«مراقبة دور الأيتام»
صدمة مروعة أصابت الرأى العام فى مصر حين انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى فيديو يضم مشاهد تعذيب وضرباً وإهانة أطفال صغار بدار أيتام « مكة المكرمة» على يد مشرف تجرد من كل إنسانية، وهكذا شعر كل من شاهد الفيديو المشين بأنه أمام جرائم لابد من تشديد العقوبة فيها، فمثلاً صرخة البنت الصغيرة بعد أن ضربها المشرف على يديها الصغيرتين بأقصى قوة لديه لاتزال ترن فى أذنى، وركل الصغار من نفس المجرم بكل قوته ثم إلقائهم فى الهواء ثم سقوطهم المؤلم بأجسادهم الصغيرة هو مشهد يؤلم كل من رآه، ويتنافى مع قوانين الطفل المصرية والعالمية، وهو غير مقبول من أى إنسان لديه بعض المشاعر الإنسانية.
ومع تصاعد موجة الغليان داخل المجتمع المصرى بسرعة نتيجة لمشاهد العنف المفرط ضد بنات وأولاد أيتام صغار، حرمهم القدر من والديهم، أصبح هذا الفيديو شاهداً على ضرورة الحركة السريعة والمدروسة لمواجهة هذه الوقائع الإجرامية، بل وأعتقد أنه أيضاً لابد من وضع خطة محكمة تنفذها كل الجهات المنوطة بحماية الأطفال لفتح ملف دور الأيتام والتصدى للممارسات العنيفة والإجرامية التى تتم بهذه الدور، وفى مقدمتها المجلس القومى للطفولة والأمومة، ووزارة التضامن الاجتماعى، والمحافظين والمسئولين بوزارة الصحة والتعليم والشرطة ووزارة العدل، لتوفير أقصى رعاية ممكنة لكل الأطفال الذين حرمهم القدر من الوالدين، والذين تلقفتهم أياد آثمة ليس فى قلوبها ذرة من رحمة أو شعور، فأصبحوا عالقين داخل معتقلات تعذيب يطلق عليها زوراً أنها دور أيتام، ولابد من توفير آليات المراقبة والمتابعة، كما أنه لابد من وضع مسئولين مؤهلين تتوافر فيهم المعايير اللازمة والضرورية لرعاية الأيتام، فحالياً توضع معايير لتأسيس دار أيتام لكن لابد من معايير للمشرفين والمسئولين الذين يتلقفون هؤلاء الأيتام.
صحيح أن وزيرة التضامن الاجتماعى غادة والى قد تحركت لاتخاذ اللازم تجاه دار مكة، وتجاه الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء عليهم وتم نقلهم إلى دار أخرى ذات سمعة طيبة، كما قام محافظ بورسعيد اللواء سامح قنديل بتشكيل لجنة للمرور على كل دور الأيتام ببورسعيد تتكون من التفتيش والمتابعة والشئون المالية والإدارية والقانونية وعضو من التضامن الاجتماعى والصحة، وقام بخطوة إيجابية، حيث شدد على ضرورة تكثيف حملات التفتيش بالمحافظة، وقال إنه لن يتهاون فى حالة اكتشافه وجود معاملة غير لائقة للمقيمين بتلك الدور، وعلمت أيضاً أن مديريات المحافظات قامت بتشديد الرقابة على دور الأيتام بعد واقعة التعذيب، كما قام محافظ سوهاج باستبعاد مشرف من رعاية الأيتام لسوء معاملته للأطفال، كل هذا جيد، لكنه لن يكون كافياً، حيث إننا فى بلدنا قد اعتدنا على رد الفعل للمشكلة، ولكن ليس على الاستمرار فى تنفيذ السياسات والخطط كما يجب كى نمنع المحظور ونتصدى مستقبلاً بالشكل الذى يضمن عدم تكرار مثل هذه الممارسات العنيفة والمؤلمة والمشينة أيضاً، لأنه قبل هذه الواقعة التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى بدار أيتام مكة وعرضتها بعض القنوات التليفزيونية، كانت هناك وقائع أخرى يندى لها الجبين من اعتداء جنسى على الأولاد وأيضاً على البنات الصغار الأيتام ....
وللحديث بقية