العيد السنوي الرابع للطاقة النووية.. "مصيدة قلب المفاعل" خطوة أمان الطاقة
في 19 نوفمبر 2024، تحتفل مصر بالعيد السنوي الرابع للطاقة النووية، وهو يوم يمثل إنجازًا هامًا في تاريخ الطاقة النووية في البلاد، يأتي هذا اليوم بعد أربع سنوات من بدء الاحتفال بتوقيع الاتفاقية التاريخية بين مصر وروسيا في 2015، التي وضعت الأساس لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء في مصر، وهي محطة الضبعة النووية.
يحتفل هذا العام بإنجازات ضخمة ضمن المشروع النووي المصري، وعلى رأسها الاستعداد لتركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الرابعة في المحطة، والتي ستكون خطوة حاسمة نحو استكمال المشروع وتهيئته للعمل الفعلي، كما سيشهد هذا اليوم تزامنًا مع الذكرى السنوية لتوقيع الاتفاقية الحكومية بين مصر وروسيا التي تم بموجبها التعاون في بناء المحطة، وهو ما يجعل الاحتفال لهذا العام ذا طابع خاص، حيث يعكس التقدم السريع الذي تحقق في وقت قياسي في قطاع الطاقة النووية المصري.
الجهود المصرية في مجال الطاقة النووية
بدأت مصر التفكير في استخدام الطاقة النووية في الخمسينيات من القرن الماضي، عندما أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عن تطلعات مصر نحو الاستفادة من الطاقة النووية السلمية، ورغم أن تلك المبادرة لم تنجح في تحقيق هدفها، إلا أن الجهود المصرية في هذا المجال لم تتوقف، بل استمرت عبر عدة محاولات ومشروعات لم تكتمل.
وفي عام 2015، جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوقيع الاتفاقية الحكومية مع روسيا الاتحادية لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء في منطقة الضبعة بمحافظة مطروح، وكانت الاتفاقية بمثابة نقلة نوعية في البرنامج النووي المصري، حيث تم الاتفاق على بناء 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميجاوات، وفي إطار هذا المشروع، تم الاستعانة بتكنولوجيا مفاعلات VVER-1200 الروسية من الجيل الثالث المتطور، وهي من أحدث تقنيات المفاعلات النووية التي تقدم أعلى معايير الأمان والكفاءة في توليد الطاقة.
ويعد البرنامج النووي المصري خطوة استراتيجية نحو تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية مثل الغاز والفحم، مع توفير طاقة نظيفة وآمنة تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية، محطة الضبعة ستساعد في توفير طاقة مستقرة للاحتياجات المتزايدة في مصر، خصوصًا مع تزايد الطلب على الكهرباء في ظل النمو السكاني السريع.
محطة الضبعة النووية: بداية طريق طويل نحو الأمان الطاقي
تعتبر محطة الضبعة النووية هي أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة، والمحطة مكونة من 4 مفاعلات نووية، كل منها يساهم بقدرة 1200 ميجاوات، مما يعزز قدرة مصر على توليد الكهرباء بطرق صديقة للبيئة، وهذا المشروع الضخم يجسد التزام الدولة بمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية في مجال الطاقة.
أما في 4 نوفمبر 2024، تم استقبال مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الرابعة في ميناء الضبعة التخصصي، وهي واحدة من أهم المعدات التي تمثل مكونات الأمان المتقدمة للمفاعل النووي، وتم تصنيع هذه المصيدة في روسيا، وهي تعتبر أول جهاز كبير الحجم يتم تركيبه في مفاعل الضبعة، بهدف تعزيز الأمان في حالة حدوث أي انصهار غير متوقع داخل قلب المفاعل، وتقوم المصيدة بالتقاط المواد المنصهرة من قلب المفاعل، مما يمنعها من التسرب إلى بيئة العمل ويحافظ على سلامة المبنى والموظفين، ويسهم في منع انتشار المواد المشعة.
التعاون المصري الروسي: شراكة استراتيجية في مجال الطاقة النووية
يمثل التعاون المصري الروسي في برنامج الطاقة النووية مثالًا ناجحًا للشراكات الدولية التي تدعم التنمية المستدامة، إذ أتاح هذا التعاون لمصر الاستفادة من خبرات روسيا في مجال تكنولوجيا الطاقة النووية المتطورة، بينما تشرف هيئة المحطات النووية المصرية على عمليات التصميم والتنفيذ.
هذا التعاون الاستراتيجي لا يقتصر فقط على بناء المحطة، بل يمتد إلى تدريب الكوادر المصرية في جميع جوانب تشغيل وصيانة المحطات النووية، لضمان الاستفادة القصوى من المشروع على المدى الطويل.
إنجازات مستمرة نحو تحقيق الحلم النووي المصري
تعتبر محطة الضبعة النووية مشروعًا مستمرًا في التطور، ويعد الاحتفال بالعيد السنوي الرابع للطاقة النووية لحظة فارقة في هذا المسار، حيث ستتمكن مصر قريبًا من تركيب مصيدة قلب المفاعل في الوحدة النووية الرابعة، وهو إنجاز من المقرر له 2025، ما يعكس الجهود الكبيرة التي بذلها الفريق المصري-الروسي لإنجاز المشروع قبل الموعد المحدد.
وتسهم هذه الإنجازات في تسريع عملية بناء المحطة، ما يبعث برسالة قوية عن قدرة مصر على مواكبة التقدم التكنولوجي، والتزامها بتحقيق رؤية مستدامة للقطاع الطاقي في المستقبل، ومع كل خطوة جديدة في مسار بناء محطة الضبعة النووية، تقترب مصر من تحقيق طموحها في تأمين طاقة مستدامة وآمنة لمستقبلها.