إلهامى المليجى فى ندوة "السؤال": قلم غالب هلسا شاهدًا على عصره
عبّر إلهامي المليجي عن سعادته بالمشاركة في احتفالية دار نفرتيتي للنشر والتي انطلقت مساء الأربعاء بصدور طبعة جديدة من رواية "السؤال"، للكاتب الأردني غالب هلسا، والذي عاش في مصر فترة طويلة خلال ستينيات القرن الماضي.
وقال المليجي: "غالب هلسا، لم يكن مجرد صديق عبرت به الحياة، بل كان رفيقا في الفكر والتجربة، شريكا في قلق الأسئلة الكبري، وحلم العدالة التي جمعتنا تحت سماء مصر لم تكن صداقتنا تنبع فقط من عملنا المشترك، بل كانت تتشكل علي إيقاع محبة خاصة أحاطني بها غالب هلسا وربما هذه المحبة والصداقة كانت لكوني مصريا أو لرغبته في بناء جسر يجمع بين روحين تقاطعا عند هموم الأمة وآمالها.
وتابع المليجي: علاقتي مع غالب هلسا امتدت وتجذرت بعد خروجنا من بيروت سنة 1982، حين وجدنا في دمشق محطة جديدة في صداقتنا الفكرية والنضالية حيث عملنا معًا (غالب هلسا وأنا) في مجلة فتح حيث كنت سكرتيرًا لتحرير المجلة وكان هلسا يكتب مقالا أسبوعيًا يعكس رؤيته العميقة وشجاعته في مواجهة الأسئلة الصعبة.
وأردف "المليجي" عن كواليس علاقة الصداقة بينه وبين الروائي الأردني غالب هلسا: كانت لقاءاتنا اليومية مساحات من الحوار الممتد والمتشابك بين الأدب والفكر والسياسة، مشبعة بحرارة القضايا وروح الصداقة.
ولفت إلى في منزل غالب هلسا الدمشقي الذي كنت أزوره مرارا، تكررت لقاءاتنا مع الكاتب والناقد الراحل سيد خميس صديق غالب هلسا القريب وشريكه في تجربة الاعتقال كان الملتقي حينها أشبه بورشة مقاومة غير معلنة، يضم أقلاما صنعت التاريخ، مثل الشاعرين الراحلين، عبدالرحمن الأبنودي وسيد حجاب، وكأن الزنازين تحولت إلي فضاءات تتنازعها المعاناة. بالمناسبة، عبدالرحمن الأبنودي وسيد حجاب وغالب هلسا، سجنوا في قضية واحدة، وهي قضية تنظيم اسمه وحدة الشيوعيين.
وشدد المليجي "هلسا لم يكن عاشقا لمصر فحسب، بل كان يراها جزءا لا يتجزأ من تكوينه الإنساني، ويراها امتدادا طبيعيا لروحه، كان يصف نفسه بأنه أردني مصري، ويحلم دوما بالعودة إلي مصر. بدأ هذا الحلم يأخذ شكله الواقعي عبر ترتيباته مع الراحل إدوار الخراط لكنه لم يكتمل.
أضاف المليجي: كتب هلسا باللهجة المصرية وكأنها صوته الداخلي، لغة حميمية يبوح بها للحياة ومن بين أعماله التي تركت أثرا عميقا، تتصدر رواية "السؤال" التي تحمل بين سطورها نبض مصر وصدي روحها. حين طلب مني إعادة نشر رواية "السؤال" كان حرصه علي أن تنشر في دار مصرية أشبه بوصية.
أصر غالبا هلسا علي أن تكون النسخة الجديدة من روايته "السؤال"، علي شاهدة علي روح مصر، وأن تضم مقدمة تسرد حكاية خروجه من مصر، بجانب إجاباته الدقيقة علي أسئلة باحثة أجنبية كانت تعد رسالة أكاديمية عن الرواية بجامعة السوربون.
اقرأ أيضا:
الشاعر العماني سيف الرحبي يروي ذكرياته مع غالب هلسا في القاهرة
وأكد “المليجي” علي: غالب هلسا لم يكن مجرد كاتب يملأ أوراق، بل كان مشروعا إنسانيا يتجسد في روحه، يمزج بين الإنتماء للوطن والانفتاح علي العالم، وبين الصلابة الفكرية ودفء المشاعر الإنسانية. كان قلمه شاهدا علي عصره، وكانت حياته إنعكاسا لقيم لم تخفت جذوتها ليظل أثره خالدا في قلوب من عرفوه وفي صفحات الأدب التي ستروي قصته للأجيال.