رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى ميلاد "صاحب نوبل".. محطات في حياة نجيب محفوظ أيقونة الأدب العربى

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

يُعد نجيب محفوظ أول مصري وعربي حاز على جائزة نوبل في الأدب، أكثر أديب عربي نُقلت أعماله إلى السينما والتلفزيون.

استمر نجيب محفوظ في الكتابة من الثلاثينيات حتى عام2004، لذا تُعتبر مؤلّفاته بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر.

يتميز أسلوب نجيب محفوظ بالتلاعب بالزمن والتركيز على التغيرات التي تحدث في الأحداث والأشخاص مع مرور الوقت، وقد استوحى من حي الجمالية الذي ولد فيه معظم أعماله الأدبية،كما تدور أحداث رواياته داخل الحارة المصرية والتي انطلق منها أدبه إلى العالمية.

وفي السطور التالية، نتناول أبرز المحطات في حياة نجيب محفوظ:

 مولده ونشأته:

وُلد نجيب محفوظ في 11 ديسمبر 1911 بحي الجمالية بالقاهرة، كان والده موظفًا حكوميًا ويتمنى أن يكون ابنه طبيبًا،أما والدته فكانت ابنه لأحد علماء الأزهر الشريف

سُمي نجيب محفوظ باسمٍ مُركب تقديرًا من والده عبد العزيز إبراهيم للطبيب نجيب باشا محفوظ –رائد طب النساء والتوليد في مصر -الذي أشرف على ولادته التي كانت متعسرة.

كان نجيب محفوظ أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته سنًا إليه كان عشر سنواتٍ، فقد عومل كأنه طفلٌ وحيد. 

كانت والدته أقرب إليه من والده وقد لازمها في طفولته وكِبره حتي توفيت عام 1968، وهو العام نفسه الذي حصل فيه علي جائزة الدولة التقديرية.

التحق نجيب محفوظ بالكُتاب وتعلم القراءة والكتابة وكانت مغامرات «بن جونسون» التي استعارها من زميله لقراءتها،هي أولَ تجرِبة لنجيب محفوظ في عالَم القراءة. 

بدأ اهتمام نجيب محفوظ الكتابة في سن صغيرة، إذ كان يكتب سيرته الذاتية منذ صغره تحت عنوان "الأعوام" متأثرًا بكتاب "الأيام" لطه حسين، لكنه في البداية لم يعر الأدب كامل اهتمامه، فقد كان طموحه أن يصبح لاعبًا لكرة القدم.

عندما اندلعت ثورة 1919 عندما كان نجيب محفوظ في الثامنة من عمره فتأثر بها وذكرها في العديد من أعماله الروائية.

أكمل نجيب محفوظ دراسته والتحق بكلية الآداب، هناك الْتَقى بعميد الأدب العربي «طه حسين» ليُخبِره برغبته في دراسةِ أصل الوجود، وفي هذه المرحلة زاد شغَفُه بالقراءة، وشغلَته أفكارُ الفلاسفة التي كان لها أكبرُ الأثر في طريقة تفكيره، كما تعرَّف على مجدِّد الفلسفة الإسلامية «مصطفى عبد الرازق»، وتعلَّم منه الكثير.

حصل نجيب محفوظ على ليسانس الفلسفة وكان ترتيبه الثالث على دفعته، فكر في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، لكنه خاضَ صِراعًا مع نفسه بين عِشقه للفلسفة من ناحية، وعِشقه للأدب الذي بدأ منذ صِغَره من ناحيةٍ أخرى، وأنهى هذا الصراعَ الداخلي لصالح الأدب؛ إذ رأى أنه يُمكِن تقديمُ الفلسفة من خلال الأدب.

أنضم نجيب محفوظ بعد تخرجه من كلية الآداب إلى السلك الحكومي ليعمل سكرتيرًا في وزارة الأوقاف ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية، كما عمل مديرًا لمؤسسة دعم السينما ثم رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما، وتقاعد بعدها ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام.

على الرغم من الشهرة التي حظي بها نجيب محفوظ معظم سنوات حياته فإنه ظل متمسكًا بحياة الوظيفة، وقال إنها في البداية كانت ضرورية لأن الأدب لا يوفر استقرارًا ماديًا، لكنه في ما بعد اعتبرها ملهمة له، فضلًا عن أنها ساعدته في الحفاظ على روتينه اليومي الدقيق مثل الساعة.

حياته العائلية

ظل نجيب محفوظ عازفًا عن الزواج حتى وصل إلى سن الأربعين لأنه كان يظن أن قيود الزواج ومسئولياته ستعطله عن التفرغ للكتابة، كما أنه كان يعيش مع والدته وكانت حياته في منزل والدته منظمة للغاية.

 بالإضافة إلى ذلك وجد  نجيب محفوظ أن كثيرًا من زملائه الذين تزوجوا على أساس الحب الرومانسي فشلوا، ومع تكرار قصص حبه التي تنتهي دون زواج، كان نجيب محفوظ يبتعد أكثر فأكثر عن فكرة الدخول في مغامرة الزواج.

ولكن بعد زواجه اكتشف أن حياته الزوجية ساعدته كثيرًا في مسيرته الأدبية، حتى أنه قال  "الأديب عايز حد جنبه، وقلبه عليه".

تزوج نجيب محفوظ خلال فترة توقفه عن الكتابة بعد ثورة 1952 من السيدة عطية الله إبراهيم وكان عمره 40 عامًا، وأخفى خبر زواجه عمن حوله لعشر سنوات ، كماأخفى خبر زواجه عن والدته حتى لا تغضب لأنها كانت قد رتبت أمر زواجه من إحدى قريباتها. لكن الأمر اكتشف بعد أن نشبت مشاجرة بين إحدى ابنتيه وزميلة لها في المدرسة، فوصل الخبر إلى الشاعر صلاح جاهين عن طريق والد الطالبة الذي كان جارًا له.

عاش نجيب محفوظ في البداية مع زوجته في عوامة على النيل وهناك أنجب ابنته الأولى «أم كلثوم»، ثم انتقل إلي شقة على النيل، وأنجب ابنته الثانية «فاطمة».

تحدث نجيب محفوظ كثيرًا عن دور زوجته في حياته، واصفًا إياها بأنها صاحبة دور كبير في نجاحه فقال في إحدى حواراته: "إن كان لأحد فضل فى المكانة التي وصلت إليها بعد الله فهي لزوجتي عطية الله، فهي بالفعل عطية من الله إلىّ".

أما عن لقاؤه مع السيدة "عطية الله"، والأسباب جعلته يسارع لإتمام الزواج، قال: "كان أحد أصدقائي متزوجًا، ولزوجته أخت هادئة الطباع رقيقة المشاعر، فوجدت فيها ما أبحث عنه، إذ كانت متفهمة لطبيعة تكويني الشخصية واحتياجاتي ككاتب، فكانت الزوجة المناسبة لي، فوجدتني منجذبًا إليها وكنت مشدودًا بهاجس يقول لي لو لم تتزوج هذه المرة لن تتزوج أبدًا".

علاقة نجيب محفوظ بـ فاطمة وأم كلثوم 

كانت علاقة نجيب محفوظ وبناته من نوع خاص، ليست أبوية فقط، بل صداقة أيضًا، قالت فاطمة عن أبيها: "ما كانش فيه حد زى بابا ولو كان فينا أي  صفة حلوة تبقى من بابا "،، وقالت ابنته أم كلثوم: عمرى ما أتمنيت يكون لى أخ راجل رغم كل الصعاب، فلقد تربينا على أن نكون مستقلتين، ونعتمد على أنفسنا.

ومن الجدير بالذكر أنه عندما علم بحصوله على جائزة نوبل في الأدب عام 1988 قرر أن تسافر ابنتيه نيابة عنه لاستلام الجائزة وعقب حصوله على الجائزة، قام بتقسيم قيمة الجائزة بينه وبين زوجته وابنتيه بالتساوى، ثم تبرع بالجزء الخاص به بالكامل إلى مرضى الفشل الكلوى، فقد كان يعذبه أنها مكلفة للغاية فى مصر ولا يستطيع الكثيرون تحمل نفقاتها.

مسيرة نجيب محفوظ الأدبية

بدأ نجيب محفوظ يَتلمَّس خطواتِه الأولى في عالَم الأدب من خلال كتابة القصص، فنشَر ثمانين قصةً دون أجر. وفي منتصف الثلاثينيات كان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة. وكانت أول قصة نشرها بعنوان همس الجنون عام 1938. ثم انتقل 

إلى كتابة الرواية التاريخية فقدم ثلاثة روايات هي عبث الأقدار عام 1939، كفاح شعب طيبة، رادوبيس 

في منتصف الأربعينيات بدأ نجيب محفوظ في كتابة الروايات الواقعية بدأت بـ القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلي عام 1945 زقاق المدق عام 1947. ثم قدم الواقعية النفسية في رواية السراب (1948)، وعاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية (1949) وثلاثية القاهرة (1956–1957). وبذلك يعد نجيب محفوظ رائد الأدب الواقعي بلا منازع.

اتجه نجيب محفوظ إلى الرمزية في رواياته الشحاذ (1965) وأولاد حارتنا (1959) التي سببت ردود فعلٍ قوية وكانت سببًا في تعرضه لمحاولة اغتيال. 

في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي، انتقل نجيب محفوظ إلى الكتابة على حدود الفنتازيا بـ الحرافيش (1977) وليالي ألف ليلة (1982). 

كتب نجيب محفوظ أكثر من ثلاثين رواية اشتهرت غالبيتها وتم إنتاجها سينمائيًا أو تلفزيونيًا، وكانت أول رواياته: عبث الأقدار (1939)، أما آخرها، قشتمر (1988)، كما كتب أكثر من عشرين قصة قصيرة آخرها أحلام فترة النقاهة (2004)

وعلى الرغم من غزارة إنتاجه الأدبي لم يحصل على الشهرة في السنوات الأولى من حياته، حتى نشر روايته "زقاق المدق" عام 1947، وبعد الإشادة التي قدمها له عميد الأدب العربي طه حسين.

يُعتبر الفنان الراحل نور الشريف أكثر من شارك في أفلام ومسلسلات مُقتبسة عن روايات نجيب محفوظ، إذ شارك في أكثر من 10 أفلام ومسلسلا، وتُعد الفنانة شادية أكثر ممثلة في أفلامه، أما كتاب السيناريو، فكان أكثرهم ممدوح الليثي ومصطفى محرم.، ومن المخرجين حسن الإمام وحسام الدين مصطفى. 

يرى بعض النقاد أن الأفلام المُقتبسة عن روايات لنجيب محفوظ أكثر نضجًا من الأفلام التي كتب لها نجيب محفوظ السيناريو بنفسه. 

نشر نجيب محفوظ 33 رواية، 13 مجموعة قصص قصيرة، وما يقرب من 50 قصة نشرت في الجرائد والمجلات، وأكثر من 300 مقالة، 400 حوار صحفي، ونُشر عن فكره ومؤلفاته أكثر من 40 كتاب، وكُتب عنه أكثر من 2000 مقال، وعن حياته وأعماله الأدبية أكتر من 20 رسالة جامعية وحصل على العديد من الجوائز العالمية والمحلية، أبرزُها: «جائزة نوبل في الأدب» عام ١٩٨٨م، و«قلادة النيل» في العام نفسه.

جائزة نوبل في الأدب

نجيب محفوظ هو أول أديب عربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، ورابع أديب أفريقي، وثاني المصريين الحاصلين على الجائزة بعد الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

وقد حصل الأديب نجيب محفوظ على جائزة نوبل عن مجمل أعماله، وقالت اللجنة القائمة على الجائزة: "إن نجيب محفوظ أثرى المكتبة العربية بإنتاجه الغزير الذي تجاوز الخمسين عملًا روائيًا وقصصيًا ترجم إلى معظم لغات العالم، وقد أشادت اللجنة بـ"ثلاثية القاهرة"، و"الحرافيش"، و"زقاق المدق"  ورواية "أولاد حارتنا"

كان فوز "محفوظ" بجائزة "نوبل" فى الأدب عام 1988، أمرا مفاجئا بالنسبة له، خاصة أنه لم يكن على دراية بأنه ضمن قائمة المرشحين، وأبلغه بالأمر رئيس تحرير الأهرام؛ وبعد لحظات قليلة وصل السفير السويدى إلى منزله لتسليمه هدية بمناسبة حصوله على الجائزة؛ وكانت الزيارة مفاجئة، فاضطر "نجيب محفوظ" إلى مقابلته بالبيجامة.

العقاد تنبأ بفوز نجيب محفوظ بجائزة "نوبل"وتحققت نبوءته بعد ربع قرن، وقال الأديب الراحل "عباس محمود العقاد" خلال حديث تليفزيونى: "عندنا فى مصر من يستحق الفوز بجائزة نوبل"، وذكر اسم "نجيب محفوظ"، وبالفعل تحققت تلك النبوءة عام 1988.

 المصادر الفكرية لأدب نجيب محفوظ 

تأثر نجيب محفوظ بالأديب مصطفى لطفي المنفلوطي، الروائي والناقد الفرنسي مارسيل بروست، الفيلسوف الألماني نيتشه، والفيلسوف الفرنسي ديكارت، الأديب الفرنسي فولتير، فضلًا عن تأثره برواد الثقافة المصرية طه حسين وسلامة موسى وتوفيق الحكيم.

جمعت مصادر تأثره بين التراث الإسلامي والعربي والفلسفة والأدب الغربيين، وهو الأمر الذي جعل الدكتور حسن طلب يقول "لقد خسرت الفلسفة أحد أبنائها الموهوبين بتحول نجيب محفوظ إلى الأدب، غير أن ما كسبته الرواية قد عوضنا بلا شك أضعافًا مضاعفة".

لماذا كانت روايته “أولاد حارتنا” سببًا في تعرضه لمحاولة اغتيال؟

في أكتوبر 1995، طُعن نجيب محفوظ في عنقه أمام منزله على يد شابين قررا اغتياله لاتهامه بالسخرية من الذات الإلهية والأنبياء في رواية "أولاد حارتنا".

لم يمت نجيب محفوظ، وفيما بعد أُعدم الشابان اللذان شاركا في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنهما لم يُعدما، وأثرت هذه المحاولة على أعصاب يده اليمنى، فلم يستطع الكتابة بعد هذا التاريخ، وكانت جميع أعماله المنشورة بعد ذلك من مسودات سابقة.

“ثرثرة فوق النيل” كانت سببًا في اعتقال نجيب محفوظ لولا تدخل عبد الناصر

 تسببت رواية "ثرثرة فوق النيل"، التى نشرت عام 1966، فى إثارة غضب بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة، وطلب المشير "عبد الحكيم عامر" من الرئيس الراحل "عبد الناصر" تأديب "نجيب محفوظ" لتوجيه انتقادات إلى الحكومة التى وصفها فى روايته بأنها تقوم بكل شئ دون الرجوع للشعب وكأنه لا وجود له؛ وبالفعل صدر قرار باعتقاله، لكن الزعيم تدخل لإيقاف تنفيذ القرار.

طقوس الكتابة لدى نجيب محفوظ

  • كان الأديب نجيب محفوظ يتعامل مع فنه باهتمام خاص،وكان يخصص البيت للقراءة والكتابة والتأمل، والمقهى للأصدقاء، والحديقة لحب الطبيعة، وكان متعلقًا بالكتابة في غرفة مكتبه بالمنزل، فلم يكتب أبدًا في أي مقهى إلا أجزاء بسيطة من السيناريوهات السينمائية.
  • كان نجيب محفوظ يعتقد أنه بدون النظام لا يستقيم أي عمل، والاعتماد على الوحي لن يصل به إلى شىء سوى كتابة روايتين فقط خلال عمره كله، لذلك خصص  6 ساعات يوميًا للكتابة -عدا الخميس والجمعة - يذهب إلى عمله في الصباح، ثم يعود إلى منزله يتناول الغداء ويترك نفسه للنوم لكي يستريح عقله، وبعد استيقاظه يدخل غرفته ويقضى 3 ساعات في القراءة و3 للكتابة، وينتهي قبيل منتصف الليل.
  • كان يميل نجيب محفوظ قبل بدء عملية الكتابة إلى الاستماع لمقطوعة موسيقية، ثم الانصات إلى السيدة أم كلثوم وهي تشدو بصوتها بينما يسير في صالة منزله قليلًا، قبل أن يتوجه إلى غرفة مكتبه للشروع في الكتابة.
  • اعتاد نجيب محفوظ أن يكتب مسودة الرواية على ورق ''العرائض'' وبقلم كوبيا، وعندما ينتهي منها، يُعيد كتابتها مرة أخرى على ورق أبيض بقلم حِبر.
  • لم يكن نجيب محفوظ يكف عن التدخين طوال الكتابة وكان يحب نوع معين من السجائر لا يغيره أبدًا إلا في حالة اختفائه من السوق
  • كان نجيب محفوظ يتناول 3 فناجين قهوة، فنجان مع بداية الكتابة، وآخر تُعده زوجته بعد فترة من الوقت، والثالث قبيل انتهاءه من جلسته. وكان نجيب محفوظ يتناول القهوة دون إضافة أي سُكر، بسبب إصابته بمرض السكر.
  • كان نجيب محفوظ يحب أن يكتب في درجة حرارة منخفضة، ويرتدي ملابس ثقيلة، ويبقى حافي القدمين طوال فترة تواجده بغرفة مكتبه.
  • كان نجيب محفوظ يكتب فقط في الخريف والشتاء لأنه كان يعاني من حساسية في الجلد والعين كانت تعاوده في الربيع والصيف،فتمنعه من العمل،لكنه اعتبرها مساحة من الراحة تمنحه لحظات تأمل يستفاد بها في الكتابة في الخريف والشتاء.
  • كان نجيب محفوظ يضع كل الأفكار التي ترد على خاطره على الورق كما هي، ويقوم بترتيبها في نهاية كل جلسة وبعد اكتمال الرواية يدخل في مرحلة ''التبييض'' وهي أصعب المراحل التي يمر عليها لأنه يكتب من جديد ببطء وتأمل، ويُجري عمليات تعديل واسعة على النص في الجمل والكلمات حتى يطمئن قلبه للمنتج النهائي.
  • بعد الانتهاء من أي رواية يقوم على الفور بتقطع أوراق المسودات الخاصة بها، لا يتبقى معه سوى النسخة النهائية التي يقوم بإرسالها إلى دار النشر وجريدة الأهرام.

نجيب محفوظ وذكريات رمضان 

كان الأديب نجيب محفوظ يتوقف عن العمل نهائيًا في رمضان، لرغبته في الاستمتاع بأيام رمضان ولياليه، لذلك لم يكتب رواية واحدة،كان يقضي الوقت الذي كان يسبق أذان المغرب في قراءة القرآن الكريم وكتب السيرة والتراجم والفلسفة والتصوف، وكان مداومًا على قراءة الشعر الصوفي في فترة بين العصر والمغرب.

 

أما عن رمضان في روايات نجيب محفوظ، فقد شغل مساحة لا بأس بها في أعماله، مثل "الثلاثية"، وهو يرى أن ما كتبه في الثلاثية عن رمضان كان بعين الطفل وليس الشاب أو الرجل، أما "خان الخليلي" ففيها كتب عن رؤيته لشهر رمضان بعين نجيب محفوظ الموظف.

وقال نجيب محفوظ في أحد حواراته: سكنا في حارة "الوطاويط" أمام مسجد الحسين، وكان رمضان بالنسبة للأطفال هو شهر الحرية، لأن الأهل كانوا يسمحون لهم بأشياء كانت ممنوعة طول العام مثل اللعب في الشارع، وكانت والدتي تقول لي "خليك تحت عيني ولا تبعد عن حدود البيت".وكانت هدية الأطفال هي الفانوس الذي يضاء بالشمعة يدورون به في ميدان بيت القاضي، مرددين أغاني رمضان.

وفي رمضان صمت الشهر كله وأنا في السابعة، وكان للخشاف مكانة خاصة على مائدة الإفطار، كما كان طبق الفول المدمس هو تاج المائدة الرمضانية.

أما بالنسبة للعيد فكنت أشارك في عمل كعك العيد حتى أني كنت أنقشه مع والدتي وكنت أذهب مع الكعك إلى الفران وأتباهى بكعك والدتي أمام الأصدقاء، وكانت العيدية عبارة عن جنيه من الذهب، وكانت تساوى وقتها 97.5 قرشا، بينما الجنيه الورقي يساوي 100 قرش،.وكانت والدتي تصطحبني على عربة كارو لزيارة أولياء الله

أقوال تعكس فلسفة نجيب محفوظ 

  • إذا لم تستطع أن تترك أثرًا جميلًا في القلوب فلا تزرع فيها ألمًا لا ينسى
  • لا أجيد رد الكلمة الجارحة بمثلها.. فأنا لا أجيد السباحة في الوحل.
  • ما أشد حيرتي بين ما أريد وما أستطيع.
  • الخوف لا يمنع من الموت لكنه يمنع من الحياة.
  • الويل لمن يحترم الحب في عصر لا يكن للحب احترامًا.
  • اختاروا كلماتكم بعناية كما تختارون ملابسكم.
  • كن قويًا حتى لا يشفق عليك أحد فما يؤلمك اليوم يجعلك أقوى غدًا.
  • اغلق الناقذة التي تؤذيك مهما كان المنظر جميلًا.
  • لا حقيقة ثابتة في الصحف إلا صفحة الوفيات.
  • قد نضيق بالحبّ إذا وُجد، ولكن شَدَّ ما نفتقده إذا ذهب.
  • ليس أتعس من الحظ السيئ إلا الرضا به.
  • لا شيء يقرب بين الناس مثل العذاب المشترك.
  • الصدق جوهرة قد تختفي أحيانًا تحت ركام الأوهام.
  • ليست الحقيقة قاسية، لكن الانفلات من الجهل مؤلم كالولادة.
  • لا تخبروني عمن يكرهني أو يتكلم عني.. أتركوني أحب الجميع وأظن أن الجميع يحبني.
  • ما أجمل الغرباء حين يصبحون أصدقاءنا بالصدفة، وما أحقر الأصدقاء حين يصبحون غرباء فجأة
  • قد يبدو يسيرًا أن تعيش في قمم أنانيتك، لكن من العسير أن تسعد بذلك إذا كنت إنسانًا حقًا.
  • عندما رأى طفلًا يبيع الحلوى عند إشارة المرور.. بكى.. ثم كَتبَ أحلام الأطفال قطعة حلوى وهذا الطفل يبيع حلمه.
  • لا أخشى على ظهري من عدو شريف بقدر ما أخشى على صدري من صديق مخادع.
  • لا تجزع، فربما انفتح الباب ذات يوم تحيةً لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة.
  • ليس للعقل صوت يسمع في ضجة أهازيج الهوى، وصخب أمواجه العاتية
  • عرفت الحب لأول مرة في حياتي، إنه كالموت تسمع عنه كل حين خبرًا ولكنك لا تعرفه إلا إذا حضر.
  • عندما تتكاثر المصائب يمحو بعضها بعضًا وتستطيع أن تضحك من قلب لم يعد يعرف الخوف.
  • أجد ما لا أبحث عنه وأبحث عما لا أجد.
  • أطبق جفنيك حتى لا ترى الموت بعينيك.
  • التشدد في العقوبة أسهل من إيجاد الحل.
  • الجحود بالنعمة أحيانًا يرتدي ثوب الضجر.
  • الجمال سلاح نافع حقًا في يد الفقير.
  • لن تعز السعادة على من يطلبها بصدق.
  • أكبر هزيمة في حياتي؛ حرماني من متعة القراءة بعد ضعف نظري.
  • الزيف في الحياة منتشر كالماء والهواء.
  • نحن نعيش في نسيج عنكبوتي من التقاليد السخيفة.
  • أشد أنواع الغربة هو ما تشعر به في وطنك.
  • الحزن كالوباء يوجب العزلة.
  • القلب يعرف أكثر مما يتصور العقل.
  • من يحمل الماضي تتعثر خطاه.
  • الديكتاتورية أم الكبائر السياسية.
  • الناس يعبدون القوة، حتى ضحاياها.
  • الجميع شغوفون بالسعادة ولكنها كالقمر المحجوب وراء سحب الشتاء.
  • الأخلاق ليست فقط نظامًا للتعامل بين الناس ولكنها هي التي تنظم المجتمع وتحميه من الفوضى.
  • الحكمة مطلب عسير.. إنها لا تورث كما يورث العرش.
  • الخطأ كثير والعقاب كثير ولكن حتى الحشرات المؤذية لا تيأس من العثور على الظل.
  • الدواء الحقيقي بيدك أنت وحدك.
  • الدين موضوع، والله موضوع آخر.
  • أخشى ما أخشاه أن يضيق الله بنا.
  • أجمل ما في الحياة قلب تحكي له ما تشاء.
  • إن الداء الحقيقي هو الخوف من الحياة لا الموت.
  • إن الحياة لا تحترم إلا من يستهين بها.
  • الذكريات تنهمر كالمطر، وهي دائمًا كذلك، ومهمتك أن تصنع منها جدولًا صافيًا.
  • الحب لا يتخير مناسبة، فهو صالح لكل مناسبة.
  • ما الحب الأول إلا تدريب ينتفع به ذوو الحظ من الواصلين.
  • الحرية هي التاج الذي يضعه الإنسان على رأسه ليُصبح جديرًا بإنسانيته.
  • إذا سلمت منك نفسك فقد أديت حقها، وإذا سلم منك الخلق فقد أديت حقوقهم.
  • مهما يكن من قذارة الفأر، فإن منظره في المصيدة يثير الرثاء.
  • كلمة رجل جمعها رجال، وكلمة امرأة لا جمع لها، المرأة لها كبرياء حتى في اللغة تأبى أن تجمعها بغيرها أو تقارن بها.
  • في المرأة امرأة أخرى لا يعرفها أحد، تستيقظ حين تنكسر، حين تؤمن بأن لا أحد في هذه الدنيا سيكون معها، فجأة تصبح أقوى.
  • من يحبك حقًا يهتم بك ليطمئن قلبه أنك بخير وليس ليشعرك أنه مهتم بك.
  • الباب الذي يُقفل في وجهك عمدًا، إياك أن تطرقه ثانية.
  • لم يعد للقلب من هم يحمله منذ دفن في التراب أعز ما كان يملكه.
  • إذا كان الماضي لا يستحق الحديث فلنصنع مستقبلًا يستحق أن يحكى.
  • عندما تغضب المرأة تفقد ربع جمالها ونصف أنوثتها وكل حبها.
  • المستهين بقدرات النساء أتمنى أن تعود طفولته بدون أم.
  • كيف نضجر وللسماء هذه الزرقة، وللأرض هذه الخضرة، وللورد هذا الشذا، وللقلب هذه القدرة العجيبة على الحب، وللروح هذه الطاقة اللانهائية على الإيمان، كيف نضجر وفي الدنيا من نحبهم، ومن نعجب بهم، ومن يعجبون بنا.
  • لا تتلطف مع شخص فشل بالاحتفاظ بك ولا تصدق أن غفرانك لزلاته يزيد من حجمك في عينه، لقد انتهى زمن الكريم الذي إذا أكرمته ملكته.
  • هي تفاصيل صغيرة تشعر بهاقد تقرّبك من شخص، أو تبعدك عنه
  • هذه هي الحياة: أنك تتنازل عن متعك الواحدة بعد الأخرى حتى لا يبقى منها شيء وعندئذ تعلم أنه قد حان وقت الرحيل.
  • أقصى درجات السعادة هو أن نجد من يُحبنا فعلًا، يُحبنا على ما نحن عليه، أو بمعنى أدق يُحبنا برغم ما نحن عليه.
  • لم يكن عجيبًا أن يعبد المصريون فرعون، ولكن العجيب أن فرعون آمن حقًا بأنه إله.
  • الحياة فيض من الذكريات تصب في بحر النسيان. أما الموت فهو الحقيقة الراسخة

وفاة نجيب محفوظ

في أغسطس 2006، توفى نجيب محفوظ بمستشفى الشرطة في العجوزة،رحل بعد حياةٍ حافلة بالإبداع والعطاء، قدَّمَ خلالَها كثيرَ من الأعمال الأدبية القريبة من الإنسان والمحمَّلة بفلسفة الحياة.

نجيب محفوظ

images
images
الجريمة
الجريمة
الحرافيش
الحرافيش
السكرية
السكرية
اللص والكلاب
اللص والكلاب
اولاد حارتنا
اولاد حارتنا
بين القصرين
بين القصرين
نجيب محفوظ
نجيب محفوظ