مهرجان "الهجن" فى العريش.. حدث رياضى يربط الماضى بالحاضر ويعزز التنمية المحلية
في قلب الصحراء الممتدة بين الرمال الذهبية والسماء الزرقاء، تبرز سباقات الهجن في شمال سيناء كأحد الأحداث الرياضية والتراثية الأبرز التي يجتمع حولها الآلاف من محبي رياضة الهجن، والذين ينحدرون من مختلف أنحاء مصر والوطن العربي.
ورغم أن هذه السباقات لا تحظى بالشهرة نفسها التي يتمتع بها العديد من الرياضات الحديثة، فإنها تمثل جزءًا من الثقافة والتاريخ العربي الأصيل، فهي ليست مجرد مسابقة رياضية، بل هي احتفالية بكل ما تحمله من روح الصحراء، وأصالة الشعب المصري في شبه جزيرة سيناء.
أهمية سباقات الهجن في شمال سيناء
تعتبر سباقات الهجن جزءًا من التراث البدوي العريق في شمال سيناء، وهي حدث ينتظره الجميع بشغف من العام للعام، حيث تعد من أقدم وأهم الأنشطة التي تعكس تاريخ وتراث هذه المنطقة، بالإضافة إلى الجانب الرياضي، تسهم سباقات الهجن في تعزيز السياحة في سيناء، مما يساعد على دعم الاقتصاد المحلي وتعريف العالم بهذا التراث الثقافي الغني.
متى وأين تقام سباقات الهجن؟
تُقام سباقات الهجن في شمال سيناء بشكل سنوي في موسم معين، غالبًا ما يتزامن مع فصل الشتاء حيث الطقس المعتدل، وتُنظم السباقات عادة في مناطق صحراوية واسعة، مثل مدينة "العريش" و"الشيخ زويد"، حيث يتم تجهيز المضامير وفقًا لأحدث المعايير لضمان منافسة عادلة بين الهجن.
وفي بعض الأحيان، يتم تنظيم هذه السباقات في مناسبة خاصة أو احتفال قومي، مما يجعلها حدثًا جماهيريًا يشارك فيه الآلاف من المتفرجين.
السباقات.. فن في التعامل مع الجمل
يتميز سباق الهجن بكونه يتطلب مهارة كبيرة في تدريب الجمل، حيث إن تدريب الهجن ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب سنوات من العناية والاهتمام من قبل أصحابها.
ويحرص المدربون على تدريب الهجن منذ أن تكون صغيرة، وتستمر عملية التدريب التي تشمل تدريبات بدنية وعقلية للمشاركة في السباقات على أعلى مستوى.
تتراوح المسافات في السباقات عادة من 5 إلى 20 كيلومترًا وأكثر، حسب الفئة العمرية للهجن ونوع السباق، وتستقطب هذه السباقات العديد من الهواة والمحترفين، سواء من داخل مصر أو من دول الخليج العربي، الذين يرغبون في اختبار مهاراتهم ومهارات هجنهم في منافسات مفتوحة.
الأبطال والمنافسات
من أبرز ملامح سباقات الهجن في شمال سيناء أن الفائزين يُعتبرون أبطالًا محليين، بل ويكتسبون شهرة واسعة قد تمتد إلى جميع أنحاء البلاد.
ويعتبر مالكو الهجن من العائلات البدوية في سيناء من بين الأكثر إلمامًا بتفاصيل تدريب الهجن وكيفية الحفاظ على صحتها وتحفيزها على الجري لمسافات طويلة، وفي بعض الحالات، تُباع الهجن المميزة بأسعار مرتفعة للغاية، مما يعكس قيمتها العالية.
التأثير الاجتماعي والاقتصادي
على الرغم من أن سباقات الهجن قد تبدو في ظاهرها حدثًا رياضيًا بسيطًا، إلا أنها تحمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية كبيرة، فهي تسهم في تحسين مستوى معيشة العديد من الأسر البدوية في سيناء التي تعتمد بشكل كبير على هذه الرياضة كمصدر دخل، إضافة إلى ذلك، تخلق هذه الفعاليات فرصًا تجارية للباعة المحليين الذين يعرضون منتجاتهم في الأسواق المصاحبة للسباقات، مما يساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي.
قال الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، إن مهرجان الهجن الذي يُقام على مضمار نادي الهجن الرياضي غرب مدينة العريش يعكس حرص الوزارة على دعم وتطوير الرياضات التراثية بما يسهم في تعزيز تنمية المجتمعات المحلية ودعم السياحة الثقافية والرياضية، خاصة في المناطق ذات الطابع الخاص مثل شمال سيناء.
وفي تصريح له خلال فعاليات سباق الهجن في العريش أمس، عبر صبحي عن سعادته بنجاح المهرجان، مشيدًا بالتنظيم المتميز والمشاركة الواسعة، مقدمًا شكره لجميع القائمين على الفعالية، وأكد أن مهرجان الهجن يُعد فرصة ثمينة للمحافظة على التراث العربي الأصيل، بالإضافة إلى تعزيز دور الرياضة كأداة لدعم التنمية والسياحة الرياضية في مصر.
من جانبه، أوضح اللواء الدكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، أن المهرجان يعزز مكانة المحافظة كوجهة متميزة لاستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، مشيرًا إلى الأثر الإيجابي الذي تتركه مثل هذه الفعاليات في جذب السياح وتنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية في المنطقة.