ردًا على زاهى حواس.. خبير آثار يؤكد أن اسم مصر ارتبط بدخول يوسف الصديق إليها
أثار الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، جدلًا في ندوة "أسرار الفراعنة" بمحافظة الإسماعيلية، حين أشار إلى غياب أدلة أثرية قاطعة تثبت وجود النبي يوسف عليه السلام في مصر.
وردًّا على ذلك، أوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن القرآن الكريم ذكر دخول النبي يوسف وأسرته إلى مصر في عدة مواضع، منها الآية 99 من سورة يوسف: "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ".
وأشار ريحان إلى أن كتب التاريخ والدين أكدت وجود النبي يوسف في مصر، حيث أُشير إلى تسكين أسرته في أرض جاسان (حاليًا شمال بلبيس أو منطقة الصالحية). كما لفت إلى لوحات أثرية من العصر الهكسوسي تدعم روايات القحط الذي ذكره القرآن والتوراة، وتؤكد الأبحاث أن دخول النبي يوسف مصر كان في عهد الأسرة السادسة عشرة، أو في عصر حكم الهكسوس.
وأضاف أن المؤرخين مثل مانيتون وأفريكانوس أشاروا إلى تزامن وصول النبي يوسف مع حكم الهكسوس، الذين أتاحوا للعبرانيين إقامة في مصر. وأوضح أن اسم النبي يوسف بالهيروغليفية، "جد- با – نثر – ايو – اف – عنخ"، يعني "الإله يتكلم، هو يعيش"، مما يعكس أهمية دوره في تلك الحقبة.
وأشار إلى الاكتشافات الأثرية في مدينة أون (عين شمس)، التي تضمنت صوامع غلال قد تكون استخدمت خلال سنوات القحط المذكورة في النصوص المقدسة.
ويؤكد الدكتور عبد الرحيم ريحان أن القرآن الكريم ربط اسم مصر بالنبي يوسف عليه السلام من خلال نصوص متعددة، أبرزها في سورة يوسف، حيث تم ذكر دخول يوسف وإخوته إلى مصر. هذا الرابط يثبت أهمية مصر كموقع جغرافي في أحداث القصة القرآنية التي أضفت مكانة خاصة لهذا البلد في التاريخ الديني.
وفقًا لريحان، تزامنت إقامة النبي يوسف وأسرته في مصر مع حكم الهكسوس، وهو ما تدعمه الروايات التاريخية والآثار المكتشفة، مثل لوحة "فوطيفار" التي يُعتقد أنها تشير إلى عزيز مصر المذكور في النصوص المقدسة. هذه الروايات تربط بين الفترات الزمنية المذكورة في المصادر الدينية والواقع التاريخي.
وأظهرت الحفريات في مدينة أون (عين شمس) وجود صوامع غلال يُعتقد أنها كانت تستخدم لتخزين القمح خلال فترة القحط التي وصفها القرآن والتوراة. هذه الأدلة تدعم القصة القرآنية حول رؤية يوسف وتخطيطه الاقتصادي لإنقاذ مصر من المجاعة.
وأشار ريحان إلى توافق بين القرآن والتوراة في ذكر تفاصيل القصة، مثل تسكين عائلة يوسف في أرض جاسان، التي تقع شمال مصر. التوراة تضيف تفاصيل حول لقب يوسف ودوره المهم في البلاط المصري، مما يعزز فكرة اندماجه في النظام الإداري آنذاك.
ويجادل ريحان بأن إنكار قصة يوسف في مصر يُعدّ محوًا لأحد أهم الروابط الثقافية والتاريخية بين الدين والحضارة المصرية. هذه القصة ليست فقط جزءًا من التراث الديني، بل هي أيضًا جزء من الهوية الثقافية والتاريخية لمصر التي عززتها النصوص المقدسة والاكتشافات الأثرية.
ويرى الشيخ محمد متولي الشعراوي أن قصة النبي يوسف في مصر حدثت خلال حكم الهكسوس، حيث أشار القرآن الكريم إلى الحاكم بلقب "الملك"، وهو ما يتماشى مع فترة الهكسوس الذين لم يلقبوا حكامهم بـ"فرعون". هذه القراءة تتسق مع طبيعة الحكم غير المحلي للهكسوس، مما يضيف بُعدًا تاريخيًا دقيقًا لتحليل القصة.
وتناول علماء الآثار والمصريات اسم "يوسف" من منظور اللغة الهيروغليفية، مشيرين إلى أن الاسم الملكي "صفنات فعنيح" الذي أطلقه عليه الملك المصري يحمل معاني متعلقة بالحياة والإله. هذا التفسير الأثري يعزز وجود يوسف كشخصية تاريخية عاشت في مصر وتركت أثرًا في السجلات الملكية.
وتتفق بعض الدراسات التاريخية مع الروايات الدينية على أن وجود يوسف وإخوته في مصر كان نتيجة تلاقح ثقافي وتاريخي مع الهكسوس. يرى بعض المؤرخين أن العلاقة بين العبرانيين والهكسوس قد تكون ساعدت في تيسير إقامة آل يعقوب في مصر واستقبالهم استقبالًا كريمًا.
وتُظهر قصة النبي يوسف في مصر مكانة البلاد كأرض للتلاقي الثقافي والديني. الربط بين النصوص الدينية الإسلامية والتوراتية يعكس دور مصر كمنصة حضارية لعبت فيها الشخصيات التاريخية الكبرى أدوارًا مفصلية. هذا يعزز فهمنا للتاريخ المصري القديم وعلاقته بالتراث الإنساني المشترك.