"الإثنين الأسود".. "مراوغة أمريكية" للنيل من الصين وثروات العرب
قال عيسى فتحي، نائب رئيس شعبة الأوراق المالية، إن ما شهدته البورصات العالمية من انهيار وتراجع شديد في أسهمها، فيما سمي بالإثنين الأسود، يندرج ضمن أزمات الاقتصاد السياسي ولا يخضع للنمط الطبيعي للهبوط والصعود، وبتتبع الأزمات المالية عبر العالم يتأكد أن المستفيد الوحيد من تلك الأزمات هي الولايات المتحدة الأمريكية، فحتى الحرب العالمية الثانية كانت هي المستفيد الأكبر منها وأصبحت أغنى دولة بعدما جمعت ما يقرب من ثلثي ذهب العالم مضيفاً أن أغلب ما يقع من أزمات مالية تكون مصطنعة.
وتساءل، في تصريحات لـ"الدستور": "هل يعقل أن يرى العالم اقتصاد الصين خلال العام الماضي، جيد بمعدل نمو بلغ 7% وحينما يتراجع هذا العام إلى 6% يبدأ الحديث عن أزمة عالمية وخسارة البورصات العالمية لنحو 25% من قيمة الأسهم خلال أسبوع فقط بسبب 1% تراجع في نمو اقتصاد الصين.
وأضاف "في نفس الوقت الذي يتم الحديث فيه عن تلك الأزمة نجد أن الولايات المتحدة –الاقتصاد الأول في العالم- تحقق معدلات نمو مرتفعة إضافة لمعدلات مقبولة بدول كألمانيا وفرنسا، مضيفاً أنه في ظل الاتجاه إلى أزمة ركود لا يوجد من يفكر برفع سعر الفائدة وهو ما فعلته الولايات المتحدة ولو كانت متأكدة من وقوع أي أزمات لأقامت بعكسه تماما على الفور، وهو ما فعلته الصين بتخفيض سعر الفائدة ونسبة الاحتياطي النقدي بـحوالي 0.5% لتوفر سيولة للبنوك والقطاع المصرفي.
وأضاف "ما يحدث في البورصات والاقتصاد العالمي هو أزمة مفتعلة بقيادة استثمارات أمريكية خرجت من السوق الصينية وخاصة سوق شنغهاي، وبطبيعة الحال هناك آليات بالسوق تحمل بذور تفجيرها مثل آليات الائتمان للعملاء المارجينت ـ وسيط لاستثمار الأموال بالبورصات- ومع وقوع أي أزمات فأن الائتمان والهوامش التمويلية التي تمنح للعملاء تعمق من حجم الأزمة، خاصة في ظل حرص صاحب المال على استرداد كامل حقوقه خلال تلك الظروف فيضع حاملي الأسهم تحت ضغط البيع لكي يتمكن من استرداد أمواله، وهو ما حدث عندما قررت الاستثمارات الأمريكية الانسحاب من السوق الصيني فبدت الأزمة في الأفق ما دفع العملاء للبيع واسترداد الأموال، والأمر برمته محاولة أمريكية للضغط على الصين.
وتابع: الصين كانت تسعى لتدعيم موقف عملتها المحلية –اليوان- بصندوق النقد الدولي ضمن العملات الدولية التي يمكن استخدمها كاحتياطي، والولايات المتحدة الأمريكية تسعى لعرقلة هذه الخطوة وسد الطريق على الصين، وعموما فالأزمة الحالية هي مفتعلة وتكرر من وقت لأخر بهدف تدمير جزء من ثروت العرب بالولايات المتحدة من خلال تراجعات اسواق الأسهم التي تعمل على تحويل هذه الثروات لغبار، وبربط ذلك بالأوضاع السياسية نجد أن هناك اتجاه لتقليص الدور الاقتصادي للسعودية في منطقة الخليج خاصة أنها أكبر مصدر للبترول في المنطقة وأكبر اقتصاد كذلك وهو ما تبرزه الصحافة العبرية كثيراً خلال الفترة الماضية بالحديث عن إفلاس السعودية، ويرموا بذلك التأثير سلباً على الدعم السعودي للاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن أحد المؤسسات المالية العالمية أكدت بالأمس أنه لا صحة لاتجاه الاقتصاد العالمي لحالة ركود خلال الفترة القادمة، والبيانات التي خرجت عن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها توضح زيادة مبيعات المنافذ خلال شهر يوليو بنسبة 5.6% بجانب ارتفاع مؤشر ثقة المستهلكين أكثر مما كان متوقع له وكل تلك المؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة لا تواجه أي مشاكل، وتلميح البنك الفيدرالي منذ أسبوعين لإمكانية النظر في رفع سعر الفائدة يعني أنه يتوقع عودة رؤوس أموال للولايات المتحدة وينتج عنها زيادة السيولة بالسوق وبطبيعة الحال يترتب على تلك السيولة زيادة في التضخم، ولذلك يبحث رفع الفائدة كي يمتص هذه السيولة من السوق وإبعادها عن نهر الإنفاق والاستهلاك، مؤكداً أن كل تلك المعطيات تؤكد ترتيب الأزمة برمتها.
وأكد أن رد الفعل تجاه ما يحدث مغالى فيه والسبب بذلك هو احتواء الأسواق العالمية على ألغام تؤدي لتفجير الأزمات وتفاقمها بمجرد ظهور بوارد لأي مشكلة، كما يحدث دائما مع الائتمان الممنوح للمستثمرين والذي يمثل ضاغط أساسي، مضيفاً: "وخلاصة القول أنها مراوغة أمريكية خوفا من نهوض المارد الصيني واستحواذه على حجم أكبر من التجارة العالمية بعدما منح نفسه أفضلية تصديرية بتخفيض قيمة عملته أمام الدولار ما يشجع على استيراد السلع منه".
ولفت إلى أنه سبق وطلبت الولايات المتحدة من الصين رفع سعر اليوان وكان الهدف الأساسي هو تقويض قدرتها التجارية إلا أن النمر الآسيوي قام بعكس ذلك تماما وترتب عليه تخفيض الدول المجاورة للصين لعملاتهم المحلية مثل كازاخستان وفيتنام، والأزمة عموما تندرج تحت طائلة الصراع القذر الذي تمارسه الولايات المتحدة على العالم لأنها لا ترى فيه سوى نفسها ولا تعترف بالآخرين وتعتبرهم رعاة في حديقتها.
ونوه إلى أن أبرز المتأثرين جراء تلك الأزمة المفتعلة سيكون على رأسهم البورصة الصينية بطبيعة الاتهام المكال إليها بأنها مركز الأزمة بجانب كل الأسواق الناشئة نظراً لضعفها مثل الخليجية والمصرية وكل من له علاقة في الأسواق الأوروبية، والعامل الأساسي في ذلك هو المارجينت أو السمسار فكما يحدث بمصر عندما تحدث أي أزمة تضغط الشركات على العملاء للبيع لتسترد أمواله خوفاً من الخسارة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لجأت إلى الاحتيال والاغتيال الاقتصادي للدول لتبقى هي متربعة على القمة، ففي الوقت الذي تصيح فيه أمريكا خوفا من أزمة عالمية بسبب الصين التي يحصل إجمالي ناتجها القوي إلى 3 تريليون دولار تجد أن الولايات المتحدة نفسها يصل حجم إنتاجها القوي إلى 15 تريليون دولار بما يؤكد أن تراجع الـ1% من الاقتصاد الصيني لا يؤثر عالمياً.