رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصنيف إيجابى لكن.. هل تعرقل التحديات مسار التحسن؟

فى تقرير حديث، أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى عن نظرة إيجابية للاقتصاد الوطنى، مشيرة إلى التحسن الذى أحرزته الدولة فى عدة مؤشرات اقتصادية رئيسية. ورغم أن هذا التصنيف يعد خطوة هامة نحو استعادة الثقة فى الاقتصاد المحلى، إلا أن التحديات المستمرة، مثل التضخم المستمر وسداد الدين العام، قد تظل تعرقل مسار التحسن على المدى الطويل. من هنا، يطرح السؤال: هل يمكن للتحديات الاقتصادية أن توقف مسيرة النمو، أم أن استمرار الإصلاحات الهيكلية هو الحل الوحيد لضمان الاستقرار المستدام؟.

النظرة الإيجابية: خطوة نحو المستقبل

عندما أعلنت فيتش عن تصنيف إيجابى، كان ذلك بمثابة شهادة على الجهود المبذولة فى معالجة بعض المشكلات الاقتصادية العميقة. من الواضح أن الدولة قد حققت تقدمًا ملحوظًا فى عدة مجالات، مثل ضبط العجز المالى، وتحقيق نمو متواضع فى بعض القطاعات. علاوة على ذلك، فإن التوقعات المستقبلية تشير إلى تحسن فى قدرة الاقتصاد على تحقيق الاستدامة المالية بفضل بعض السياسات المتبعة مثل تقليص الدعم على السلع الأساسية، وتحفيز الاستثمار المحلى والأجنبى.

التحديات المستمرة: التضخم والدين العام

رغم هذا التحسن الظاهر، لا يزال الاقتصاد يعانى من بعض التحديات الهيكلية التى يمكن أن تؤثر سلبًا على استدامة النمو. أولًا، التضخم يعد من أبرز العوامل التى تؤرق الاقتصاد. فارتفاع الأسعار، خصوصًا فى السلع الغذائية والوقود، يثقل كاهل المواطنين ويؤثر على قدرتهم الشرائية. التضخم المستمر قد يؤدى إلى زيادة التفاوت الطبقى، مما يعوق التوزيع العادل للثروات.

ثانيًا، يبقى الدين العام عائقًا كبيرًا أمام الاستقرار المالى. على الرغم من المحاولات لتقليص الدين الخارجى، فإن حجم الالتزامات المالية لا يزال يشكل ضغطًا على موازنة الدولة. سداد هذا الدين قد يستنزف الموارد التى يمكن استخدامها فى تمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤثر على قدرة الدولة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة.

الإصلاحات الهيكلية: ضرورة لاستكمال التحسن

الإصلاحات الهيكلية تعتبر أحد الحلول الأساسية لمواجهة هذه التحديات. فإطلاق سياسات اقتصادية تضمن تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية سيكون له أثر كبير على زيادة مرونة الاقتصاد الوطنى، كما أن تحسين بيئة الأعمال، من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية وفتح المجال أمام القطاع الخاص، قد يسهم فى جذب الاستثمارات ويعزز النمو الاقتصادى.

من جانب آخر، يظل تعزيز الشفافية والمساءلة من الأولويات التى يجب أن تواصل الحكومة العمل عليها. فعلى الرغم من الإجراءات المالية والسياسات الاقتصادية، تظل القدرة على تطبيق الإصلاحات بشكل فعال هى العامل الحاسم فى نجاح تلك السياسات.

الانتكاسات المحتملة: تحديات فى الطريق

قد تكون الانتكاسات الاقتصادية، نتيجة لعدم استكمال الإصلاحات الهيكلية، بمثابة عقبات تعيد الدولة إلى المربع الأول. ففى حال لم تتم معالجة التضخم بشكل جذرى أو استدامة الدين العام على المدى البعيد، فقد يتسبب ذلك فى انخفاض التصنيف الائتمانى للدولة من جديد، مما يؤدى إلى تفاقم الوضع المالى، وتقليل القدرة على جذب الاستثمارات الخارجية.

بين التفاؤل والتحديات

على الرغم من النظرة الإيجابية التى أعلنتها فيتش، يبقى المستقبل الاقتصادى مرهونًا بقدرة الدولة على مواجهة التحديات المستمرة. ورغم التحسن الواضح فى بعض المؤشرات، فإن استكمال الإصلاحات الهيكلية يعد الخطوة الأساسية لضمان استقرار الاقتصاد الوطنى وتحقيق نمو مستدام. يجب على الحكومة أن تواصل العمل على تقليل التضخم، وسداد الدين العام، مع تعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، لتفادى أى انتكاسات قد تعوق مسار التحسن الاقتصادى.