الموت على موائد المصريين.. دواجن مهرمنة تغزو الأسواق
أصبحت الدواجن البديل الأمثل الذي يلجأ إليه المواطنون في ظل الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار اللحوم؛ لأنها الأنسب ماديًا وليس صحيًا، ففي ظل غياب الرقابة على مزارع الدواجن يلجأ المربون لاستخدام الهرمونات المحظورة دوليًا لزيادة أوزانها، ضاربين بتعليمات المنظمات الدولية بحظر استخدام تلك المركبات عرض الحائط.
وفقًا لآراء الخبراء والمتخصصين، فإن آثار تلك المركبات "كارثية"، حيث تؤدي إلى الإصابة بأمراض السرطان والفشل الكلوي وتدمر الكبد.
أحد مربي الدواجن قال لـ"الدستور": "نتعامل مع شركات كبريات مهمتها توريد الكتاكيت إلينا، ونعمل نحن على تربيتها سواء في المزارع الصغيرة أو المنازل، البعض يلجأ لإضافة الهرمونات للأعلاف لتقليل فترة النمو، إضافة إلى استخدام المضادات الحيوية بصورة مفرطة".
وتابع: "الغالبية من المربين يلجئون لاستخدام الهرمونات للحصول على أوزان كبيرة دون اهتمام بما قد يتبعه من آثار سلبية خطيرة على صحة المستهلك"، لافتًا إلى استخدام أنواع معينة من الحقن تحقن في أرجل الدواجن.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه مصادر مطلعة عن إضافة بعض المزارع الهرمونات الأنثوية للدواجن؛ للحصول على أوزان كبيرة، إضافة إلى مركزات بروتين عالية قد تشتمل في الدواجن المستوردة على دماء السلخانات وفمروم الحيوانات النافقة ومخلفات مصانع الأسماك ومخلفات الحيوانات.
الاتحاد الأوروبي يمنع..
"مركبات لها تأثيرات وخيمة على الصحة العامة للمواطن" بتلك الكلمات بدأ الدكتور حسين قاعود، رئيس قسم صحة الحيوان بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، حديثه تعليقًا على مدى خطورة استخدام هرمونات النمو في مزارع الدواجن، وتابع: "تستخدم المزارع هرمونات الاستروجين والتستسترون في المزارع للحصول على زيادة في حجم الدواجن دون النظر لتأثيراتها على المستهلك".
ولفت أن تلك الهرمونات لها تأثيرات سلبية على الصحة الإنجابية لدى الشباب، حيث تسبب الإصابة بالعقم، مشيرًا إلى أن الدراسات أثبتت بما لايدع مجال للشك تسبب الهرمونات في الإصابة بالأمراض السرطانية خاصة هرمون الاستروجين ذلك الهرمون الأنثوي.
وكشف عن حظر الاتحاد الأوروبي تداول أي من الأغذية المعاملة بالهرمونات لخطورتها الشديدة على الصحة العامة، منوهًا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد الأعلى دوليًا في الإصابة بسرطان الثدي؛ نتيجة لاستخدام أحد الهرمونات التي تساهم في سرعة إدرار الألبان.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة لم يكن لها دور في مكافحة ومواجهة هذه المخاطر، حيث تعتبر أداة من أدوات الفساد المنتشرة في مصر.
الزراعة ترفض التحذيرات..
قال الدكتور مصطفى عبد العزيز، مقرر لجنة المتبقيات الدوائية في منتجات اللحوم، إن مزارع الدواجن قديمًا كانت تستخدم حبوب منع الحمل لزيادة أوزان الدواجن، إلا أنه بعد ارتفاع أسعارها تم اللجوء لاستخدام مواد أخرى لتسمين الدواجن بما فيها بعض الأنواع من المضادات الحيوية والفيتامينات، مشيرًا إلى أن تلك المواد تستخدم في المزارع لزيادة الوزن وهو ما يعد نوعا من الإضرار بصحة المواطنين وغشًا تجاريًا في الوقت ذاته فهو غش لأن الزيادة في الوزن جزء كبير منها مياه؛ وذلك بسبب احتباس الأملاح المعدنية تحت جلد الدواجن، ومن ناحية أخرى فإن جزء كبير منها عبارة عن دهون.
وأضاف: إنه لا يطبق بمصر ما يطلق عليه بفترة سحب الدواء وهي فترة إلزامية لدى أي ستخدم للمواد الدوائية وهذه الفترة تكون قبل الذبح بفترة محددة أو قبل جمع البيض إلا أن هذا النظام غير متبع، ففي مصر يتم وضع هذه المواد للدواجن حتى يوم الذبح وطرحها للمستهلكين في الأسواق، لافتا إلى أن هذه المواد لها آثار سلبية في مستقبل الحياة الطبيعية للمواطنين، فقد يكون لها تأثير سلبى من الناحية الإنجابية حيث تضعف الحيوانات المنوية، مشيرًا إلى استخدام تلك المركبات محظور استخدامها دوليًا، إلا أنها مازالت تستخدم في مصر.
وأشار إلى أن المضادات الحيوية يتم إضافاتها إلى الأعلاف أما عمليات الحقن فتمل عبء على أصحاب المزارع لكثرة عدد قطيع الدواجن، بالإضافة إلى أن ارتفاع تكلفة عمليات الحقن، منوهًا أن مصانع الأعلاف تضيف المضادات الحيوية إلى الأعلاف دون أن تعترض أية جهة من الجهات المسؤولة.
ونبه أن إضافة المضادات الحيوية إلى علف الدواجن من شأنه فقدان قيمة المضاد الحيوي العلاجية، موضحًا أن شكوى الدول الغربية من إفراط مصر في استخدام تلك المركبات الأمر، الذي خلق مناعة ضدها وعدم الاستجابة لقدرتها في مكافحة الأمراض خاصة مضادات السل وقرحة المعدة وغيرها من الأمراض.
ونوه أن الخطورة الكبرى تتمثل في بقايا مجموعة "الامينو جليكوسيدات" والتي تؤدي إلي تدمير الكبد والكلي، مشددًا إلى أن خطورة بقايا تلك المركبات تتزايد فيما يتعلق بمرضي الكبد والكلى، إضافة إلى أن زيادة نسبة الفيتامينات من شأنها ترك آثار ضارة حيث يؤدي الإفراط في تناول فيتامين D من شأنه التأثير بصورة سلبية على العظام.
وأكد عبد العزيز أن الحل يكمن في التغذية السليمة المتوازنة للدواجن وهي التي تجمع بين جميع بين جميع متطلبات الدواجن من مواد غذائية، وهو ما سيؤدي لنتائج أفضل بكثير من نتائج الهرمونات، مضيفًا الرقابة في مصر على مزارع الدواجن منعدمة تمامًا، لافتًا أنه لو كانت هناك رقابة ما استطاع أي من أصحاب مزارع الدواجن تجاوز القانون واستخدام هذه المواد المحظورة دوليًا.
ولفت أن وزارة الزراعة تتنصل من مسئوليتها في الرقابة على المزارع والحد من استخدام تلك المركبات بما يساهم في الحفاظ علي صحة المستهلك؛ بحجة أن هيئة الخدمات البيطرية هي الجهة المسؤولة عن مزارع الدواجن، مشيرًا إلى أن الهيئة هي الأخرى تتنصل من مسؤوليتها بحجة أن تشرف على المجازر متناسية وجوب إجراء تحاليل؛ للتأكد من خلوها من أية بقايا دوائية.
تسبب السرطان والخلل الهرموني..
أما الدكتورة الشيماء رفيق سيد، الباحثة بمعهد بحوث صحة الحيوان، فتقول: إن الهرمونات عبارة عن مواد كيميائية عضوية تفرز من الغدد الصماء داخل الجسم وتصب في مجرى الدم مباشرة، حيث يؤثر ذلك فسيولوجيا على عضو أو نسيج بعيد عن مكان الإفراز,مشيرة إلي أنها تستخدم لغرضين الغرض علاجي؛ وذلك لمقاومة بعض الأمراض التي تصيب الإنسان، مثل: الأنسولين، والكورتيزون، والأستروجين، وغيرها.
ونوهت أن الغرض الأخر من استخدام الهرمونات يتمثل في تنشيط النمو في مجال الإنتاج الحيواني بتغذية الحيوانات والطيور عليها في صور مختلفة لزيادة معدل النمو وتحسن الصفات الإنتاجية.
وتشير إلى استخدام بعض مربي الدواجن أقراص منع الحمل وذلك بإضافتها إلى غذاء والتي تتركب من هرموني الأستروجين والبروجسترون وتعمل العديد من شركات إنتاج الدواء بإنتاج هذه الهرمونات في صورة مركبات يتم تخليقها صناعيا بحيث تشبه في تأثيرها الهرمونات الطبيعية.
وتابعت: "الهرمونات المنشطة للنمو تقسم بين نوعين وهي الهرمونات الجنسية الأنثوية تلك التي تفرز من الغدد الجنسية للإناث، ويمكن إنتاجها صناعيا في صور مختلفة ومن أمثلتها "داى إيثيل ستلبسترول - إيثيل إستراديول، بنزوات استراديول، هكسوسترول"، إضافة إلى الهرمونات الجنسية الذكرية وهي التي تفرز من الغدد الجنسية الذكرية, وتسمى بالأندورجين, حيث تنتج صناعيا في صورة بروبيونات التستسترون، أما النوع الأخير فهي هرمونات الغدة الدرقية مثل "الثيروكسين"، وتنتج صناعيا في صورة مركب يشبهها في نفس التأثير وهو يوديد الكازين"، أن للهرمونات تأثيرات ضارة على جهاز المناعة وصفات الجنس، إضافة إلى الإصابة بالأمراض السرطانية.
غياب الرقابة السبب..
وقالت الدكتورة شيماء عبد العليم، الباحثة بمعهد بحوث صحة الحيوان، من المفترض وجود رقابة بيطرية فى المجازر للإشراف على ذبح الطيور والتأكد من سلامتها ولكن هذه الرقابة غير موجودة لعدم وجود قانون ينص على ذلك، وهو ما يستلزم ضرورة تفعيل جميع القوانين التى تجرم استخدام هذه المواد المحرمة دوليا وعودة دور الرقابة الإدارية ومشاركة منظمات المجتمع المدني في مراقبة المجازر وضبط الأسواق.
وأكدت إن حبة واحدة من حبوب منع الحمل تؤدي إلى زيادة وزن الطائر لما يقرب من 200جرام، وهو ما يعد نوعا من الغش فالمستهلك، ويعود ذلك علي أصحاب المزارع أرباح طائلة من وراء ذلك ضاربين عرض الحائط بصحة المواطنين، إضافة إلى أن القيمة الغذائية للدواجن تتراجع بصورة كبيرة، فضلا عن إصابة المستهلك باضطرابات في هرمون الذكورة.
آثارها كارثية..
ومن جهته قال الدكتور أحمد شوقي، الخبير البيطري، إن أصحاب المزارع على دراية كاملة بخطورة تلك المواد وتأثيراتها الخطيرة علي الصحة العامة، مشددًا على ضرورة فرض إشراف بيطري كامل على المزارع ووضع عقوبات رادعة عقاب تتناسب والآثار الكارية لتلك المواد على الأجيال القادمة.
وذهب إلي أن الآثار التراكمية تؤدي إلي الإصابة بالأورام السرطانية نتيجة لتراكم متبقيات الهرمونات فى جسم الطائر والتي تنتقل بالتبعية للإنسان.
تساؤلات مشروعة..
ومن جهته طرح الدكتور حسين منصور، رئيس وحدة سلامة الغذاء بوزارة الصناعة والتجارة، مجموعة من التساؤلات والتي طالب الجهات المسؤولة بضرورة وضع إجابات عليها، وتمثلت في ضرورة الإفصاح عن ماهية محفزات النمو المصرح وغير المصرح باستخدامها في مزارع الدواجن؟، كما طالب بضرورة تحديد الجهة المسئولة عن الرقابة علي استخداماتها؟.
وأشار إلى أن 80% من مزارع الدواجن في مصر غير مرخصة فالسؤال هو هل تتولي الجهات الرقابية الإشراف علي كافة المزارع المرخصة وغير المرخصة أم أن الرقابة مقتصرة علي الـ30% الحاصلة علي تراخيص حكومية؟.
تدمر الكبد..
كما أكد الدكتور محمد العتيق، أستاذ الكبد، أن استخدام هرمونات النمو أو حبوب منع الحمل في مزارع الدواجن بغرض زيادة أوزانها لها تأثير سلبي كبير على عمل الكبد، حيث تؤدى إلى زيادة نسبة الدهون الكبدية ، كما أنها تؤثر أيضا على الإنزمات الكبدية، لافتا إلى أنها تؤدى إلى بعض الأمراض التي قد تصيب الكبد قد تؤدى هذه الهرمونات وحبوب منع الحمل إلى تحويلها إلى أورام، مطالبا بضرورة مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التي تؤثر بالسلب على صحة المواطنين.
الحل التخلص من الجلد..
وفي سياق متصل أكد الدكتور مجدي نزيه خبير التغذية، عدم وجود أية تقارير رسمية تشير إلي استخدام مزارع الدواجن الهرمونات النمو للحصول علي زيادة كبيرة في أحجام الدواجن، موضحًا أنه في حالة استخدام بعض المزارع للهرمونات لا يمكن تعميم الأمر علي الجميع.
وطالب خبير التغذية المستهلك بضرورة نزع الجلد عن الدواجن للتخلص من بقايا الأدوية البيطرية والهرمونات والتي تستقر بتلك الأجزاء دون انتقالها إلي اللحوم، لافتًا أن التخلص من الدهون من شأنه المساهمة في التخلص من مشكلات تلك المركبات.
الخدمات البيطرية: الهرمونات محظورة والفيتامينات والمضادات الحيوية آمنة.
ومن جهته قال الدكتور إبراهيم محروس، رئيس هيئة الخدمات البيطرية، إن المضادات الحيوية لا تستخدم في المزارع إلا في حالة ظهور أية حالات مرضية تستلزم استخدام تلك الأدوية، والتي تستخدم لفترة محددة وتنتهي بالشفاء من المرض، لافتًا إلي أن الحيوان لايتم ذبحه إلا بعد مرور فترة سحب متبقيات الدواء من جسمه وذلك بعد مرور 21 يوم للتأكد من تخلص الجسم من تأثيره وعدم وجود أية أثار.
ونوه إلي أن الفيتامينات تتطابق مع التي يحصل عليها الإنسان حيث تساعد علي التمثيل الغذائي ولا يوجد لها أية تأثيرات سلبية، مشيرًا إلى أن الخطورة تظهر في حالة استخدام البعض لهرمونات النمو، وهي مركبات محظورة.
وشدد على ضرورة تعيين طبيب بيطري بكل مزرعة للتعاون معه، وتطبيق كافة معايير الآمان الحيوي، مؤكدًا أن المربين يهدفون إلى تحقيق مكاسب مالية، الأمر الذي يحد من إضافة مركبات قد تزيد من تكلفة الإنتاج.