رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قلق وتحركات هادئة.. ملف حرب أوكرانيا وروسيا يثير التوترات بين أوروبا وترامب

ترامب
ترامب

هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بخفض المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، وقال إنه سيسعى إلى إنهاء الحرب التي أشعلتها روسيا في غضون أيام من توليه منصبه، ما أثار المخاوف في أوروبا وأوكرانيا.

قلق أوروبي من ترامب

وبحسب شبكة "يورو نيوز" الأوروبية، فإنه في محاولة للحفاظ على دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا مرتفعًا في ظل إدارة ترامب القادمة، تربط بروكسل الآن بشكل متزايد بين محاولات الولايات المتحدة كبح جماح الصين وتقويض نفوذها العالمي، والجهود الرامية لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.

وقالت كايا كالاس، المفوضة المعينة للشئون الخارجية والأمن، لأعضاء البرلمان الأوروبي: "إذا كانت الولايات المتحدة قلقة بشأن الصين أو غيرها من الجهات الفاعلة، فيجب أن تقلق أيضًا بشأن كيفية مواجهة الحرب الروسية الأوكرانية".

وتابعت الشبكة الأوروبية أن هذه التصريحات تتماشى مع التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأسبوع الماضي، بعد يوم واحد فقط من إعلان فوز دونالد ترامب بولاية ثانية في البيت الأبيض.

وعندما سُئِلت عقب اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي في بودابست عما إذا كان الاتحاد مستعدًا لتعزيز الدعم لكييف إذا نفذ ترامب تهديده بخفض مساهمات الولايات المتحدة بشكل كبير، قالت فون دير لاين: "إن الأمر الأكثر أهمية لمناقشته مع أصدقائنا الأمريكيين أيضًا هو حقيقة أن روسيا لا تشكل تهديدًا لأوروبا فحسب، بل تشكل تهديدًا للأمن العالمي ككل".

وتابعت: "نرى أن روسيا تستخدم التكنولوجيا من الصين وإيران في ساحة المعركة، وهذا يدل على أن أمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا مترابطان، وكذلك مصالح أوروبا والولايات المتحدة في هذه القضية".

خطوات أوروبية لمواجهة مخططات ترامب في أوكرانيا

وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن خطوات أوروبية هادئة ومبكرة، بدأها القادة الأوروبيون من خلال عقد محادثات حول كيفية دعم أوكرانيا في حربها أمام روسيا في حال تقليص الولايات المتحدة دعمها، في وقت يحاولون فيه إقناع ترامب بعدم تقليص مساعداته إلى كييف.

وخلال عشاء في العاصمة المجرية بودابست مساء الخميس الماضي، ناقش قادة الاتحاد الأوروبي تداعيات فوز ترامب الكبير في الانتخابات التي جرت يوم الثلاثاء، وفي أول حديث من نوعه، تناولوا إمكانية قيام الحكومات الأوروبية بتعويض أي نقص في الدعم الأمريكي في حال قرر ترامب تقليص مساعداته لأوكرانيا، وفقًا لمصادر حضرت الاجتماع.

جاءت هذه المناقشات في وقت يعاني فيه الاتحاد الأوروبي من حالة من عدم الاستقرار الاستثنائي والضعف الاقتصادي والأزمة السياسية، وسط تقدم القوات الروسية على جبهة المعارك في أوكرانيا. ويشكل فوز ترامب تحديًا للعواصم الأوروبية، إذ يهدد بتقليص الدعم العسكري الأمريكي، الذي طالما كان أساسيًا في حماية القارة من التهديدات الروسية.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اللقاء: "قد تكون هناك اختلافات في الأسلوب حول هذا الطاولة، ولكن لدي قناعة عميقة بأن مصالحنا هي نفسها". 

وأضاف: "مصلحتنا هى ألا تفوز روسيا في هذه الحرب، لأن فوزها يعني وجود قوة إمبريالية على حدودنا، ونحن قلنا لها: لا بأس، يمكنك أن تكون توسعية".

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي أبدى فيه ترامب رغبته في إنهاء الحرب الأوكرانية سريعًا، دون أن يوضح كيفية القيام بذلك، فقد عارض في وقت سابق حزم المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، وصرح بشكل إيجابي عن علاقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتابعت أنه: إلى الآن، لم يعلن ترامب ما إذا كان سيقلص الدعم الأمريكي لأوكرانيا أو إذا كان سيطلب من الحلفاء تحمل جزءًا أكبر من فاتورة الدعم، وتظل أوكرانيا تعتمد بشكل كبير على المساعدات العسكرية والميزانية التي يقدمها حلفاؤها الغربيون.

وأوضحت أنه في العشاء الذي استمر لمدة ساعتين في البرلمان المجري المطل على نهر الدانوب، أكد قادة دول البلطيق وبعض الدول الإسكندنافية على ضرورة استعداد أوروبا لزيادة دعمها لأوكرانيا إذا دعت الحاجة، وهناك مخاوف واسعة من أنه إذا انتصر بوتين في الحرب، فقد يسعى لاختبار حدود حلف شمال الأطلسي (الناتو) الشرقية.

وفي المقابل، كانت ردود الفعل حذرة من بعض القادة مثل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، حيث أكدت ميلوني دعمها أوكرانيا، لكنها أشارت إلى أنها ستواجه صعوبة في تبرير مطالبة الناخبين الذين يعانون من الأزمة الاقتصادية في بلدانهم بالمزيد من الدعم لأوكرانيا إذا تم تقليص الدعم الأمريكي.

من جهته، كان رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، وهو من أقرب حلفاء ترامب في أوروبا، قد أبدى دعمه لدعوة ترامب للتفاوض على وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن. 

كما أن بعض الدول مثل المجر وسلوفاكيا قد شككت في الدعم الغربي لأوكرانيا على مدار الأشهر الماضية، وهي تعارض تقديم المزيد من المساعدات أو الأسلحة.

وأشار مسئول رفيع في الاتحاد الأوروبي إلى أنه من الممكن أن يُطلب من المفوضية الأوروبية تقديم خيارات تمويل خلال الاجتماع المقبل للقادة في بروكسل الشهر المقبل.

وأكدت الصحيفة أنه إضافة إلى ذلك، يعتبر الدعم الأمريكي هو الأهم لأوكرانيا، حيث خصصت الولايات المتحدة منذ حرب روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022 نحو 106 مليارات دولار من المساعدات الحكومية الأوكرانية، بما في ذلك 70 مليار دولار كمساعدات عسكرية حتى سبتمبر الماضي. 

من جانبه، قدم الاتحاد الأوروبي 133 مليار دولار من المساعدات المالية والإنسانية والعسكرية للاجئين الأوكرانيين. كما أسهمت دول أوروبية أخرى مثل بريطانيا والنرويج بمليارات الدولارات.

وتابعت الصحيفة أنه على الرغم من أن أوروبا تواجه تحديات كبيرة في توفير المعدات العسكرية لأوكرانيا، فإن قدراتها العسكرية محدودة مقارنة بالولايات المتحدة، حيث إن مخزوناتها من الأسلحة تتضاءل وصناعتها الدفاعية أقل قدرة.

وأشارت إلى أنه منذ فوز ترامب، تحدث العديد من قادة الاتحاد الأوروبي مع ترامب، وفي مكالمة استمرت 25 دقيقة يوم الأربعاء، ضغط ماكرون على الرئيس الأمريكي المنتخب لضمان أن أي دبلوماسية مع روسيا حول أوكرانيا ستسفر عن تنازلات حقيقية من الكرملين.

وأوضحت أنه على الرغم من تهنئة القادة الأوروبيين ترامب بفوزه، فإنهم يشعرون بقلق كبير خلف الكواليس بشأن ما سيترتب عليه فوزه من تغييرات في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا وحلفاء أوروبا.