سيناء القطر المهمل.. كنوز من الموارد والفرص والرؤية مازالت غائبة
أكد خبراء، أن شبه جزيرة سيناء غنية بالموارد الطبيعية والفرص الاستثمارية القادرة على سد عجز الموازنة المصرية وتحويل هذه البقعة من أرض مصر إلى خلية نحل في نشاطها وروعة تركيبها بعدما باتت أشبه ببيت العنكبوت، معتبرين كل الرؤى والتصريحات التي أكدت سعي الوزارات والهيئات المختلفة لتنمية سيناء قاصرة وليست على المستوى المطلوب، مطالبين بضرورة وجود رؤية وسياسة شاملة على مستوى عالٍ تقودها الدولة بكل مؤسساتها بدءًا من الرئاسة مرورًا بالوزرات والهيئات لتغير خريطة سيناء تمامًا.
وانتقد الخبراء تصريحات مصطفى مدبولي -وزير الإسكان- التي وعد فيها بتحقيق التنمية بسيناء بشكل عام مؤكدين أن موازنة العام الحالي جاءت دون أي بند واضح للتخصيص في هذا الشأن وهذه التصريحات لا تعدو كونها استهلاكًا محليًا نظرًا لغياب الرؤية والسياسات الواضحة، مشيرين إلى أنه تم إنفاق الكثير على تنمية سيناء وإنشاء جهاز للتعمير وهو مالم يسفر عن أي شيء حتى الآن على أرض الواقع.
وشدد الخبراء على أن تنمية سيناء لا تتوقف على إقامة وحدات سكنية فقط وإنما تحتاج لخطة تنمية شاملة يجب أن تتم على مستوى أكبر من كل الوزراء، لافتين إلى أن ثروات وموارد سيناء قادرة على جذب الاستثمارات الكافية لتمويل وتحقيق التنمية الحقيقية بسيناء والكافية لامتصاص معدلات كبيرة من البطالة وسد ديون مصر الداخلية والخارجية لها.
قال الدكتور رضا حجاج، أستاذ التخطيط العمراني بجامعة القاهرة، إن مفهوم التنمية يعني حصول كل مواطن على حقوقه الدستورية، وما تقوم به الحكومة في سيناء حاليًا يخالف 12 مادة من الدستور بدءًا من تهجير السكان وهدم البيوت، مضيفًا أنه لا يمكن الحديث عن تحقيق تنمية في ظل ما تقوم به الحكومة في سيناء، بجانب التعامل الأمني الخاطئ مع الأهالي الذين يتميزون بالطبيعة القبلية ما ينذر بوجود عداء شخصي في المستقبل بين السكان والأمن، مؤكدًا أن النظرية الأمنية المتبعة في سيناء تتجاهل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتي تعد المداخل الرئيسية لسيناء.
وأضاف، أنه لا يمكن تحقيق التنمية في سيناء دون توافر موارد المياه، مشيرًا إلى أنه تم تدشين مشروع بالأمم المتحدة لحفر الآبار بسيناء وتم استقدام حفارتين يمكنهما الوصول لعمق 1500 متر وأخرى إلى 650 مترا بجانب بعض أجهزة الاستشعار لاكتشاف أماكن المياه وهو ما لا يملكه مقاولو القطاع الخاص، متسائلًا عن مصير المشروع في الوقت الحالي بعدما عطل وتم تكهين معداته وسرقة بعضها على الرغم من أنها معدات طويلة العمر، وبالتالي هناك أزمة في موارد المياه في سيناء لا يمكن أن تتم دون حلها.
وتابع، أنه تم عمل دراسات من قبل معهد بحوث المياه الجوفية والأمم للخريطة المائية لسيناء وهو ما يجب الاعتماد عليه في تحديد مناطق التنمية المستهدفة وهو ما لم يتم حتى الآن، مضيفًا أن مشروع تنمية مصر 2052 الذي يعتبر سيناء أحد أهم بنوده، اعترضت عليه هيئة القوات المسلحة لأنه لا يخدم مصالح الأمن القومي المصري، مشيرًا إلى أن إنشاء وزارة الإسكان لمدن جديدة أصبح غير مجدٍ بعدما وصلت نسبة الإشغال بتلك المدن لنحو 5%، منتقدًا ضخ الأموال في مشروع العاصمة الإدارية بدلًا من توجيهها إلى تحقيق التنمية الصناعية والزراعية وتوفير فرص العمل خاصة مع توافر ملايين الوحدات السكنية الشاغرة بالقاهرة.
وانتقد تقصير الجهاز المركزي للتعمير في تحقيق التنمية بسيناء، مضيفا أن تطوير وتنمية السيناء لا يجب أن تقتصر على شرم الشيخ، خاصة أنها تمتلك من الخيرات الكثير من مساحات شاسعة للزراعة والسيول الشديدة الغير مستفاد منها والتي يمكن أن تصبح موردا أساسيا للمياه هناك والتي يمكن أن تساهم في زراعة مليون فدان، متابعًا أن مشاريع التعدين والاستزراع السمكي غير تابعة لوزارة الإسكان ولا يجب أن تضع خطط لتلك المشارع دون التفاعل مع الوزارات والجهات الأخرى، خاصة أنه تعتمد على مشروع مصر 2052 الذي لاقى اعتراض هيئة التنمية الزراعية وكذا التنمية الصناعية.
وأردف قائلا، إن سواحل سيناء لا يجب أن ترتكز على الاستثمار السياحي فقط فتلك السواحل بمثابة مملكة للثروة النبتية والسمكية، مشيرا إلى أن سيناء تعد من أشهر المناطق في العالم بالنباتات الطبية والعطرية والتي لم يفكر حتى الآن في استثمارها أو حصرها فيما تقوم دول مثل استراليا بإقامة متاحف للأحماض النووية لتلك النباتات لإعادة إنتاجها وبيعها، مؤكداً أن عائد تجارة تلك النباتات ضخم للغاية، مضيفاً أن الدراسة والرؤية الحقيقية لتنمية سيناء مازالت غائبة ولا يمكن اعتبار بناء بضع وحدات سكنية تحقيقاً للتنمية المرجوة، ولا توجد إرادة سياسية حقيقية لتحقيق التنمية في سيناء.
من جهته، قال أحمد خزيم الخبير الاقتصادي إن الموازنة العامة لمصر 2014-2015 لم تتضمن أي بند عن التنمية في سيناء طبقا لما أعلنت عنه الحكومة، مضيفاً أن إقرار أي اعتمادات مالية للتنمية أو الاستثمار أو تدعيم المرافق أو الخدمات التعليمية والصحية يجب أن يتواجد بأبواب موازنة الدولة منذ إقرارها، سواء بقانون من رئيس الجمهورية في ظل غياب المجالس الرقابية أو إصدرها بعد بعد المناقشة في المجلس النيابي ومصر بلا أي مجالس نيابية منذ 4 سنوات، وبالتالي فتيسيراً للأمر تخرج الموازنة بمرسوم قانون من رئيس الجمهورية باعتماد الموازنة العامة للدولة.
وأضاف أنه إذا كانت الموازنة العامة للدولة تتضمن 67 مليار جنيه للاستثمارات منهم 35 مليار من خزينة الحكومة والباقي من القطاع الخاص، إذا فحديث السيد الوزير –مع قرب انتهاء السنة المالية- ربما عن الموازنة التي لم تظهر بعد، مشيراً إلى أن تحقيق التنمية في سيناء يجب أن يسبقه ضخ للمرافق والخدمات في المنطقة وهو ما يتطلب تكاليف مرتفعة بخلاف تكلفة الوحدات السكنية، متابعاً أن هذا يعني أنها تصريحات للاستهلاك المحلي تماماً كحديث رئيس الوزراء عن اعتبار الإهمال امتداد للأرهاب وإعلانه الحرب عليه دون خطة أو سياسات واضحة لتغير أداء الاقتصاد المصري والمصالح والهيئات التي تمنع هذا الإهمال.
وتابع أن دحر الإهمال يتطلب مجموعة من البرامج الواضحة يتم تدريب العاملين عليها بدءًا من القيادات الوسيطة والعليا، مؤكداً أن تلك التصريحات للوزراء والمسئولين لا تصب في صالح النظام والحكومة لأنها غير واقعية والمواطن المصري قادر على التحمل إلى أن يرى صدق وعود الحكومات، لكن كل هذه التصريحات تؤيدي إلى انعدام حالة الثقة في الحكومة مكتملة ومن ثم النظام وحتى الرئاسة، مطالباً الحكومة بالكف على التصريحات الاستهلاكية واتباع أسلوب المسكنات، مضيفاً أن تنمية سيناء تتم من خلال وضع خطة عبر وزارة التخطيط ورسم لجدول للتنمية في سيناء من مرافق وأراض وطرق وتحديد التكاليف وبنود تمويلها.
وطالب الوزراء بتحمل المسئولية تجاه تصريحاتهم ووعودهم، مضيفاً أن عدم محاسبة أي مسئول على تصريح ترك الباب مفتوحاً لسيل من التصريحات والوعود الغير حقيقية، وعموماً فقد تم صرف مبالغ ضخمة على التنمية في سيناء وإنشاء جهاز للتعمير خاص بها وكانت المحصلة صفر، فسيناء التي تتساوى في المساحة مع مملكة الأردن وفلسطين المحتلة ولبنان مجتمعين وعمليات التنمية بها يجب أن تكون على مستوى حجمها، وباعتبار سيناء شبه جزيرة فبها مزارات وشواطئ ومعادن وغاز وبترول وزراعات ونباتات خاصة، إضافة لـ13 محور من ثروة داجنة وسمكية وحيوانية والمعادن التحويلية وغيرهم بجانب وجودها على أهم ممر ملاحي في العالم.
واستطرد أن مزايا وموارد سيناء لا تعد ولا تحصى يضاف إليها البحار التي تطل عليها بجانب الشعب المرجانية والمحميات الطبيعية، وتحتاج سيناء خطة كاملة للتطوير وتدعيم البنية التحتية والمرافق لأنها تتحمل إقامة اقتصاد سياحي وفتح مجال لاقتصاد زراعي وصناعي وخدمي وبحري، وكل هذه العناصر تكاد تتوافر بنسبة 100% في سيناء والتي تكفي لسد عجز الموازنة المصرية خلال 5 سنوات إذا ما أحسن وضع الخطة العلمية لاستغلال الموارد المتوافرة بها، مؤكداً أن سيناء ومواردها قادرين على سد ديون مصر الداخلية والخارجية وامتصاص البطالة في حدها الأدنى.
وأردف، أن ذلك كله ممكن من خلال سيناء إذا وضعت خطة قيمة مضافة يقوم عليها رجال تنمويين تحت إشراف جهاز خاص له كامل الحرية شريطة أن على رأسه قانون يحفظ حق الملكية للدولة المصرية وشعبها ويعطي مرونة للقطاع الخاص الداخلي والخارجي والاستثماري فطبيعة سيناء من ناحية الأمن القومي تتطلب هذا، وأن يحق للمستثمر الاحتفاظ بالمكلية لعدة سنوات من 20: 50 سنة على أن تظل الأراضي والمناجم والشواطئ وجميع الموارد مملوكة للدولة بقانون تحتاجه مصر لتوضيح العلاقة بين القطاع الخاص والدولة من أجل تنشيط هذا القطر المصري.
وأشار إلى أن تنمية سيناء وتعميرها يعد امتداد للأمن القومي المصري يستأصل شأفة الإرهاب، وهو الأمر الذي لا يتحمله وزير استثمار أو إسكان أو مالية بينما يجب أن يوضع برنامج واضح المعالم بخطط مفصلة تحدد مناطق التنمية من صناعية وزراعية وسكانية، مضيفاً أن سيناء تستطيع أن تتحمل 6 موانئ إضافية وأكثر على أن يخصص أجزاء منها للمناطق الحرة وأخرى للتنمية والترانزيت وهو ما لا يتعارض هذا مع مشروع تنمية قناة السويس والمشاريع القائمة عليه، كما تملك سيناء إمكانية توطين 5 مليون مواطن مصري، بالإضافة لتحقيق دخل قومي 3 أضعاف الدخل الحالي خلال فترة من 5: 7 سنوات إذا أحسن متابعة وتنفيذ عمليات التنمية، مشيراً إلى أن موارد سيناء كفيلة بجذب الاستثمارات العربية والأجنبية والدولية المطلوبة لتمويل ودعم التنمية بها.