فقط أمام بناء الكنائس، ولكن أيضاً أمام ترميمها وتوسيعها، وكان على مجلس النواب أن يقوم بدوره بفتح نقاش جدى حول مواد القانون لا أن يقره كما جاء من الحكومة.
وفقًا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تشكل بحكم نص المادة 93 من الدستور الحالى مكونًا أصيلًا من مكونات التشريع المصري، ومبادىء الدستور اﻷخرى، يجب أن يكون بناء دور العبادة متاحاً لجميع المواطنين دون معوقات، وهو ما كان يقتضى أن تقتصر شروط بناء دور العبادة على الإجراءات البنائية العامة المعمول بها فى كل منطقة جغرافية، مع عدم وضع قانون خاص لتنظيم حق ممارسة الشعائر الدينية، أو على أقل تقدير أن يوضع قانون عام لتنظيم بناء دور العبادة، يساوى بين المواطنين من أتباع الديانات المختلفة، ولا يفرق بين ديانة وأخرى، أما صياغة قانون خاص لتنظيم بناء الكنائس فيحمل فى طياته رسالة تمييزية من الدولة بأنها تفرق بين مواطنيها المسيحيين ومواطنيها المسلمين، ففى الوقت الذى تتيح بناء المساجد بشروط لها علاقة بمواصفات البناء والتبعية لوزارة الأوقاف تفرض على الكنائس شروطًا إضافية أهمها الحصول على رخصة من محافظ الإقليم بالموافقة على القيام بالشعائر الدينية فى المكان. وللحديث بقية.
■ راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا