45 سنة مهرجان... وتبقى مصر رائدة
سعدت جدًا شأن كل من يحمل محبة صادقة لهذا الوطن وأنا أتابع مساء أمس حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الخامسة والأربعين. مهرجان مصرى خالص وهادف، يؤصّل لمعانٍ تتجاوز كونه مجرد مهرجان يكرم صنّاع فن السينما فى حد ذاتها. بعد غياب المهرجان فى العام الماضى تضامنًا مع الأشقاء فى غزة، عاد مساء أمس ليبدأ فعالياته بتحية فنية للأشقاء فى فلسطين، وفى هذا ذكاء كبير من المنظمين ورسالة تحسب لهم، إذ جاءت رقصة الدبكة الفلسطينية على أنغام أغنية «أنا دمى فلسطينى» لتقول كثيرًا من الرسائل دون أن تنطق بكلمة واحدة. ثم اكتملت الرسالة السامية لدورة هذا العام من المهرجان حين تم اختيار الفيلم الفلسطينى «أحلام عابرة» لرشيد مشهراوى ليكون فيلم الافتتاح.
رقى الافتتاح يعكس تحضّر الدولة المنظمة ويؤكد أن جهدًا كبيرًا بُذل لفترة طويلة لضمان نجاح المهرجان الأقدم والأعرق عربيًا وإفريقيًا. ثم يأتى رحيل الفنان مصطفى فهمى شقيق رئيس المهرجان ليشكك البعض فى قدرة الرجل على تمالك نفسه وتجاوز أحزانه بما يؤثر على نجاح مهمته، لكن حسين فهمى يعطى درسًا عمليًا فى مفهوم الوطنية وتحمّل المسئولية دون ضجيج وبعيدًا عن الشعارات أو زيف الكلمات، ما جعلنى ازداد حبًا لهذا النجم الراقى بعد تغليبه لواجبه الوطنى على مشاعره الشخصية. لم يفت فهمى الإشادة بالأساتذة المؤسسين والرؤساء السابقين للمهرجان فى دوراته الأربع والأربعين السابقة كمال الملاخ، سعدالدين وهبة، شريف الشوباشى، عزت أبوعوف وأمير رمسيس.
وفى لمسة وفاء راقية يوجه المهرجان التحية لأرواح فنانين رحلوا هذا العام بعد أن تركوا أثرًا فنيًا كبيرًا وهم النجوم صلاح السعدنى، حسن يوسف، مصطفى فهمى، والكاتبان الكبيران عصام الشماع وعاطف بشاى. ثم تأتى التكريمات التى ينتظرها كل فنان ليختار المنظمون المخرج الكبير يسرى نصرالله بتاريخه الفنى المشرف وبأفلامه التى تركت علامة فى تاريخ السينما المصرية. وفى رسالة لها مغزاها يتم اختيار النجم الخمسينى أحمد عز كرمز لاستمرار رسالة الفن السابع فى مصر على مدار الأجيال، فهذا جيل يتسلم الراية ممن سبقوه ليسلمها بدوره فى دورة قادمة لجيل آخر يليه. ولم ينس المنظمون كونه مهرجانًا دوليًا فقرروا تكريم المخرج والمنتج والسيناريست البوسنى دانيس تانوفيتش والذى اختير ليكون رئيسًا للجنة تحكيم المسابقة الدولية لهذا العام.
تحية واجبة لكل نجوم مصر الكبار الذين حرصوا على حضور حفل الافتتاح بأناقة فى الملبس وشياكة فى التعامل، وفهم عميق لرسالة المهرجان وهذا هو الأهم بما يعكس تقديرًا كبيرًا منهم لحجم التحديات الفنية والاقتصادية الإقليمية التى تواجه الفن المصرى، وتجعل مجرد استمرار هذا المهرجان بكل هذا الزخم نجاحًا فى حد ذاته.
يحسب لإدارة المهرجان هذا العام أيضًا حرصها على زيادة دُور العرض التى تعرض الأفلام المشاركة لتخرج بالفعاليات لجمهور أكبر فى القاهرة والجيزة. من الأخبار المبهجة أيضًا التى تم الإعلان عنها خلال الافتتاح ما أعلنه فهمى عن الانتهاء من ترميم عشرة أفلام مصرية فى مسعى للحفاظ على تراثنا السينمائى، ضمن خطة تستهدف ترميم نحو 1200 فيلم مصرى. تحية للقائمين على حفل الافتتاح وفى انتظار المزيد من التميز والنجاح خلال الفعاليات التى تمتد حتى يوم 22 من نوفمبر الجارى، كما نتمنى الفوز لمن يستحقون من المبدعين الذين تشارك أعمالهم فى مسابقات المهرجان.