كل التقدير والتحية للمرأة المصرية
كل التقدير والتحية لإيزيس المصرية، تجوب أرض مصر على ضفاف نيلها، تلملم أشلاء أوزوريس، وأشلاء وجثامين شهدائها، تذرف الدمع يفيض أنهاراً وطوفاناً يكتسح ويدفن كل معتد أثيم، وكل ظالم. طوفان يطهر مصر من فاسديها ومستبديها، من كل خائن، من كل متاجر بالشرف والأرض والدين.
تنتفض إيزيس المصرية عبر سنوات التاريخ لتستمر مصر بهية وقوية. كل التقدير والتحية لأمهات الشهداء من أبناء مصر نساءً ورجالاً.. قدمت الأم أغلى ما عندها فداء لمصر. واجهت تحديات إشعال الفتن والحروب وتقسيم وتفتيت كل الوطن.. تصدت لجحافل الجماعات الإرهابية.
لا أحد ينكر أن للمرأة المصرية دوراً كبيراً فى التصدى للأفكار المتطرفة التى تولد العنف والإرهاب. لا أحد ينكر دور المرأة فى الأسرة المصرية برعاية الأطفال فور ولادتهم، وتربيتهم، وتلقينهم مبادئ العلم والقيم والأخلاق والسلوكيات وحب الوطن وغرس بذور الانتماء فى عقول أبنائنا. إن الأسرة المصرية وفى القلب منها الأم هى أساس التصدى للأفكار المتطرفة، ومعها كل مؤسسات المجتمع التعليمية ودورها فى التأكيد على تنمية المهارات والمعرفة والفكر المستنير والتأكيد على الانتماء للوطن. والمؤسسات الدينية ودورها فى نشر مفاهيم الدين الصحيحة والتصدى للمفاهيم المغلوطة. والمؤسسات الإعلامية ودورها فى تنمية الوعى المجتمعى ونشر الثقافة والتنوير. إنها منظومة متكاملة تبدأ بالأم.
كل التحية والتقدير للأم المصرية التى قامت ومازالت تقوم بكل الأدوار فى غياب الرجل مثلما حدث فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، حينما ذهب ملايين الرجال إلى دول الخليج والعراق وليبيا بحثاً عن الرزق وعن العمل لتحسين أحوال معيشتهم فى وقت تخلت فيه الدولة عن دورها فى توفير فرص عمل للمصريين. وفى عهد قامت الدولة بتصفية شركات القطاع العام وبيعها بأبخس الأثمان تنفيذاً لشروط البنك الدولى وصندوق النقد الدولى بإعادة هيكلة السوق وخصخصة الشركات والخدمات. كانت المرأة المصرية هى حائط الصد الذى وقف حائلاً دون انهيار الأسرة والمجتمع، إذ قامت بكل الأدوار: ففى الريف المصرى كانت المرأة تعمل فى الغيط وفى البيت. ومن لم تعمل فى الغيط خرجت لسوق العمل لتلبى مطالب أسرتها واحتياجاتها من غذاء وكساء ومصروفات التعليم والدروس الخصوصية ومصروفات العلاج والدواء. حافظت على كيان الأسرة المصرية فى غياب الرجال.تقول الإحصاءات إن ثلث الأسر المصرية تعولها النساء، وعلينا أن نعرف أن الثلثين الباقيين تشارك المرأة الرجل فى إعالة الأسرة فى معظم الأحوال نتيجة لصعوبة الأحوال المعيشية.
تعالوا معاً لنرى الصورة المضيئة لمشاركة المرأة فى تغيير أحوال المجتمع سياسياً واجتماعياً واقتصادياً قبل ثورة 25 يناير 2011. تصدت المرأة احتجاجات عمال الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى فى أواخر عام 2007، وها هن عاملات مصنع مصر إسبانيا للملابس بالدقهلية يضربون لمدة ثلاثة أشهر مطالبين بعودة فتح المصنع وتشغيله. وإضراب موظفى الضرائب العقارية الشهير، وسيدات جزيرة القرصاية اللاتى تصدين للدفاع عن حق الحياة على الجزيرة فى مواجهة من أرادوا طردهم، وكانت قولتهم الشهيرة: «الجزيرة وطننا الذى نعيش فيه، ونحن مثل السمك فى الماء، إذا طلعنا منها نموت.
لا ننسى دور المرأة الفلاحة المصرية، ووقوفها أمام من أرادوا الاستيلاء على أرضها. وقفت فلاحات مصر فى قرى محافظة البحيرة والدقهلية فى سراندو وبهوت وبلقاس. تصدت للدفاع عن أرضها التى لا تزيد على بضعة قراريط هى مصدر رزقها الوحيد. لا ننسى أم مجدى وأم محمد من أهالى ضحايا العبارة التى غرقت فى فبراير 2006 وهم يتصدون لأخذ حق أبنائهم.
لا ننسى المرأة المصرية التى تصدت للفساد فى دواوين ومؤسسات الفساد قبل الثورة، السيدة التى تصدت لقضية أكياس الدم الملوثة، وقالت قولتها الشهيرة: من الممكن أن يستعمل ابنى هذه الأكياس. والمهندسة التى تصدت فى حى الجيزة لرشوة بمئات الآلاف لهدم فيللا أثرية مخالفة للقانون، والسيدة الفاضلة نائب رئيس النيابة الإدارية، نهى الزينى، التى فضحت التزوير فى انتخابات مجلس الشعب 2005.
والمرأة المصرية التى تصدت للاعتداء عليها من قبل رجال المال والفساد والاستبداد فى عهد مبارك فى 25 مايو 2005 على سلم نقابة الصحفيين الصحفيات والمحاميات نوال على ونشوة ورابعة وعبير.لا ننسى مشاركة المرأة السياسية فى كل اللجان المطالبة بحقوق الشعب: كفاية، لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، أطباء بلا حقوق، متحدى الإعاقة، حركة 9 مارس للدفاع عن استقلال الجامعة، اللجنة التنسيقية للدفاع عن الحقوق والحريات النقابية والعمالية. المنظمات النسائية المدافعة عن حقوق المرأة فى التعليم والصحة والتصدى لكل أشكال العنف ضد المرأة بدنياً ونفسياً. لا ننسى كفاح المرأة المصرية فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو. نساء مصر يعرفن أن الحقوق تنتزع لا تمنح، يعملن معاً يداً واحدة من أجل تشريع وتفعيل وتنفيذ قوانين تتفق مع مبادئ الدستور الخاصة بالمساواة بين المرأة والرجل سياسياً واجتماعياً واقتصادياً من أجل المواطنة، من أجل المساواة على أساس تكافؤ الفرص، من أجل عدم التمييز على أساس الجنس أو اللون أو الفكر أو العقيدة أو الوضع الاجتماعى أو الوضع الجغرافى. نساء مصر ستستمر معا يداً واحدة حتى نصل إلى أن نكون نصف أعضاء المجالس المنتخبة: برلمان ومحليات ونقابات. المرأة المصرية ستواصل العطاء والكفاح حتى آخر العمر.