كيف تحولت العشوائيات إلى «أرض للفرص» فى الجمهورية الجديدة؟
على مدار السنوات الماضية، بذلت الدولة جهودًا كبيرة لتغيير حياة المواطنين نحو الأفضل، مع وضع مخطط تفصيلى للقضاء على المناطق العشوائية والخطرة، عبر تطوير بعضها، ونقل القاطنين فيها إلى المناطق المطورة أو إلى مناطق جديدة تم تخطيطها بعناية، لتوفر الحياة الكريمة للمواطنين فى هذه المجتمعات العمرانية الجديدة.
ومع تحول المشروع من حلم إلى حقيقة على أرض الواقع، أثبتت تلك المناطق المطورة، ومن بينها «الأسمرات» و«روضة السيدة»، أنها أكثر من مجرد سكن، خاصة مع تحولها إلى مناطق جذب سكنى وتجارى، ووفرت آلاف الفرص للمواطنين الباحثين عن العيش فى مناطق منظمة وآمنة، يتوافر بها كل المرافق والخدمات.
أنور رمضان: «روضة السيدة» نموذج يحتذى به فى الارتقاء بحياة المواطنين
من منطقة «روضة السيدة»، كان لنا حديث مع أنور السادات رمضان، أخصائى إدارى فى مستشفيات جامعة القاهرة، أحد سكان منطقة «تل العقارب» سابقًا، والذى انتقل إلى «روضة السيدة» بعد تطويرها، ولاحظ التغيير الجذرى الذى طرأ على حياته وحياة أسرته بعد انتقالهم إليها.
وقال «رمضان»: «كنا نسكن منطقة تل العقارب، التى تفتقر إلى المرافق الأساسية والخدمات، والمنازل فيها قديمة وغير صالحة للسكن ومليئة بالحشرات، والأهالى يعانون من المشاكل الصحية، وعندما قررت الدولة تطوير المنطقة تم نقلنا مؤقتًا إلى مدينة السادس من أكتوبر لمدة سنة ونصف السنة تقريبًا، ولم نكن نتوقع أن نعود إلى منطقتنا مرة أخرى، لكننا عدنا وفوجئنا بالجهود المبذولة لتطويرها».
وأضاف: «الوضع الآن مختلف تمامًا، فقد انتقل بعض الأهالى من غرف متهالكة إلى شقق حديثة مجهزة بجميع المرافق الأساسية، والحياة أصبحت أكثر أمانًا ونظامًا، وحتى الأطفال أصبحوا يستفيدون من نظام تعليمى متطور».
وواصل: «فى السابق، كانت نسبة التسرب من التعليم مرتفعة للغاية، وكان كثير من الأطفال يتركون الدراسة فى المرحلة الابتدائية أو الإعدادية، أما الآن، فالوضع مختلف تمامًا، بعد أن تزايدت نسب التعليم العالى بين أبناء المنطقة، وظهرت مدارس تجريبية ولغات». وتابع: «نحن الآن لا نختلف عن سكان أى منطقة أخرى، بل نتفوق عليهم فى بعض جوانب الحياة، خاصة من حيث نسب التعليم والثقافة»، مؤكدًا أن «روضة السيدة أصبحت نموذجًا يحتذى به للتطوير الحضرى والارتقاء بحياة المواطنين، بعد أن حقق الرئيس عبدالفتاح السيسى الحلم الذى كنا نراه مستحيلًا».
خبراء تنمية: الدولة نجحت فى القصاء على «بؤر الفوضى والجريمة»
قال الدكتور صادق إسماعيل، مدير «المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية»، إن العشوائيات تشكل أكبر التحديات التى تواجه المجتمعات، فى ظل امتداد آثارها السلبية إلى مختلف جوانب الحياة البشرية والاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف «إسماعيل»: «العشوائيات ليست مجرد مناطق سكنية غير ملائمة، بل هى بيئة تسهم فى انتشار العديد من المشاكل، أبرزها انتشار الجريمة، وتدهور مستوى الثقافة المجتمعية».
وواصل: «تنتشر فى العشوائيات ثقافات غير ملائمة قد تؤدى إلى تفشى السلوكيات السلبية، نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التى يعيشها سكانها، وعدم توافر مساكن ملائمة تضمن حياة كريمة، وهذه الظروف تجعل من العشوائيات بيئة خصبة لانتشار الجريمة، حيث يزداد الفقر وينخفض مستوى الفرص الاقتصادية، ما يدفع البعض إلى الانخراط فى أنشطة غير قانونية من أجل الحصول على قوت يومهم».
وأكد أن الدستور يتضمن توفير مسكن ملائم وكريم لكل مواطن، وهو ما تسعى الدولة إلى تحقيقه من خلال مجموعة من مشروعات المجتمعات العمرانية العملاقة، التى تهدف إلى نقل المواطنين من المناطق العشوائية إلى مجتمعات إنسانية ذات بنية تحتية قوية، وتسهيلات معيشية مناسبة. وأضاف مدير «المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية» أن الحلول التى تركز عليها الحكومة هى إحداث تنمية مستدامة فى تلك المناطق، وهى تنمية شاملة تشمل توفير المساكن اللائقة، وتحسين مستوى التعليم، وتغيير الثقافة السائدة، مع التركيز على تطوير الجانب الاقتصادى من خلال خلق فرص عمل للشباب. وتابع: «كل هذه الخطوات تهدف إلى القضاء على جذور الفقر، وتحقيق استقرار اجتماعى واقتصادى، بما يسهم فى الوصول إلى التنمية المستدامة فى المجتمع، وتحقيق حياة كريمة لكل المصريين».
أما الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية المحلية، فقال إن مصر تعمل حاليًا على تصحيح الإهمال الذى كان موجودًا فى السابق بشأن المجتمعات العمرانية، التى أدى إغفالها إلى انتشار البؤر العشوائية، نتيجة إهمال دور التخطيط الحضارى. وأضاف «حسان»: «الدولة تعمل حاليًا للقضاء على العشوائيات، من خلال إعادة تخطيط المناطق، والتركيز على إحياء المبانى التاريخية والمعمارية الفريدة، مع مراعاة الحفاظ عليها وحمايتها من التدهور، بما يتماشى مع متطلبات العصر وتطوراته».
إسماعيل محمد: نقلت تجارتى من العبور إلى «الأسمرات».. و«الحال ماشى»
بدأ إسماعيل محمد، صاحب أحد المحال التجارية فى حى «الأسمرات»، حديثه لـ«الدستور»، بكشف أسباب اختياره هذا الحى لفتح مشروعه التجارى، قائلًا إنه اعتبر انتقاله إلى «الأسمرات» فرصة، لأنه سيكون من أوائل من يقدمون الخدمات فى المنطقة، الأمر الذى يتيح له فرصًا كبيرة للتجارة.
وأضاف «محمد»: «قررت الانتقال إلى حى الأسمرات منذ بداية العمل فى المشروع، أى عندما تم وضع حجر الأساس للحى كجزء من خطة الدولة للتخلص من العشوائيات وبناء مجتمعات حضرية حديثة، واخترت منطقة الأسمرات تحديدًا لأنها واحدة من الأحياء الجديدة التى نفذتها الدولة ضمن خطة إنشاء مجتمعات حضرية بعيدًا عن العشوائية والزحام، وهذا هو السبب الرئيسى لنقل تجارتى من العبور إليها».
وأرجع خطوته تلك إلى طموحه للمساهمة فى تطوير الحى الجديد، ودعم خطط الدولة لتطوير المدن والمجتمعات العمرانية، فضلًا عن تلبية رغبته فى تشجيع المواطنين على الاستقرار بالمناطق الجديدة.
وأكد أن مشروع «الأسمرات» يتميز بتصميم معمارى دقيق وجودة فى البناء، فى ظل الاهتمام بتنسيق الألوان فى المبانى، واتساع الشوارع بين العمارات، بالإضافة إلى جودة التشطيبات، وتوافر المرافق مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحى، ما يوفر بيئة ملائمة وحياة كريمة للسكان.
«الشيخ محمد»: أسست مكتب تحفيظ قرآن فى الحى الجديد
قال الشيخ محمد، مؤسس أول مكتب لتحفيظ القرآن فى حى «الأسمرات»، إن المكتب لاقى دعمًا كبيرًا من المواطنين، فى إطار بحثهم عن إعمار الحى، وتوفير جميع الخدمات والمرافق لسكانه.
وأضاف: «الحى مكتمل الخدمات ولا ينقصه شىء، وكان من المهم إنشاء مكتب لتحفيظ القرآن تلبية لاحتياجات السكان، بحيث لا يضطر أبناؤهم للذهاب إلى أماكن بعيدة»، مشيرًا إلى أن «هذا المكتب يتيح لكل راغب فى التعلم أن يجد المكان المناسب داخل الحى».
وواصل: «أصبح أطفال الحى الآن يحرصون على الذهاب إلى المسجد، والمشاركة فى حلقات تحفيظ القرآن. كما أن المكتب لا يقتصر على الأطفال فقط، بل يستهدف أيضًا جميع الأعمار من الكبار والصغار، الذين يرغبون فى حفظ القرآن وتعلم تعاليم الدين بطريقة صحيحة».
وكشف عن أن مكتب تحفيظ القرآن يضم حاليًا مجموعات متعددة من الناس من داخل وخارج الحى، ينقسمون إلى مستويات مختلفة حسب مقدار حفظهم، مضيفًا: «ليست هناك فئة عمرية محددة، فالحلقات مفتوحة لجميع الأعمار».
وأتم بقوله: «فيما يخص الأطفال على وجه التحديد، نحن نركز على خلق علاقة محبة وتقدير بين الطفل ومعلمه، ما يشجع الأطفال على الالتزام بالحفظ والمشاركة الفعالة».
سليم عبدالباسط: عشت الإنجاز منذ بدايته بعد انتظاره لـ3 عقود
وصف سليم عبدالباسط، أحد سكان شارع «السد البرانى»، الذى ينتظر الانتقال إلى منطقة «روضة السيدة» بعد تطويرها، ما حدث فى المنطقة بالإنجاز الكبير، مشيرًا إلى أنه يسمع منذ أكثر من ٣ عقود عن تطوير المناطق العشوائية، لكن شيئًا لم يحدث فى منطقته، إلى أن بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى مشروعه للتطوير والحياة الكريمة، وهو ما حضر تنفيذه منذ البداية حتى النهاية.
وأضاف «عبدالباسط»: «روضة السيدة مشروع جميل ويوفر العديد من المميزات، فهناك الشقق كاملة التجهيزات، ومنها نموذج الـ٩٠ مترًا ونموذج الـ٦٥ مترًا، والتى تكون مفروشة بالكامل، وهذه خطوة كبيرة لتحسين مستوى المعيشة فى المنطقة».
وأكد أن هذا النوع من السكن يسهم بشكل كبير فى تحسين حياة المواطنين، الذين عاشوا لسنوات طويلة فى ظل ظروف صعبة للغاية، مختتمًا بقوله: «آن الأوان أن نرتاح الآن».
محمد أنور: الحياة أصبحت أكثر راحة وكل شىء قريب ومتاح
قال محمد أنور إنه انتقل من التجمع الثالث إلى «الأسمرات»، فكان الفرق واضحًا جدًا من حيث الخدمات والتنظيم، مشيرًا إلى أن الحى يتوافر به كل ما يحتاجه المواطنون من مدارس وأسواق ومراكز صحية ومرافق حديثة، لتصبح الحياة أكثر راحة، وكل شىء قريب ومتاح. وأضاف «أنور»: «اشتريت وحدتى السكنية بنظام التمليك، وهو ما يختلف عن الوحدات الأخرى التى تُمنح بنظام التخصيص. اخترت السكن هنا بسبب التحسن الكبير فى الخدمات والتخطيط العمرانى، وهذا ما شجعنى على التملك فى المنطقة». وواصل: «حى الأسمرات يمثل نقلة نوعية فى تحسين جودة الحياة، فهو يوفر كل ما يحتاجه السكان من مرافق حديثة وتنظيم عمرانى، بالإضافة إلى أنه يضمن لهم الراحة والاستقرار».
«الأسمرات» و«روضة السيدة».. من العشوائية إلى الحياة الكريمة
يقع حى «الأسمرات» بمنطقة المقطم جنوب محافظة القاهرة، بالقرب من الطريق الدائرى، وهو يمتد على مساحة ١٨٨ فدانًا، متضمنًا ١٨٫٤٢٠ وحدة سكنية، وتم تنفيذه على ٣ مراحل.
اشتملت المرحلة الأولى على تنفيذ ٦٫٢٥٨ وحدة سكنية على مساحة ٦٥ فدانًا، والثانية ٤٫٧٢٢ وحدة على مساحة ٦١ فدانًا. أما المرحلة الثالثة فأقيمت على مساحة ٦٢ فدانًا، ووفرت ٧٫٤٤٠ وحدة سكنية. وتتكون الوحدة السكنية فى حى «الأسمرات» من غرفتين وصالة، على مساحة حوالى ٦٥ مترًا، ويتم تسليمها كاملة التشطيب ومفروشة بالأثاث والأجهزة الكهربائية. ولضمان الراحة، تحتوى كل عمارة، خاصة من عمارات المرحلة الثالثة، على مصعدين، ووحدة إطفاء، وخزانين للمياه، بالإضافة إلى مدخل خاص لذوى الاحتياجات الخاصة. أما عن منطقة «روضة السيدة»، فقد تم الإعلان عن افتتاحها، فى أكتوبر ٢٠٢١، بعد وضع التخطيط الأمثل والنموذج الراقى لتطويرها، بما يتناسب مع الإطار العام لمنطقة السيدة زينب، عبر إضافة الشكل الجمالى والطراز الإسلامى للعمارات. وانتهى تنفيذ المشروع بتكلفة ٣٣٠ مليون جنيه، لتوفير مسكن آمن للمواطنين، فى المنطقة التى تحتوى على ٨١٦ وحدة سكنية، بإجمالى ١٦ عمارة، بالإضافة إلى ١٩٨ وحدة إدارية وتجارية.