ليلة النصف من شعبان .. ليلة الإجابة ..
فرحنا بدخول شهر رجب .. وملئت الدنيا بعبارة اللهم بلغنا رمضان .. ومازالت العبارة كذلك تظهر صدق قول النبي لأسامة بن زيد : ( يا أسامة ذاك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان ) .
غفلنا شعبان إهمالا من غير نسيان .. غفلنا ونحن نعلم أنه الشهر الذي يتشعب فيه الخير .. و الشهر الذي ترفع فيه الأعمال .. والشهر الذي تكتب في ليلته أسماء الموتى .. أو كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان .. حتى إن الرجل لينكح ويولد له .. وقد اخرج اسمه في الموتى ).
إن كنا قد غفلنا شعبان أنغفل عن ليلة النصف منه .. وهي ليلة الإجابة كما روي عن أبي إمامة الباهلي مرفوعا : ( خمس ليال لا ترد فيها دعوة : أول ليلة من رجب .. وليلة النصف من شعبان .. وليلة الجمعة .. وليلتا العيدين )
أنغفل عن ليلة يصب فيها الخير صبا كما روي عن أم المؤمنين عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يسح الله الخير في أربع ليال سحاً .. ليلة الأضحي .. وليلة الفطر .. وليلة النصف من شعبان .. وليلة عرفة ) أو كما روت السيدة عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَسِحُّ اللَّهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ سَحًّا : الأَضْحَى وَالْفِطْرِ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ تُنْسَخُ فِيهِ الآجَالُ وَالأَرْزَاقُ وَيُكْتَبُ فِيهَا الْحَاجُّ ، وَفِي لَيْلَةِ عَرَفَةَ إِلَى الأَذَانِ “.
لقد ابتلينا بمن أنكر النصوص الشريفة في شعبان وليلة النصف منه .. فهل نتمسك بقول المنكرين لنغفل معهم عن ليلة من أهم ليال العمر في استجابة الدعاء وهي ليلة النصف .. أنغفل عنها لأن فلان أنكرها بلا نص.. أو لأن غيره اعتبر دعاء ليلة النصف بدعة .. وهي الليلة التي قال فيها أكابر علماؤنا من أهل السنة والجماعة ومنهم الإمام الشافعي رحمة الله عليه في كتابه الأم : إن الدعاء مستجاب في خمس ليال .. في ليلة الجمعة .. وليلة الأضحي .. وليلة الفطر .. وأول ليلة من رجب .. وليلة النصف من شعبان
هل نتخلى عن النفحة الإلهية والإجابة الربانية من أجل أهواء جاءت بلا نص وبلا دليل .. فأين النصوص الشريفة التي قالت إنها بدعة .. أين النصوص التي حرمتها أو أنكرتها ولم تجيزها .. لا توجد نصوص شريفة أكدت زعم المنكرين ..
النصوص الشريفة جاءت تحث على إحياء ليلة النصف من شعبان كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( من أحيا ليلتي العيدين وليلة النصف من شعبان ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) .. و أقوال أعلام علماؤنا أكدت ذلك شرحا كما قال ابن نجيم الحنفي رحمة الله عليه : ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث.
لقد شهدت أم المؤمنين السيدة عائشة بدعاء النبي الشريف ليلة النصف من شعبان في كثير من النصوص .. ففيما رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد و اللالكائي وعبد بن حميد .. عن أم المؤمنين السيدة عائشة قالت : ( فَقَدْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قَالَتْ: قَدْ قُلْتُ وَمَا بِي ذَلِكَ وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ - تعالى - يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ )
ليلتنا هذه ليلة عظيمة القدر .. يطلع سبحانه وتعالى على العباد .. يجيب المضطرين .. يؤمن الخائفين .. يعطي السائلين .. يرزق المسترزقين .. يغفر للمستغفرين أو كما قال النبي : ( يَطَّلِعُ اللهُ تبارك وتعالى إلى خلقِهِ ليلةَ النِّصفِ مِنْ شعبان فيغفرُ لجميعِ خلقِهِ إلا لمشركٍ أو مُشاحن ) ..هذه ليلة النفحة الإلهية .. ليلة المنحة الربانية .. فلنغتنم ممر الساعات في ليلة النصف من شعبان .. ليلة الإجابة ..
باحث إسلامي ـ علاء أبوحقه