إسرائيل تحتفل بالجولانى وتخطف جبل الشيخ
فى نفس اللحظة التى دخل فيها أبو محمد الجولانى إلى دمشق دخلت إسرائيل إلى المنطقة العازلة واحتلت جبل الشيخ، الجولانى النازح مبكرًا من هضبة الجولان لم يصدر تصريحًا يرفض فيه الاعتداء وهذا أضعف الإيمان، ولكنه كان مشغولًا بالصلاة فى المسجد الأموى حتى يثبت أن الإسلام السنى انتصر على الإسلام الشيعى وأنه لا مكان لإيران فى سوريا، أما إسرائيل التى بدأت احتفالاتها بالجولانى فمن حقها من وجهة نظر الجولانى بدل المكان الواحد عدة أماكن.
الهدية الأولى التى قدمتها إسرائيل للجولانى هى إنهاء اتفاق «فض الاشتباك» فى الجولان وذلك بإعلان واضح من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذى أكد انهيار اتفاق «فض الاشتباك» الذى تم توقيعه فى عام 1974 مع سوريا بشأن الجولان، ليس هذا فقط ولكنه - أى نتنياهو - أمر الجيش بالاستيلاء على المنطقة العازلة، حيث تنتشر قوة الأمم المتحدة، كما طلب من الجيش احتلال مواقع القيادة السورية المجاورة للمنطقة العازلة وبوضوح أعلن نتنياهو «لن نسمح لأى قوة معادية بأن تستقر على حدودنا».
ولأن ما حدث فى سوريا أشبه بالزلزال فلا بد أن تكون له توابعه، وعلى الرغم من الحماية التركية والرضا الأمريكى عن جبهة تحرير الشام واسمها الحقيقى جبهة النصرة، فإن تركيا وأمريكا بل والجولانى نفسه لا مانع لديهم من أن تتقاسم إسرائيل معهم كعكة سوريا بعد رحيل بشار الأسد.
لذلك قامت إسرائيل فى يوم دخول جبهة النصرة بتفجير مراكز علمية وضرب منطقة المزة وقدمت استعراضها بكل العضلات الممكنة.
على جانب آخر، أعلن المرصد السورى لحقوق الإنسان عن أن القوات الحكومية السورية أخلت مواقعها فى محافظة القنيطرة، عند الحدود مع إسرائيل.
احتلال إسرائيل لجبل الشيخ دون رد ولو بيان مختصر من الجولانى ورفاقه يجعلنا نفكر فى التشابكات السياسية القادمة والتفاهمات التى قد تحدث بعد اللعب فى الخرائط والحدود، نتنياهو وهو يبارك للعالم بمناسبة رحيل بشار الأسد قال عن يوم سقوط النظام السورى إنه يوم تاريخى وانتهز الفرصة ليمد يده بالسلام مع سوريا، هذا السلام الذى يريده نتنياهو ويعلن عنه فى نفس توقيت تحرك مدافعه لتقصف الحدود وأبو محمد الجولانى يصلى فى المسجد الأموى.
وفى هذا الإطار، يمكن القول إن هذا السلام الذى طلبه نتنياهو ليس مستبعدًا أن ينجزه أبومحمد الجولانى فى مرحلة ما وفق سيناريو ما، وعلينا أن نتوقعه وأن يكون عراب هذا الاتفاق التركى أردوغان، وبذلك يكون الكل قد تراضى ولأن هذا سابق لأوانه، نجد الأولوية فى الرصد الآن هى حالة الشعب السورى فى المرحلة القادمة، الشعب الذى عانى خمسين عامًا من كابوس حزب البعث هل سيرضى بكابوس جديد اسمه «هيئة تحرير الشام صاحبة التاريخ الدموى»، الهيئة التى تخلط الدين بالسياسة ولا تتردد فى استخدام السلاح مع خصومها فى الرأى دون أن يهتز لهم جفن.
خريطة سوريا المرتبكة سوف تفرض بالضرورة ارتباكا فى خرائط مجاورة، فى إيران ولبنان والأردن وغيرهم، حتى تركيا نفسها لن تسلم وهى صانعة الحدث، لأننا لا يمكننا أن نتجاهل القوات السورية الديمقراطية «قسد» وهى جماعة كردية لها حقوق ومطالب، وكان التكليف التركى لأبو محمد الجولانى هو قيامه بالقضاء على قسد، ولكن من سيسمح بذلك فى عالم تذاع حروبه على الهواء مباشرة على الفضائيات.
صحيح أن كلمة الرئيس الامريكى بايدن بمناسبة التغيير الدرامى فى سوريا جاءت باهتة وتشد من عزم الجولانى ومن معه إلا أن الحال مع دونالد ترامب سوف يختلف، ترامب قال مؤقتا أن هذه الحرب لا دخل لأمريكا بها، ولكن عند توليه الحكم سوف تتغير مواقفه وسوف يدس أنفه فى كل كبيرة وصغيرة خاصة وأنه يصعد إلى مقعده الرئاسى وقد طابت دمشق له.