مصر جسر السلام لغزة – كيف تقود القاهرة جهود إنهاء الصراع؟
تاريخ طويل من العطاء والدعم يربط مصر بالقضية الفلسطينية، حيث تبوأت القاهرة مكانة محورية في السعي لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني ليس فقط من خلال الجهود العسكرية، بل أيضًا عبر الدعم الدبلوماسي والإنساني المستمر، ومع تصاعد الأحداث في أكتوبر 2023، استمرت مصر في لعب دورها كوسيط رئيسي لحفظ الحق الفلسطيني في وجه العدوان الإسرائيلي ومساندة أصحاب الأرض "الفلسطينيين".
في هذا التقرير نستعرض دور مصر التاريخي والحديث في دعم القضية الفلسطينية، وكيف تعكس هذه الجهود رؤية شاملة للسلام والاستقرار في المنطقة.
نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا: مصر الأكثر دعمًا للقضية الفلسطينية
في حديثه "للدستور" قال الدكتور محمود السعيد نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا: "مصر هي الدولة الأكثر دعمًا للقضية الفلسطينية منذ عام 1948 وما بعدها، حيث دفعت الغالي والنفيس من أجل هذه القضية"، مؤكدًا أنها قد تضررت بشدة نتيجة لموقفها الشجاع والأخوي في دعم فلسطين، خاصة خلال الأزمة الأخيرة.
وأضاف: "لعبت مصر دورًا كبيرًا على ثلاثة محاور رئيسية: تقديم المساعدات الإنسانية، العمل على وقف التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية لأهل غزة، لافتًا إلى أنه قد كان معبر رفح الحدودي هو المنفذ الوحيد لأهل غزة للعالم الخارجي، حيث فتحت مصر هذا المعبر لاستقبال المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج في المستشفيات المصرية، كما سمحت بدخول المساعدات الغذائية والإنسانية".
وأشار "السعيد" إلى أن مصر قامت بدور مهم في تهدئة الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، على الرغم أن هناك أوقاتًا شهدت هدنة إلا أن أعمال العنف استؤنفت مرة أخرى، لكن تدخل مصر قد ساهم بشكل كبير في تخفيف حدة الصراع وتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات.
وأوضح الدكتور السعيد أن مصر تتعاون أيضًا مع المنظمات الدولية، خاصة الأمم المتحدة، لتسهيل دخول المساعدات وتنفيذ المشاريع الإنسانية، "مصر قدمت دعمًا طبيًا للحالات الحرجة واستقبلت مرضى في مستشفياتها، حيث وفرت لهم الخدمات والمستلزمات الطبية اللازمة".
وأكد أنه كذلك قد استمرت حركة التجارة في غزة بفضل جهود مصر، التي كانت بمثابة نافذة غزة على العالم، كما أشار إلى الدور الهام للدعم الشعبي المصري، مؤكدًا أن تضامن المصريين القوي مع أهل غزة لا يمكن إنكاره، وأن موقفهم الشجاع سيظل فخرًا لكل المصريين الذين وقفوا جنبًا إلى جنب مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الغاشم.
التاريخ يشهد
الجدير بالذكر أنه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للآراضي الفلسطينية، لم تتوانَ مصر عن دعم الحقوق الفلسطينية، إذ يشهد التاريخ أنه في عام 1948، ساهم الجيش المصري في التصدي للاحتلال، حيث قدمت مصر آلاف الشهداء والجرحى في حروبها مع إسرائيل، ومنذ ذلك الحين، استمرت القاهرة في دعم القضية الفلسطينية، معتبرة إياها جزءًا من الأمن القومي المصري، وارتباطها التاريخي والجغرافي بالشعب الفلسطيني.
تاريخيًا، اتخذت مصر موقفًا رائدًا في دعم الفلسطينيين، حيث سعت خلال عقود إلى دفع عملية السلام، مستندةً إلى مبدأ حل الدولتين، والذي ينص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما مصر دعمت المبادرة العربية للسلام في عام 2002، التي أكدت حقوق الفلسطينيين وأهمية المفاوضات لتحقيق السلام.
رعاية المصالحة الفلسطينية
منذ بداية الانقسام الفلسطيني في عام 2002، قامت مصر بدور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية، وذلك من خلال استضافة جولات الحوار كذلك إلى تحقيق وفاق وطني، واستمرت في محاولاتها لتوحيد الصف الفلسطيني على الرغم من التحديات.
الدعم المالي والإنساني
كما قدمت مصر دعمًا ماليًا وإنسانيًا كبيرًا للدولة الفلسطينية، حيث ساهمت في توفير المساعدات الغذائية والدوائية، واستمرت في دعم الكهرباء لقطاع غزة، وذلك منذ عام 2007، حيث صرح بيانات رسمية بتقديم مصر 48 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، إضافة إلى مساعدات إنسانية أخرى.
الاستجابة للأحداث الحالية
أما مع تصاعد الأحداث في أكتوبر 2023، كانت مصر في طليعة الدول التي عملت على توفير الدعم والمساعدة للشعب الفلسطيني وعقدت قمة "القاهرة للسلام" التي جمعت ممثلين من مختلف الدول والمنظمات الدولية، كما ركزت على أهمية دعم حقوق الشعب الفلسطيني وضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، ودعت إلى تفعيل القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وقدمت ولازالت العديد من المساعدات إلى الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقه والحفاظ عليه من الضياع الأبدي.