رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة سد النهضة: إثيوبيا تلعب بورقة "المماطلة".. ومصر عليها التحرك بسرعة

سد النهضة
سد النهضة

أزمة لم تكن بالجديدة بدأت عقب نكسة 1967، لكنها اشتدت على أوجها بحلول عام 2013، حتى وصلت المفاوضات بها إلى 8 جولات دون نتيجة تذكر، هي أزمة إنشاء سد "النهضة" الإثيوبي، الذي يتم بناؤه بالقرب من الحدود الإثيوبية السودانية.

آخر ما وصلت إليه تلك الأزمة في عهد الرئيس "عبد الفتاح السيسي" هو اجتماع اللجنة الثلاثية لسد النهضة السبت، والذي أفضى إلى قرار بمنح المكتبين الاستشاريين لسد النهضة الإثيوبي مهلة حتى 5 سبتمبر لتسليم العرض الفني "المعدل" ومراجعته من قِبَل خبراء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.

لتكون المرة الثامنة التي تؤجل فيها المكاتب الاستشارية بإثيوبيا المفاوضات بشأن السد، الأمر الذي حذر منه خبراء المياه والاقتصاد، مؤكدين أن الجانب المصري لا يقدم على خطوات جادة، منتظرًا التفاوض الذي تماطل فيه إثيوبيا لإنشاء أكبر قدر من السد.

"أماني الطويل".. مدير الوحدة الأفريقية بمركز الأهرام، رأت أن السياسية والتكتيك الإثيوبي يعتمد على المماطلة وإضاعة الوقت حتى يتم الانتهاء من تحويل قرار إنشاء السد من خيال إلى واقع.

وأوضحت أن الجانب الإثيوبي لديه هواجس عديدة من الطرف الهولندي (المكلف بإعداد العرض الفني للمشروع)؛ لأنه أصدر فيما سبق عدة معادلات رياضية وإحصائيات، أكد خلالها أن إنشاء السدود في إثيوبيا يضر بالصالح المصري، ويؤثر على حصتها في مياه النيل، لذلك فهناك موقف إثيوبي مسبق من هولندا بالرغم من موافقتهم على بعض القرارات الأخرى فيما سبق، وهو الأمر الذي يدفعهم للتأجيل والمعارضة في كل مرة.

وأشارت إلى أن اجتماع الرئيس "عبد الفتاح السيسي" بوزير الري "حسام مغاوري" يعني وضع مسار جديد لتقييم الموقف المصري ومسار المفاوضات، التي وصلت حتى الآن إلى 8 جولات دون أي تقدم.

وشددت على ضرورة التحرك من الجانب المصري، والضغط على الأقطار الإفريقية أو التفاوض معها، سواء عبر الاتحاد الإفريقي أو الدبلوماسية المصرية الإفريقية، كي تمارس بدورها ضغوطات على إثيوبيا من أجل الوصول إلى العرض الفني ومعامل الأمان والإحصائيات المطلوبة.
وأضافت، أن المرحلة الأولى من بناء السد لو تم البدء فيها من الآن سوف تستغرق سنوات كثيرة، ولن تنتهي قبل حلول عام 2016، حتى تصل السعة التخزينية إلى 47 مليار متر مكعب، لذلك وجب على الجانب المصري التحرك لتلافي تلك الخطورة القادمة.
وأوضح مغاوري شحاتة، رئيس جمعية المياه السابق، أن هذه المرة يبدو أن الجانب الأثيوبي ليس طرفًا في عملية التأخير؛ لأن الاجتماع الأخير بين مصر وإثيوبيا والسودان في الخرطوم 20 أغسطس الجاري؛ لبحث أسباب عدم تقدم المكاتب الاستشارية بعرضها الفني المقرر له 10 أغسطس، ولم تظهر إثيوبيا ككيان يرغب في المساومة.

وأشار إلى أن التأجيل من جانب المكاتب الاستشارية، وإثيوبيا تبدو متظلمة من الموقف بدليل اجتماعها ومطالبة المكاتب الاستشارية بالعرض الفني، بالتالي الظاهر في الصورة أن المعطل هو المكاتب الاستشارية، وخاصة الشركة الفرنسية، وبناءً عليه أرسلت اللجنة خطاب لهم بمهلة أخيرة لتقديم العرض الفني، يوم 5 سبتمبر المقبل.

ولفت أن التزام المكاتب الاستشارية ينهي الأمر، وبدون ذلك سيكون هناك موجة من البحث وراء الأسباب الحقيقية عن تفاوت المواعيد، خاصة وأن الشركة الفرنسية يذاع أنها على علاقة بالجانب الإثيوبي.

وأشار إلى أن طبيعة المفاوضات في ملف سد النهضة صعبة ومرهقة، وهناك التزام من جانب الرؤساء الثلاثة بالاتفاق الإطاري لحل المشكلة، وتعد 5 سبتمبر المقبل آخر موعد للانتهاء من مشكلة سد النهضة، وبعدها يتم تحديد أسبوع خلال شهر سبتمبر للتوقيع في القاهرة.

وأضاف: "إن الرئيس السيسي، بالتفاوض والاتفاق الإطاري، وهو ما يجب أن يتخذه الجانب الإثيوبي في الحسبان بأن مصر تتخذ من نهر النيل ملتقى اتفاق وليس صدام، وهو ما يحاول إرساءه الرئيس باتباع المسلك السلمي.
وأكد أن عدم إعلان المكاتب الاستشارية العرض الفني في 5 سبتمبر يمثل مشكلة كبيرة، يترتب عليه تعقيد للموقف وإعادة النظر في المكاتب، واختيار أخرى بديلة.

وقال هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن إثيوبيا تتعمد إهدار الوقت في المفاوضات بشأن سد النهضة، ونجحت في إغراق مصر في تفاصيل وخلافات لا نهاية لها.

وأضاف: "إن المفاوضات مع الجانب الإثيوبي لا تنتهي منذ عام تقريبًا، مؤكدًا أن إثيوبيا هي الطرف المستفيد من هذه المفاوضات وتضييع الوقت، وعلى جانب آخر يستمرون هم في بناء سد النهضة، لوضع مصر أمام الأمر الواقع.

وشدد على أهمية تقييم الموقف بأكمله للوقوف على حقيقة الموقف بعد أن بدا للجميع الموقف الإثيوبي المراوغ، وإشراك جميع مؤسسات الدولة المعنية والالتزام بالشفافية والصراحة؛ لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.