تحديات واصلاحات.. خبراء عن «المراجعة الرابعة لصندوق النقد»: مصر تسير على الطريق الصحيح
اختتمت بعثة من صندوق النقد الدولى، برئاسة إيفانا فلادكوفا هولار، زيارتها إلى القاهرة، التى استمرت من ٦ إلى ٢٠ نوفمبر الجارى، وشهدت عقد مناقشات مباشرة مع المسئولين المصريين حول سياسات الإصلاح الاقتصادى، تمهيدًا لإتمام المراجعة الرابعة لبرنامج مصر الاقتصادى.
وأصدرت بعثة صندوق النقد إلى مصر بيانًا، مساء أمس الأول، أكدت فيه إحراز تقدم كبير فى المناقشات مع مصر بشأن «المراجعة الرابعة»، مشيرة إلى أن القاهرة أجرت إصلاحات جوهرية، رغم التحديات التى فرضتها التوترات الجيوسياسية فى المنطقة.
ورحب خبراء اقتصاديون ببيان بعثة صندوق النقد، معتبرين أنه شهادة جديدة على أن مصر تسير فى الطريق الصحيح من الناحية الاقتصادية؛ نتيجة لنجاح البنك المركزى فى تطبيق سعر الصرف المرن، والسيطرة على معدلات التضخم.
صندوق النقد: القاهرة نفّذت إصلاحات جوهرية رغم التوترات الإقليمية
أكدت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى إلى مصر، أن السلطات المصرية ومسئولى البعثة أحرزوا تقدمًا كبيرًا فى مناقشة السياسات المتعلقة بإتمام المراجعة الرابعة، مع التركيز على التحديات والفرص على المدى المتوسط، إلى جانب خطوات الإصلاح التى يمكن أن تسهم فى تقليص المخاطر الاقتصادية الكلية. وأضافت «هولار»، فى بيان، أمس الأول، أن التوترات الجيوسياسية المستمرة فى المنطقة تشكل تحديات للاقتصاد الإقليمى، وفى هذا السياق الصعب، نفذت مصر إصلاحات جوهرية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادى الكلى، ما ساعد فى حل أزمة تراكم الطلب على العملة الأجنبية. وواصلت: «جدد البنك المركزى المصرى التزامه بالحفاظ على مرونة سعر الصرف لمواجهة الصدمات الاقتصادية الخارجية، وأسهم تشديد السياسة النقدية فى احتواء التضخم»، مشددة على أنه «فى المستقبل، يجب أن تظل الأولوية لضمان تقليص التضخم على المدى المتوسط». ونبهت، كذلك، إلى أهمية الخطوات الرامية لتعزيز القطاع الخاص باعتباره المحرك الرئيسى للنمو المستقبلى، مشيدة بالخطط التى وضعتها السلطات المصرية لتبسيط النظام الضريبى، وتحسين الإجراءات الجمركية وتسهيل التجارة. ورأت أن الإصلاحات فى السياسة الضريبية تساعد مصر فى تعبئة الإيرادات المحلية بفاعلية، ما يتيح تمويل برامج الإنفاق الضرورية فى مجالات الصحة والتعليم والأمان الاجتماعى، مبدية تأييدها الجهود الرامية إلى تعزيز شبكة الأمان الاجتماعى لحماية الفئات الضعيفة من ارتفاع تكاليف المعيشة.
عبدالمنعم السيد: الحد من الإنفاق العام وتقليص العجز المالى
أشاد الدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بأداء الحكومة فى ملف الإصلاح الاقتصادى، فى ظل تمكنها من تسريع تنفيذ بعض الإصلاحات، رغم الظروف الاستثنائية التى تمر بها المنطقة.
وأوضح أن الاتفاقيات التى يوقعها صندوق النقد الدولى مع مصر عادة ما ترافقها مجموعة من الإجراءات التقشفية الهادفة إلى تقليص العجز فى الموازنة العامة.
وقال: «مصر رفعت من قيمة القرض المتفق عليه مع الصندوق من ٣ إلى ٨ مليارات دولار، ما يضعها أمام ضرورة تنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية الكبرى، ومن أبرزها الانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن، ما أسهم فى خلق توازن فى سوق الصرف، وساعد فى تخفيف ضغوط الطلب على العملة الأجنبية، بالإضافة إلى خفض فاتورة الاستيراد».
وأشار إلى أن الحكومة بدأت، أيضًا، فى تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، التى تهدف إلى إعادة هيكلة دور الدولة فى الاقتصاد، مع تركيز أكبر على تعزيز القطاع الخاص، الأمر الذى سيسهم فى تحسين المناخ الاستثمارى فى مصر.
وأضاف: «الحكومة المصرية تبنت سلسلة من السياسات الاقتصادية التى تتضمن رفع أسعار المحروقات ثلاث مرات، بالإضافة إلى تعديل أسعار رغيف الخبز، وكذا رفع أسعار الكهرباء والغاز، وهذه الإجراءات هى جزء من خطة الحكومة للحد من الإنفاق العام، وبالتالى تقليص العجز المالى، فى وقت تواجه فيه البلاد ضغوطًا اقتصادية شديدة نتيجة للتحديات العالمية.
حنان رمسيس: الحكومة تمنح أولوية لتخفيف الأعباء عن المواطنين
قالت حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية، إن بيان صندوق النقد الدولى يتحدث عن الضغوط الاقتصادية التى تتعرض لها مصر، على رأسها انخفاض إيرادات قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية. وأضافت أن البيان أشار إلى ما شهده سعر الصرف من استقرار ملحوظ رغم الأزمة العالمية، بفضل السيولة التى وفرتها صفقة «رأس الحكمة»، إلى جانب تحويل المديونيات مع العديد من الدول مثل الصين، إلى مشروعات، والقضاء على السوق السوداء، وزيادة تحويلات المصريين فى الخارج.
وواصلت: «الصندوق يرى أن مصر لديها التزامات أخرى، أبرزها تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، والتخارج من بعض الأنشطة الاقتصادية، ووجود عدالة ضريبية، وعدم منح إعفاءات ضريبية زائدة عن اللزوم للحفاظ على الإيرادات الضريبية، التى تسهم فى خفض عجز الموازنة».
ورأت أن الحكومة تسعى لتحقيق التوازن بين تنفيذ «روشتة» صندوق النقد الدولى، ومراعاة تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، لذا تتناقش مع الصندوق دائمًا، حال رغبتها فى تأجيل بعض الخطوات الإصلاحية.
وليد جاب الله: التعاون معه مهم وسط تحديات غير مسبوقة
رأى الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أنه لا توجد مفاجآت فى بيان المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولى للاقتصاد المصرى، فلا يزال الصندوق يؤكد محاور الاتفاق مع مصر، ويتبنى إصلاحات ربما يكون ظاهرها متعارضًا.
وأوضح «جاب الله»: «الصندوق أكد أهمية استهداف التضخم، رغم مطالبته باستمرار تبنى نظام سعر صرف مرن، وتقليص دعم الطاقة، كما أكد تطوير برامج الحماية الاجتماعية، رغم أن تمويل ذلك يكون من زيادة الإيرادات الضريبية، دون فرض ضرائب جديدة».
وأضاف: «الصندوق أكد أهمية تشديد السياسات النقدية، بما فيها رفع أسعار الفائدة، ثم يؤكد أهمية زيادة نشاط القطاع الخاص الذى يعانى ارتفاع تكلفة التمويل».
وأتم بقوله: «أفكار وسياسات الصندوق معروفة للجميع، والتعاون مع الصندوق مهم جدًا، لكن الأهم هو القدرة على إدارة الاقتصاد المصرى بصورة ناجحة، وسط تحديات غير مسبوقة، وعلاجات لها آثار جانبية متعارضة».
مصطفى أبوزيد: خطوة نحو استقرار الاقتصاد وتحقيق التوازن فى الموازنة
شدد الدكتور مصطفى أبوزيد، رئيس مركز مصر للدراسات الاقتصادية الاستراتيجية، على أن تقرير بعثة صندوق النقد الدولى يعكس تفهم الصندوق التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر، فى ضوء التوترات الإقليمية والتداعيات العالمية.
وأشار «أبوزيد» إلى أن الاقتصاد المصرى يحتاج إلى المزيد من الإصلاحات الهيكلية لضمان استدامة النمو الاقتصادى فى المستقبل، موضحًا أن الحكومة تتبنى حاليًا استراتيجية للتحفيز على زيادة الإنتاج المحلى، وتوسيع القاعدة الإنتاجية، ما من شأنه أن يسهم فى تحسين الوضع المالى للدولة وزيادة الصادرات، مع تحسين التصنيف الائتمانى للدولة، ما يسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية.
وتابع: «إذا تم تنفيذ هذه الإصلاحات بشكل فعال، فإن الحكومة ستتمكن من تحقيق توازن أفضل فى الموازنة العامة، ما يؤدى إلى تحسين التصنيف الائتمانى لمصر، وبالتالى استقرار الاقتصاد».
عزالدين حسنين: دليل على تحقيق نتائج جيدة بالاقتصاد الكلى رغم التضخم
قال الخبير المصرفى، عزالدين حسنين، إن الحكومة والبنك المركزى المصرى أكدا التزامهما ببرنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى بدأ تنفيذه فى ٢٠٢٢ ولمدة أربع سنوات، تنتهى فى ديسمبر ٢٠٢٦، موضحًا أن هذا ما أثبتته المراجعة الرابعة مع صندوق النقد الدولى.
وأضاف: «كانت النتائج جيدة على مستوى مؤشرات الاقتصاد الكلى، فمستويات التضخم انخفضت تدريجيًا، بفعل اتباع المركزى والمالية سياسة نقدية ومالية تشددية، ورغم ارتفاع التضخم فى بعض الأشهر كانعكاس لقرارات الحكومة برفع أسعار الكهرباء والوقود، فإن مستويات التضخم غير مقلقة بشكل عام، مع الاتجاه نحو الهبوط التدريجى فى بدايات العام المقبل».
وأشار إلى أنه من المتوقع، وفق الصندوق، الوصول إلى مستوى تضخم ١٦٪ فى عام ٢٠٢٥، ما سيعطى «المركزى» المساحة اللازمة لخفض معدلات الفائدة تدريجيًا. ونوه إلى أن اتباع «المركزى» نظام سعر الصرف المرن خلال الأشهر الماضية، أدى إلى توحيد سعر الصرف واختفاء السوق الموازية للعملة، مع انتظام حركة تدفق رءوس الأموال الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج إلى القطاع المصرفى، بالإضافة إلى تحسن مؤشرات الدين الخارجى، بفعل سداد الحكومة التزاماتها الخارجية فى مواعيدها».
وتابع: «انخفص الدين الخارجى بما يزيد على ١٤ مليار دولار خلال عام ٢٠٢٤، وما زالت أمام الحكومة فرصة التحول إلى مركز إقليمى للطاقة المتجددة، ومركز إقليمى لتصدير الكهرباء، والعمل مستمر على التخارج من بعض الأصول الحكومية، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
خالد الشافعى: سياسات «المركزى» نجحت فى كبح جماح التضخم
اشار خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إلى أن صندوق النقد الدولى أكد التزام البنك المركزى بسعر صرف مرن، خلال الفترة الماضية، وهى شهادة تدل على أننا فى الطريق الصحيح، خاصة فى ظل توافر سيولة دولارية. وأضاف «الشافعى»: «نجحت السياسات الاقتصادية المصرية فى القضاء على السوق السوداء للدولار، وهو ما كان له مردود إيجابى كبير على الاقتصاد المصرى»، مؤكدًا أن البنك المركزى قادر على الاستمرار فى تطبيق سعر صرف مرن.
وواصل: «السياسة النقدية نجحت فى كبح جماح التضخم، رغم ارتفاع أسعار السلع عالميًا، وارتفاع تكاليف النقل والشحن، ومن المتوقع استمرار ذلك خلال الفترة المقبلة، وصولًا إلى المعدل الهبوطى».
بلال شعيب: مساعٍ لاستحواذ القطاع الخاص على 65% من المشروعات
أوضح بلال شعيب، رئيس مركز «رؤية للدراسات الاقتصادية»، أن من أهم التخوفات لدى صندوق النقد الدولى، خلال الفترة الماضية، عدم مرونة سعر الصرف، وهو ما نجح البنك المركزى فى تحقيقه، ما أسهم فى جذب المزيد من المستثمرين الأجانب.
وأضاف «شعيب»: «تزامن ذلك مع زيادة حصيلة مصر من النقد الأجنبى، بعد إتمام صفقة رأس الحكمة مع الإمارات»، مشيرًا إلى سعى الحكومة بقوة لتمكين القطاع الخاص، واستحواذه على ٦٥٪ من إجمالى المشروعات، وهو ما نجح فى تطبيقه العديد من الدول، عن طريق تطبيق وثيقة «سياسة ملكية الدولة».