الروائى الجزائرى محمد جعفر: معرض القاهرة ليس له مثيل فى العالم
يزور الكاتب والروائى الجزائرى، محمد جعفر، معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ٥٦، للمرة الخامسة، لكن زيارته هذا العام تكتسب طابعًا مختلفًا، إذ يشارك لأول مرة ككاتب، بعدما صدرت روايته الجديدة تحت عنوان: «مع النساء ضد الحب»، عن دار «ديوان» المصرية، بالتزامن مع المعرض.
ولم تقتصر مشاركة الروائى الجزائرى محمد جعفر فى معرض الكتاب على عرض روايته فقط، بل حرص على دعم أصدقائه من الكُتّاب المصريين والعرب، عبر المشاركة فى حفلات توقيع الكتب، والتقاط الصور التذكارية مع زملائه.
فى حواره التالى مع «الدستور»، يتحدث «جعفر» عن رؤيته لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، والجوائز الأدبية، والمشهد الثقافى فى بلده الجزائر، إلى جانب تفاصيل أخرى حول تجربته الروائية الأخيرة.
■ بداية.. كيف تُعرِف محمد جعفر للقارئ المصرى؟
- أنا قاص وروائى جزائرى، أول عمل نشر لى كان عام ٢٠١٠، وهو مجموعة قصصية بعنوان «طقوس امرأة لا تنام»، عن دار «ميم» للنشر، وبعدها بـ٤ سنوات، نشرت مجموعة شعرية بعنوان «العبور على متن الحلم».
وفى العام نفسه ٢٠١٤، نشرت رواية بعنوان «هذيان نواقيس القيامة»، وفى العام التالى ٢٠١٥ صدرت لى رواية «مزامير الحجر»، وصولًا إلى عام ٢٠١٧، حين صدرت مجموعتى «ابتكار الألم»، وهذا العام من القاهرة، عن دار «ديوان» للنشر، صدرت روايتى «مع النساء ضد الحب».
■ كيف تصف تجربتك الأولى للنشر فى القاهرة؟
- رواية «مع النساء ضد الحب» هى أول عمل سردى مع دار نشر مصرية، وهى «ديوان»، التى احتفت بالعمل. أنا سعيد جدًا بأن تكون بداية النشر لى فى القاهرة متزامنة مع معرض القاهرة الدولى للكتاب، بما أتاح لى أن ألتقى الجمهور المصرى الكبير.
■ هل هذه زيارتك الأولى لمعرض القاهرة للكتاب؟
- زيارتى معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام هى الخامسة، فمن يزور المعرض أول مرة لا يستطيع الانقطاع عنه، لأن له زخمًا خاصًا وفرصة لالتقاء أكبر عدد من الأصدقاء والكُتّاب والمبدعين، سواء فى مصر، أو الأصدقاء من الكُتّاب والمبدعين العرب.
■ ما الذى يفرق معرض القاهرة عن غيره من معارض الكتب التى زرتها أو شاركت فيها؟
- شاركت فى معارض أخرى كمعرض الجزائر، لكن معرض القاهرة يصعب تقليده، فله زخمه الخاص وخصوصيته. الكل يهتم بمعرض القاهرة للكتاب، الكل يحب المجىء إليه وزيارته، ومقابلة من فيه من مبدعين. وكما سبق أن ذكرت، هذا العام لى إصدار مع دار نشر مصرية، «ديوان»، وهى دار كبيرة فى مصر، ومديرها أحمد القرملاوى هو نفسه كاتب ومُبدع وروائى.
■ مَن مِن الكُتاب المصريين قرأت له وترك فيك أثرًا؟
- تقريبًا قرأت لكل الكتاب المصريين من الأجيال القديمة، مثل المنفلوطى ومحمود تيمور ويوسف السباعى ونجيب محفوظ ويوسف إدريس. أما الجيل الحالى فالقائمة طويلة جدًا.
■ ماذا عن المشهد الثقافى فى الجزائر؟
- المشهد الأدبى فى الجزائر ينقسم إلى شقين، الأول ما قبل «كورونا»، والثانى ما بعدها. ما قبل الجائحة نستطيع تجاوزه لأنه ملىء بالكتاب والمبدعين والمثقفين. لكن كانت هناك دائمًا مشكلة تواصل، وكنا نحاول بقدر الإمكان تجاوز هذه العقبات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى العادية، فهذه الوسائل ضيقت هوة التواصل بشكل كبير، والمصريون عدد كبير منهم زار الجزائر، وتعرف على الجديد فى المشهد العربى الحالى.
بالنسبة للمشهد الثقافى بعد «كورونا»، فكثير من دور النشر تأثرت، وتوقفت عن الطباعة والنشر، وأصيبت بعدم القدرة على التوزيع، وكل هذه أمور أثرت بشكل سلبى على المشهد الثقافى. لكننا حاولنا تجاوز كل هذا، حتى لو كانت بعض دور النشر تعانى أو تلملم خسائرها.
أيضًا هناك موجة من الشباب يحاولون الكتابة. لكنهم أحيانًا يفسدون أكثر مما يضيفون. كما أن هناك مشكلة تتمثل فى غياب الإعلام الثقافى فى الجزائر، وهو ما نحاول فعله، من خلال وجود إعلام ثقافى يصنع الزخم.
■ ما تأثير «العشرية السوداء» على الأدب الجزائرى؟ وهل ما زال هذا الأثر ساريًا؟
- دائمًا ما نُسأل عن تأثير «العشرية السوداء» فى الأدب الجزائرى، ويمكننى أن أقول كل ما كتب فى تلك السنوات كان أدبًا متعجلًا منفعلًا بالأحداث، لكن هناك عددًا كبيرًا الآن من الكُتّاب ما زال يعود للكتابة عن تلك الفترة، وأنا على المستوى الشخصى، كتبت رواية بعنوان «مزامير الحجر»، استعدت فيها «العشرية السوداء»، تلك الفترة التى ما زالت تلقى بظلالها على الكثير من الكُتّاب.
ورغم أن الكثير من الكُتّاب الشباب عاصر هذه الفترة وما وقع بها من أحداث، بكل ما فيها من دماء ونار، استطاعوا الآن تجاوز هذه المرحلة، ونضجوا بعدها. لكن هذه الفترة صعبة جدًا، ومن الصعب تجاوزها، هى من أصعب الفترات التى عاشها الشعب الجزائرى.
■ أرجع العديد من الكُتّاب الجزائريين حصول الروائى كمال داود على جائزة الـ«جونكور» لمواقفه الداعمة لإسرائيل.. كيف ترى الأمر؟
- بالطبع لا، لم يحصل كمال دواد على الجائزة لموقفه الداعم للكيان، فهذا بعيد عن قضية إسرائيل. لكن هناك دائمًا «شد ومد» فى العلاقات الجزائرية الفرنسية، من حقبة الاستعمار، مرورًا بحقبة الاستقلال حتى الوقت الحالى. هذا الشد والمد ليسا من طرف الجزائريين فقط، فالفرنسيون أيضًا حاولوا استغلال هذه النقطة.
■ ماذا عن روايته «الحوريات» التى أثارت الجدل فى الوسط الثقافى الجزائرى، على خلفية اتهام مواطنة كمال داود باستغلال معلومات خاصة عنها، حصل عليها من زوجته التى تعالجها نفسيًا، فى هذه الرواية؟
- من حق المبدع والكاتب تناول الواقع الحياتى المعيشى من حوله، والكتابة عن أمور شاهدناها وعايشناها. إنما دقة التفاصيل وكشف مستور وكذا، فأنا لا أعرف تفاصيل القضية بالضبط. لكننى مع حرية الإبداع والتعبير، وأرى أنه من حق الأديب أن يكتب ويتناول ما شاء من قضايا. والحقيقة أن هذه القضية غامضة وتفاصيلها متشابكة، فكمال داود نفسه فضل الصمت فى هذه النقطة، ولم يجب عن الأسئلة الخاصة بها.
■ هل انتشار الجوائز الأدبية والثقافية خلال العقود الثلاثة الماضية أثر بالسلب على ذائقة القراء؟
- بالطبع لا، لم تؤثر الجوائز على ذائقة القراء لهذه الدرجة، فالجوائز خدمت الأدب والكتاب والمبدعين أيضًا بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بانتشار الكُتّاب وإبداعاتهم بعد حصولهم على هذه الجوائز، والتى تلهب فضول القراء لمعرفة هذه الأعمال وقراءتها.
■ وإلى أى مدى أثرت الجوائز على الكُتاب والمبدعين أنفسهم، خاصة أن هناك من يغازل تلك الجوائز بالكتابة وفقًا لمعاييرها، مثل الرواية التاريخية كمثال؟
- لا أنكر أن هناك توجيهًا فى بعض لجان الجوائز، فبعض الكُتّاب ربما لديهم استعداد نفسى لصيغ الكتابة بطريقة تناسب هذه الجوائز، واستجابة لما تقوله لجان التحكيم. لكن فى الحقيقة أنا قرأت العديد من الأعمال الجيدة جدًا الحاصلة على جوائز.
وفى نفس الوقت، وفى تصورى، هناك أعمال أخرى أقل فى المستوى، لكن هذا يرجع إلى ذائقة معينة للجنة التحكيم، وليس بالضرورة أن نتوافق جميعًا حول الجوائز، وما ينتج عنها من اختيارات، ففى الأخير، هذه جوائز عامة، لن يحدث أن نتوافق حولها جميعًا، أو نرتضى نتائجها واختياراتها.
أما فيما يخص توجه الكُتّاب للون روائى بعينه بسبب حصول هذه الروايات على جوائز ثقافية كبرى، نعم، هناك توجه فى الكتابة، وهناك شبه موجة كبيرة فى الرواية التاريخية. أنا شخصيًا لم أجرب الكتابة التاريخية، وإن كنت قد كتبت عن «العشرية السوداء» وفترة التسعينيات فى الجزائر.
لكن الكثيرين من الكُتّاب يعودون إلى موضوعات تاريخية سابقة لمعالجتها والكتابة عنها، ربما للحرية التى يمنحها هذا النوع، أو حسب توجهات القراء. كما أن روايات «الفانتازيا» لها شهرة واسعة وكبيرة فى العالم العربى.
والكاتب ليس دائمًا مشغولًا بهواجس نوعية الكتابة، أو لجان تحكيم الجوائز، بقدر ما يكون مشغولًا بشعبية الموضوع الذى يتناوله ويكتب عنه. كما أن الكاتب يحرص على جمهور القراء فيكتب ما يحقق له الجماهيرية والانتشار.