هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور
مشكلة الطفيلية في العمل المؤسسي
مشكلة الطفيلية في العمل المؤسسي
الكائنات الطفيلية هي مجموعة من الكائنات تعيش متطفلة على الكائنات الأخرى بحيث تتغذى على كل ما يتغذى عليه الكائن المضيف مما يصيبه بالمرض و الوهن ، و هذا تقريبا هو تشخيص أحوال الكادر الوظيفي في معظم المؤسسات العامة و الخاصة ،فهناك دائما الموظف الذي يعيش على أعمال و مجهودات الموظفين الأخرين.
و المشكلة في هذا النوع من الطفيليات هو أنه يجهض أي محاولة للتغيير و التجديد و التطوير طالما أنها بعيده عن بصمته النهائية ، فهو يريد أن يكون مذكورا في الماضي و الحاضر و المستقبل ، فكل تجديد في العمل يجب أن يظهر و كأنه نابع من فكره المتطور وحده و كل إنجاز يتم يجب أن يكون هو أول من ساهم فيه و عمل على إبرازه و نجاحه بخبراته الفذة.
فتجد الموظف المجتهد يحترق في عمله ليل نهار كي ينجز و يحقق النجاح في عمله و لكن للأسف الذي يظهر في الصورة هو ذلك الموظف الطفيلي الذي يرفع الإنجاز بنفسه للمسؤول الأعلى كي ينسب العمل لمجهوداته العملاقة على الرغم من أنه يقضي فترة عمله جالس على مكتبه يؤدي عمل خاص به أو مزوغ خارج المؤسسة و لا يظهر إلا عند وجود افتتاح لمشروع أو اجتماع ما.
و العجب كل العجب عندما تسمع أمثال هؤلاء الطفيلين يتحدثون في الاجتماعات العامة فترى كلمات الصدق و الأمانة و حسن الخلق و الخوف الشديد من الله و الضمير الحي و التواضع بل و تكاد تشعر بالجدران تهتز من نبضات الصدق في قلوبهم الخاشعة الورعة وما أن تنتهي الاجتماعات حتى يكونوا هم أول من يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة العمل و أول من يزوغ من العمل و أول من يسرق أعمال الأخرين لينسبها لنفسه و أول من يحارب أي فكره أو أي عمل غير الذي يأتي من تحت أياديهم الملوثة بالكذب و النفاق و الغش.
و الغريب في هذه البيئة الطفيلية أنك تحسبهم جميعا و قلوبهم شتى فتراهم مع بعض يضحكون و يبتسمون و يتسامرون و كأنهم يدا واحدة و لكن في حقيقة الأمر هم في حالة من الغليان و الكراهية و الحقد و الغل و الشراسة لم يسبق لها مثيل ، و يكفي أن تجلس منفردا مع كل طفيلي منهم لتسمع كيف يتحدث عن الطفيلي الأخر و كيف يصفه بشتى الأوصاف الشيطانية و كأنه يصف نفسه الخبيثة.
إن هذا الفساد الطفيلي هو الخطر الحقيقي على المجتمع و هو الداء الذي يجب أن نبحث له عن دواء و من وجهة نظري أن علاج هذه الطفيليات يعود إلى الموظف المجتهد الذي يترك عمله في أيادي غير أمينة و إلى المسؤول الذي لا يتأكد من الدور الحقيقي الذي يقوم به كل موظف يعمل في المؤسسة التي يديرها . حفظ الله مصر . حفظ الله الأمة العربية .