أنقذوا الصناعة المصرية.. شركة طنطا للكتان والزيوت «3»
والتى أصبحت تابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية التى تتبع قطاع الأعمال العام منذ صدور قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991، والذى كان حجر الزاوية فى خصخصة القطاع العام وسياسات نهب المال العام وسياسات الفساد العام فى عهد المخلوع حسنى مبارك. لقد أوضحنا فى المقالات السابقة كيف أن الشركات القابضة جاءت وانتهجت سياسة بيع وتخسير القطاع العام مع العمد وسبق الإصرار والترصد.
ومن عجائب الدنيا فيك يا مصر، أن رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية كان عضواً فى اللجنة التى باعت شركة طنطا للكتان للمستثمر السعودى، حيث تم بيعها عام 2005 بمبلغ 83 مليون جنيه بما يوازى فى هذا الوقت 8% فقط من قيمة الأرض المقامة عليها الشركة. فالشركة مقامة على 74 فداناً (310 آلاف متر) فى موقع متميز، غير أصولها المتمثلة فى 7 مصانع، غير المخازن وسيارات الركوب والنقل والمعدات، غير اسمها التجارى المعروف، غير قيمة الأرض التى كانت تقدر وحدها فى ذلك الوقت بمليار جنيه وفقاً لحديث الدكتور أحمد السيد النجار فى أهرام 8 ديسمبر الحالى. كل ذلك تم بيعه لقاء 83 مليون جنيه فقط دفع المشترى السعودى منها 40% كدفعة اتفاق، والباقى على 3 دفعات. تعالوا بنا ياسيدات وياسادة لنتعرف عن قرب على هذه الشركة. تحتوى الشركة على المصانع التالية:
1 ــ مصنع زيت وكُسب الكتان لإنتاج زيت البويات والفاخر والسلقون وكسب بذرة الكتان لمصانع الأعلاف المحلية وللتصدير.. 2 ــ مصنع الدوبارة لإنتاج حبال الكتان والدوبارة وشريط الكتان للسوق المحلية والتصدير.. 3 ــ مصنع الخشب الحبيبى لإنتاج الخشب الحبيبى السادة والمغطى بلاميلامين والمكسى بالقشرة الطبيعى، والذى يتفوق على المستورد.. 4 ــ مصنع المنتجات الخشبية لإنتاج الأثاث والأبواب والشبابيك والمطابخ وجميع المنتجات الأخرى لزوم المنازل والفنادق والمكاتب بأفضل الخامات وأرقى الأذواق وبما يناسب جميع المستويات والإمكانيات، وخشب الكونتر المكسو بالميلامين، والخشب الرفيع بديل الأبلكاش، والذى يستخدم فى صناعة الديكور والأثاث ويحد من الاستيراد، بل ويفتح سوقاً جديدة للتصدير.. 5 ــ مصنع الكتان لإنتاج شعر الكتان ومشتقاته للتصدير ولصناعات الغزل والنسيج والورق الفاخر مثل ورق البنكنوت وورق السجائر.
منذ بيع الشركة فى 2005، والكلام هنا للعمال، بدأ المستثمر فى تصفيتها وإيقاف خمسة مصانع من مصانعها وتشغيل أربعة فقط. وبدأت المشاكل مع العمال من عدم صرف العلاوات والأرباح وبدل الوجبات والاستغناء عن العمال وفصلهم. وكانت البداية فصل 40 من العاملات و35 من العمال. ثم سياسة التفاوض مع المفصولين فصلاً تعسفياً، بعد الحكم برجوعهم من أجل خروجهم بمبالغ مالية زهيدة. وتستمر السياسات، وتتصاعد احتجاجات العمال التى وصلت إلى اعتصامهم فى شهرى نوفمبر وديسمبر 2009 ويناير وفبراير 2010، وجاء دخول الحكومة للتفاوض وللمساومة على حساب العمال مقابل خروجهم خروجاً جماعياً مقابل مكافأة 40 ألف جنيه يتم دفع نصفها من المستثمر، ونصفها من القوى العاملة، وكان ذلك فى عهد وزيرة القوى العاملة عائشة عبدالهادى، وبواسطة الوزيرة الحالية ناهد العشرى. وبالرغم من ذلك لم ينفذ المستثمر السعودى بنود هذا الاتفاق.
العمال لا يريدون الخروج من المصنع الذى بنوه طوبة طوبة بسواعدهم وعرقهم. إنهم يريدون العمل والإنتاج، يفتخرون بمصنعهم، يتجرعون مرارة تصفية المصنع وغلقه، يمدون الأيدى لاقتراض ما يسد رمق عائلاتهم، حيث لم تكن مرتباتهم تصرف لهم.. بدأ العمال برفع قضايا لعودة المصنع وعودتهم للعمل. وصدر الحكم فى منتصف 2010 بحبس المستثمر السعودى سنتين هو ورئيس مجلس إدارة الشركة للامتناع عن تشغيل الشركة والامتناع عن دفع التأمينات للعاملين فى الشركة. وتم طلب توقيفه عن طريق الإنتربول الدولى.. بدأت سلسلة جديدة من التفاوض بين المستثمر السعودى والعمال بواسطة السيدة ناهد العشرى فى عام 2010 و2011 لخروج العمال للمعاش مقابل 50 ألف جنيه. نجح المستثمر، وبمعاونة مندوبى الحكومة المصرية، فى إقناع أكثر من 500 عامل بقبول الصفقة. وتبقى 350 عاملاً يريدون ضخ بضعة ملايين فى الشركة من أجل دوران عجلة الإنتاج. ورفع العمال قضية بفسخ العقد وبطلان بيع الشركة ورجوع العمال المفصولين. وكان الحكم فى سبتمبر 2011 انتصاراً وتتويجاً لنضال العمال بعودة الشركة وفسخ عقد البيع وبطلانه وعودة جميع العاملين. وتأكد هذا الحكم بحكم نهائى فى أكتوبر 2013. ولم تنفذ الحكومة هذا الحكم حتى يومنا هذا.
ومنذ أيام، وفى آخر جلسة بين العمال ورئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية قال بالحرف الواحد: «ليس لنا شأن بحكم المحكمة. سنعيد تشغيل الشركة وسنأخذ من العمال حسب حاجتنا». ما رأيكم أيها القراء فى استمرار مسلسل ضياع شركات القطاع العام وتخريب الصناعة والزراعة وطرد وتشريد العمال؟ أليس من حق العمال رفع قضية لتنفيذ الحكم على المسئولين؟ بالتأكيد من حقهم