رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فلسطين.. القاهرة ونيويورك

الرئاسة المصرية لقمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى عقدت جلسة خاصة عن أوضاع فلسطين ولبنان، كما أشرنا، أمس. وبالتزامن، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بمبادرة من النرويج ومشاركة فعالة من مصر، قرارًا يطلب من محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا جديدًا بشأن ممارسات إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ومدى التزامها، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بضمان وتسهيل إيصال مواد الإغاثة الإنسانية الضرورية لحياة الشعب الفلسطينى، والمساعدات التنموية والخدمات الأساسية.

فى جلسة فلسطين ولبنان، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن ما حدث منذ أكتوبر ٢٠٢٣ تعدى كل الحدود والقواعد الدولية والإنسانية، لافتًا إلى أن أعداد الوفيات من الفلسطينيين تخطت الـ٤٥ ألف شهيد، غالبيتهم من السيدات والأطفال، إضافة إلى إصابة أكثر من ١٠٧ آلاف، ونزوح ١.٩ مليون. كما أشار إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية شملت موظفين دوليين، لقوا حتفهم أثناء تأدية عملهم، وامتدت لتشمل سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية، الذين يعانون من توسع الأنشطة الاستيطانية، وعنف المستوطنين، والاقتحامات العسكرية.

مع إعادة تأكيدها أن حق العودة للشعب الفلسطينى لن يسقط بالتقادم، شدّدت مصر، بلسان رئيسها، على ضرورة التوصل إلى وقف فورى ومستدام لإطلاق النار، ورفع العوائق الإسرائيلية أمام النفاذ الإنسانى، ما يمهد لترتيبات ما بعد الحرب. وفى هذا السياق، شدد الرئيس على أن النجاح لن يُكتب لأى تصور لـ«اليوم التالى» إذا لم يتم تأسيس هذا التصور على إقامة الدولة الفلسطينية، متصلة الأراضى، على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية. كما أكد، مجددًا، رفض مصر أى سيناريوهات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، سواء من خلال التهجير، أو بفصل غزة عن الضفة والقدس.

هناك، أيضًا، فى نيويورك، أعرب السفير أسامة عبدالخالق، مندوبنا الدائم لدى الأمم المتحدة، عن تطلع مصر إلى أن يأتى رأى محكمة العدل الدولية الاستشارى الجديد مكملًا للآراء الاستشارية السابقة للمحكمة، التى أكدت أن الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية مخالف للقانون الدولى، وأن ممارسات دولة الاحتلال، وفى مقدمتها الاستيطان والاستيلاء على الأراضى الفلسطينية، فاقدة للشرعية. 

القرار، الذى اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ١٣٧ صوتًا، ومعارضة ١٢ وامتناع ٢٢ عن التصويت، جاء بمبادرة من النرويج، كما أشرنا، وبمشاركة نشطة وفعالة من مصر، التى أسهمت فى صياغة القرار والترويج وحشد التأييد له، إيمانًا منها بأهمية إعلاء كلمة الحق والقانون، ودفع إسرائيل للانصياع لالتزاماتها القانونية الدولية. ومن هذا المنطلق، أكدت الدولة المصرية، بلسان مندوبنا الدائم، أنها تأمل فى أن يؤكد الرأى الاستشارى الجديد للمحكمة حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، وإنشاء دولته المستقلة على كامل الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، مشددة على أن ذلك هو الضمانة الوحيدة لتحقيق الأمن والاستقرار لدول المنطقة وشعوبها.

الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية تناولها الرئيس السيسى، أيضًا، خلال لقاءاته، على هامش قمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى، مع نجيب ميقاتى، رئيس الحكومة اللبنانية، والرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان، ومحمد يونس، رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة فى بنجلاديش، و... و... وأيضًا، مع الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، الذى ثمّن، مجددًا، الجهود المصرية المحورية لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وكرّر إشادته بدور مصر التاريخى فى دعم الشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة، وشدد، مع الرئيس السيسى، على رفض أى محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية القضية الفلسطينية.

.. تبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى أوضح فى كلمته، خلال جلسة فلسطين ولبنان، أن الحرب الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد ما يزيد على ٤ آلاف لبنانى، من بينهم نساء وأطفال، وما يتجاوز ١٦ ألف جريح، ونزوح حوالى ١.٢ مليون. كما تناول، كذلك، ما تشهده سوريا الشقيقة من انتهاك صارخ لسيادتها، على خلفية اعتداءات إسرائيل واستيلائها على المزيد من الأراضى السورية مؤخرًا، وإعلانها من طرف واحد عن إلغاء اتفاق فض الاشتباك لسنة ١٩٧٤، مكررًا إدانة مصر، بأشد العبارات، تلك الممارسات، ودعمها التام وحدة واستقرار سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.