رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من الضاحية إلى البقاع.. الطائرات الإسرائيلية تزرع الموت والمقاومة ترد

لبنان
لبنان

تشهد الساحة اللبنانية تصاعدًا خطيرًا في وتيرة الأحداث العسكرية، حيث تكثف إسرائيل هجماتها الجوية على مواقع حزب الله، في وقت يعزز الحزب من استعداداته لجولة طويلة من الصراع. آخر التطورات تشير إلى قصف إسرائيلي مكثف استهدف مناطق مختلفة في جنوب لبنان، مع تصاعد أعداد القتلى والجرحى بين صفوف الحزب.

في المقابل، يواصل حزب الله إرسال صواريخه باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، في تصعيد متبادل يزيد من احتمالات اندلاع حرب شاملة بين الطرفين. 

في هذه الأجواء المتوترة، تبدو المنطقة على حافة هاوية، مع تزايد المخاوف من تعاظم الخسائر البشرية والمادية، خاصة بعد إعلان الحزب عن عدم انتظار نتائج أي مفاوضات أو مبادرات دولية. فإلى أين يتجه لبنان في ظل هذا الصراع المتأجج؟

غارات إسرائيلية مكثفة تستهدف جنوب لبنان

في الساعات الأخيرة، شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية استهدفت مواقع متعددة لحزب الله في الجنوب اللبناني. وتحديدًا، تم استهداف بلدات تبنين، كفرا، ومجدل سلم، بالإضافة إلى قصف سيارة في صيدا أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين. التصعيد الإسرائيلي لا يقتصر فقط على الجنوب، بل شمل أيضًا غارات على مواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع. جيش الاحتلال الإسرائيلي أكد أن هذه العمليات تأتي في إطار الضغط على حزب الله لانسحاب مقاتليه إلى شمال نهر الليطاني، ومحاولة إبعادهم عن الحدود الشمالية لإسرائيل.

حزب الله: الاستعداد لصراع طويل

مع استمرار تبادل الهجمات بين الطرفين، تتزايد أعداد القتلى والمصابين، سواء بين المدنيين أو مقاتلي حزب الله. تقارير إعلامية تشير إلى مقتل نحو 60 عنصرًا من الحزب خلال الـ 24 ساعة الماضية جراء القصف الإسرائيلي، على الجانب الإسرائيلي، تسببت صواريخ حزب الله في أضرار مادية وخسائر بشرية في مناطق مثل عكا ونهاريا.

في الوقت ذاته، تتفاقم الأوضاع الإنسانية في المناطق اللبنانية المتضررة من الغارات، حيث يعاني السكان من نقص في الإمدادات الأساسية مع استمرار النزوح من المناطق الحدودية.

يذكر أن الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم كان قد ألقى خطابًا أكد فيه أن الحزب لا يعول على أي تطورات دولية أو انتخابات أمريكية لوقف الحرب، مشددًا على أن المقاومة اللبنانية جاهزة لصراع طويل الأمد مع إسرائيل. 

قاسم أشار إلى أن حزب الله يمتلك عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين وصواريخ متطورة قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي، مؤكدًا أن "لا منطقة في إسرائيل ستكون بمأمن من هجمات الحزب"، وأضاف أن الإمدادات العسكرية للحزب متوفرة لفترة طويلة، ما يعزز من قدرة الحزب على الاستمرار في القتال لفترات ممتدة.

مستقبل الصراع: إلى أين تتجه الأمور؟

في ظل هذه التطورات المتسارعة، يقول الدكتور مصطفى ملحم، الخبير السياسي اللبناني، إن الوضع الحالي بين إسرائيل وحزب الله يشير إلى أن كلا الطرفين غير مستعد للتراجع أو تقديم أي تنازلات، مما يزيد من احتمالات اندلاع حرب شاملة.
وأضاف ملحم، في تصريحات لـ"الدستور"، أن هذا النزاع قد يستمر لأسابيع أو حتى شهور، نظرًا لتعنت الجانب الإسرائيلي وغياب أي بوادر للتهدئة.

وأوضح أن جهود الوساطة الدولية، التي تشمل مبادرات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، لم تحقق حتى الآن أي تقدم ملموس، حيث يتمسك كل طرف بموقفه دون إظهار أي نية للتفاوض أو التراجع، مضيفًا أن هذه الأزمة قد تتطور لتصبح أشد وأعنف من الحرب التي اندلعت بين الطرفين في عام 2006، إذ أن الظروف الحالية، سواء على الساحة الإقليمية أو الدولية، تزيد من تعقيد الوضع وتجعل احتمالات التوصل إلى حل سياسي أو عسكري سريع أمرًا صعبًا.

وتابع ملحم أن هذا التصعيد لا يقتصر على الأطراف المباشرة فقط، بل يمتد تأثيره إلى الفاعلين الإقليميين الآخرين، مثل إيران وسوريا، اللتين قد تنجذبان إلى النزاع بشكل أكبر في حال استمر الوضع على ما هو عليه، مشيرًا إلى أن تطورات الساحة الداخلية في لبنان قد تعيق أي جهد لتحقيق الاستقرار، خصوصًا في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية الحادة التي يمر بها البلد.

وأضاف الخبير السياسي اللبناني أن حزب الله يمتلك خبرة طويلة في إدارة الصراعات، ما يعني أن الحزب مستعد للدخول في حرب استنزاف طويلة الأمد، بينما تحاول إسرائيل تحقيق أهدافها الاستراتيجية بأسرع وقت ممكن قبل أن تتورط في مستنقع طويل الأجل. 

وفي ختام حديثه، أكد أن لبنان يقف الآن على مفترق طرق حاسم، وأن المجتمع الدولي مطالب بتكثيف جهوده لمنع تحول الأزمة إلى حرب إقليمية واسعة.