قبل انطلاق احتفالية فتحى غانم بـ"الأعلى للثقافة".. قصة عمل أدبي مجهول لصاحب "الجبل"
"في مخيلتي كان له وجهان، أحدهما لتلك الشخصية الهادئة التي تلوح لي كثيرًا في أسلوبه وتعبيراته وموضوعاته التي تكاد في همسها أن تصل إلى حدود المونولوج الداخلي، فلم أره يومًا في معركة حادة من معارك الفكر أو الأدب أو السياسة، حتى خلافاته مع الآخرين يكسوها هذا الهدوء الشفاف لا تصل إلى مستوى "الحوار" إلا في القليل النادر، فمعظم صراعاته - إن وُجدت – من طرف واحد لا يشتبك إلا مع كل ما هو عام ومجرد، اشتباكات أقرب ما تكون إلى لغة الاحتجاج المهذب، والتحفظ الوقور، وهي لغة تحيطه بسياج قوي سميج يحول بينه وبين التلاحم المباشر أو الاحتدام العنيف".. بهذه الكلمات قدم الناقد غالي شكري الروائي والقاص والصحفي فتحي غانم؛ صاحب الأعمال الأدبية "زينب والعرش، الرجل الذي فقد ظله، الأفيال"؛ والذي يحتفي المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور أسامة طلعت به، غدً الخميس، في احتفالية تحت عنوان "فتحى غانم للقصة القصيرة" لإعلان الفائزين في مسابقة فتحي غانم للقصة القصيرة، والتى تنظمها لجنة السرد القصصى والروائى بالمجلس ومقررها منير عتيبة.
عمل أدبي مجهول للروائي الراحل فتحى غانم
فى عام 1959 صدر عن سلسلة الكتاب الذهبي عمل روائي مجهول للأديب فتحي غانم تحت عنوان " من أين ؟"؛ كان الثاني للراحل الكبير بعد رائعته الأولى "الجبل"، حيث شغف فتحى غانم المبكر بعالم الصحافة، وانحيازه للمهزومين ورثاءه لمن سحقتهم الأيام وغلبتهم على أمرهم. كذلك سنجد فكرة المصير، الذي يحيق بالإنسان، تلك الفكرة التي تأثر بها كاتبنا من فلسفة المصير عند أوزوالد إشبنجلر.
ويعلق الدكتور فهمي عبد السلام على هذه الرواية الأدبية المجهولة لفتحي غانم في مجلة "الهلال" عدد يوليو 2000؛ قائلًا: "في هذه المغامرة الإبداعية المبكرة يطرح فتحى غانم الهموم نفسها التي ستظل تلح عليه طيلة مسيرته الإبداعية الرائعة. فكل إنتاج الفنان كما يقول "جوتيه"، ما هو إلا اعتراف عظيم واحد، كما سنجد كذلك تأثر كاتبنا بنبي الرواية ديستويفسكي العظيم، تلك التأثرات الصحية العذبة، التي صعدت بها موهبة فتحى غانم الكبيرة، وحلقت بها عاليا عاليا، فوصلت بها إلى ذرى رفيعة من ذرى الفن الجميل، سنجد إرهاصاتها العذبة المبكرة في رواية من أين؟".