تحتفى به "الثقافة" فى ديسمبر.. كيف كانت العمارة باب "شادى عبدالسلام" الملكى للسينما؟
شادي عبدالسلام، المخرج المصري العالمي الكبير، الذي أعلنت وزارة الثقافة، عن تنظيم عدد من الفعاليات للاحتفاء به، خلال شهر ديسمبر المقبل، يعد واحدا من أبرز فناني السينما المصرية في القرن العشرين.
محطات في مسيرة شادي عبد السلام
ولد شادي عبدالسلام في الإسكندرية عام 1930، وفي عام 1949 تخرج في كلية فكتوريا التابعة لجامعة أكسفورد في بريطانيا، وكانت لديه رغبة لدراسة السينما، ولكن لعدم معهد لدراسة السينما في مصر وقتها، علاوة علي أن أهله كانوا يحتقرون السينما ويرفضون التحاقه بها، التحق شادي بمعهد الفنون الجميلة بالقاهرة لدراسة العمارة.
يلفت الشاعر البحريني حسن حداد، في كتابه المعنون بـ شادي عبدالسلام صاحب "المومياء"، علي أن اتجاه شادي عبدالسلام لدراسة العمارة كان عن اقتناع تام، حيث إنه يقدر فن العمارة ويعتبره أساس كل الفنون، متخدا من المخرج الروسي "آيزنشتاين" قدوة له، حيث يعتبر من أبرز منظري السينما في العالم، وقد بدأ مهندسا معماريا.
حصل شادي عبدالسلام علي درجة الامتياز في العمارة، ولم تكن لديه الرغبة في العمل كمهندس معماري، فبدأ يفكر في العمل بالسينما، بعد أن أنهي مدة خدمته العسكرية.
ويقول حداد: كان شادي عبدالسلام مغرما بالسينما، وإلا لما جاءته الشجاعة لأن يطرق باب بيت المخرج صلاح أبوسيف، ليعمل معه في فيلم "الفتوة"، وكان عمله مقتصرا علي تدوين الوقت الذي تستغرقه كل لقطة. هكذا بدأ شادي عبدالسلام، بدأ صغيرا جدا في محراب السينما، ولم يستصغر هذا العمل، لأنه كان مؤمنا بأن الطريق دائما يبدأ بالخطوة الأولي مهما كانت صغيرة.
خطوة علي أول الطريق بدأت بالديكور
بعدها عمل مساعدا لصلاح أبوسيف في أفلام، الوسادة الخالية، الطريق المسدود، أنا حرة، وفي أثناء عمله مع المخرج حلمي حليم في فيلم "حكاية حب"، حدث أن تغيب مهندس الديكور، فقام شادي بعمل الديكور، الذي كان ملفتا للنظر، مما دفع المنتجين للتعاقد مع شادي علي تصميم تنفيذ ديكورات مجموعة من الأفلام، كان أهمها، و"آسلاماه"، 1961، كذلك عمل خارج مصر كمصمم للديكور والملابس في الفيلم الأمريكي "كليوبترا"، والفيلم البولندي "الفرعون".
يضيف "حداد" عن مسيرة شادي عبدالسلام في بداياتها: في عام 1966، عمل شادي مع المخرج الإيطالي روسيلليني، وذلك في فيلم عن الحضارة، ما جعل للمخرج روسيلليني كبير الأثر علي شادي عبدالسلام فنيا وفكريا، لما يمتاز به الأول من بساطة في التفكير السينمائي مع العمق في نفس الوقت، وإليه يرجع الفضل في تحقيق رغبة شادي للانتقال لمهنة الإخراج.
شادي عبدالسلام صاحب “يوم أن تحصي السنين”
أما عن أيقونة شادي عبدالسلام، "المومياء"، أو يوم أن تحصي السنين، والذي أدرج في قائمة أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين، فقد بدأ شادي كتابته ــ حسب حداد ــ مندفعا بإحساس قوي بالرغبة في تقديم ما هو جديد وجاد، دون النظر إلي إمكانية تنفيذه من عدمها. واستغرق في كتابة السيناريو عاما ونصف العام، تاركا وراءه كل شيء لا يتعلق بالمومياء.
كان صادقا مع نفسه منذ البداية، حيث كان يعيش أزمة مالية قاسية، بالرغم من العروض الكثيرة التي كانت تعرض عليه لتصميم وتنفيذ الديكور، والتي كانت ذات أجور مغرية، إلا أنه وجد نفسه غير قادر علي عمل شىء غير "المومياء"، وشعر أنه سيكذب عليهم وعلي نفسه لو قبل بالعمل فيها.
وأكد "حداد": لقد كانت مرحلة تنفيذ فيلم المومياء تجربة صعبة، مع مخرج صعب يحمل فكرا وأسلوبا مختلفين. وتكمن تلك الصعوبة في أنه استخدم الكاميرا التي تفكر، فالكاميرا عند شادي عبدالسلام لا تنقل الملامح فقط، وإنما تربط عناصر التمثيل والأداء الصوتي بكادرات فكرية توظف داخل بناء الفيل بشكل كامل.
واختتم: دراسته للعمارة منحته القدرة علي البناء، بناء الفيلم بكامله، فهو يقتصد ويستفيد من كل العناصر المكونة للمشهد، وأن يكون لكل عنصر شخصية مميزة ووظيفة تتمشي مع بقية المشاهد، وذلك حتي يصبح العمل في النهاية قطعة من المعمار الحي، له روحه الخاصة، ويتدفق بالحياة.. كل لقطة كما يقول شادي عبدالسلام، محددة ومرقمة في السيناريو، وباستطاعته أيضا أن يحدد عدد لقطات الفيلم منذ البداية وقبل التصوير، لأنه لا يؤمن بالارتجال أثناء التصوير في الفيلم الروائي.