"ترويض" أمريكا.. واستعادة "الدب الروسي"
"قطبا العالم.. روسيا وأمريكا".. تفاوتت العلاقات المصرية مع كلا القوتين على اختلاف الأنظمة السياسية منذ ثورة 1952، فما بين الشد والجذب رسمت مصر سياستها الخارجية.
العلاقات بين مصر وروسيا تعود إلى عهد القياصرة الروس في منتصف القرن السادس عشر، واستمرت إلى فترة الاتحاد السوفيتي الذي دعم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وازدهرت العلاقة بين البلدين في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
لكن تلك العلاقة، أخذت في الفتور، خلال فترة حكم الراحل أنور السادات، الذي قطع العلاقات المصرية الروسية نهائيًّا عام 1976، وطرد الخبراء الروس من القاهرة، في ظل سياسة الانفتاح التي اتبعها على مدى فترة حكمه.
واستبدل السادات، قطع العلاقات مع روسيا، بالتعاون التام مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما فتح المجال للهيمنة الأمريكية على العلاقات المصرية الخارجية، التي ظلت ممتدة إلى نظام مبارك، ووصلت إلى حد الانصياع الكامل في عهده.
بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الحكم بعد ثورة 30 يونيو، تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن مصر، وبدأت القاهرة تبحث عن حلفاء جدد، وبدأت في التقارب مرة أخرى مع روسيا، على أساس من التوازن، وفي نفس الوقت حكم مبدأ الندية علاقاتها بأمريكا.
تعددت الزيارات بين مصر وروسيا، فقام فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي بزيارة مصر، بعد تولي السيسي الحكم، في زيارة هي الأولى من نوعها بعد 50 عامًا، كما زار الرئيس السيسي روسيا مرتين خلال العام الأول من حكمه.
السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وصف السياسة الخارجية المصرية خلال العام الأول من حكم الرئيس السيسي، بأنها ناجحة، مشيرًا إلى أنه من الواضح وجود تصور إيجابي على كافة الأصعدة، خاصة العلاقات المصرية الأمريكية والروسية.
وأشار إلى أنه تم استعادة جزء كبير من التفاهم الموجود في العلاقات المصرية الأمريكية قبل 30 يونيو 2013، كما تم الانفتاح على روسيا بشكل كبير، موضحًا أن السياسة الخارجية تعكس تطلعات الشعب المصري للانفتاح على كافة القوى في المسرح الدولي؛ لأن السواد الأعظم من المصريين لم يرضوا عن الانحياز التام للسياسة الخارجية الأمريكية بصورة شعروا معها أنها لا تضع في الاعتبار مصالح الشعب المصري.
وأضاف "الانفتاح على روسيا وكافة القوى الصاعدة، لقي تأييدًا شعبيًا واسعًا، وأصبح لنا مصالح ومجالا نتحرك فيه، ودخلنا في مرحلة في السياسة الخارجية المصرية، نوظف فيها علاقتنا التاريخية مع القوى الفاعلة في النظام الدولي لحماية المصالح، بشكل به درجة كبيرة من التكافؤ.
واعتبر السفير أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن العلاقات مع روسيا خلال العام الأول لحكم الرئيس السيسي، قفزت بشكل كبير لاسيما في مجال التفاهمات الإستراتيجية والمصالح الوطنية المصرية، وأصبحت العلاقة علاقة قوية في زمن قصير.
وعن الولايات المتحدة الأمريكية، أوضح أن "العلاقات ظاهريًا أخذت مستوى متوسطًا، لكن السياسة الأمريكية مازالت غير مخلصة بالنسبة لمصر، تتظاهر بأن هناك صداقة ورغبة في التعاون مع مصر، والوقائع على الخريطة في منطقة الشرق الأوسط تدل على أن الولايات المتحدة ليست لديها نوايا طيبة تجاه مصر".
وأكد أن "السيسي اتبع سياسة متوازنة تجاه جميع الدول، وأمريكا لا تفهم سوى سياسة التبعية لها، كما كان الوضع أيام المخلوع مبارك، والرئيس نجح في الخروج من هذا الإطار، ومصمم على أن تكون السياسة الخارجية لمصر لا ترتمي في حضن أي قوة عظمى، وأن يكون التعاون وفق تعاملات الدول وما تبديه من تعاون"، مضيفًا أن من يخرج من التبعية الأمريكية يكون مغضوبًا عليه، لكن التعاون مع روسيا صادقا وهناك رغبة في مساعدة مصر، وطالما أن أمريكا تتبع سياسة التبعية، فالعلاقة مع روسيا تستمر علي نفس المستوى وأكثر فيما يتعلق بالتعاون في جميع المجالات.
وأضاف أنه في العام الأول للسيسي، استطاع أن يحول المؤشر من صفر إلى 120 درجة لأنه استطاع أن يحقق إنجازات كبيرة في المجال الأوروبي والإفريقي والتعاون مع روسيا، ومحاولة ترويض أمريكا وجعلها تتبع سياسة إيجابية تجاه مصر.