الشائعات
الشائعات، جمع شائعة، وهى خبر أو حكاية زائفة تنتشر فى المجتمع بشكل سريع، وتُتداول بين العامة اعتقادًا منهم فى صحتها. دائمًا ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة ومتعلقة بأمور وأحوال الناس، مما يثير الفضول لدى المجتمع.. وليس للشائعات مصدر موثوق، ويتم الترويج لها ونقلها وإذاعتها فى صورة شفهية أو مكتوبة وأحيانًا مصورة.
ومع انتشار الأيديولوجيات والأفكار المتعددة، ذات الاتجاهات المتعارضة، ونشوء الصراعات والحروب بين الدول، ظهرت الحاجة إلى تداول تلك الشائعات بهدف تحطيم معنويات الأعداء وبث الرعب فى قلوبهم.
يعتمد انتشار الشائعات على وعى المجتمع، فكلما كان المجتمع واعيًا ومتعلمًا، كان انتشار الشائعات فيه بصعوبة، وفى المجتمعات المتخلفة يسهل نشر الشائعات وتصديقها، وإحداث الأثر منها بصورة فائقة.
هناك الكثير من المواقف والنظريات التى يدرسها صناع الشائعات، ويستغلونها لترويج معلومات زائفة تتناسب مع حالة الجماهير، والمشكلات التى تواجهها.
تطورت عملية صناعة الشائعات فى ضوء تطور نظريات التأثير على الجماهير، واستخدام الأساليب السيكولوجية لتوجيه الناس والتحكم فى سلوكهم وميولهم وردود أفعالهم.
كان من أهم هذه النظريات نظرية «الرصاصة السحرية»، أو ما يُعرف أيضًا بالإبرة تحت الجلد، والتى تم طرحها من قبل عالم الاجتماع الأمريكى «هارولد لاسويل» بعد الحرب العالمية الأولى.
تُعد نظرية الرصاصة السحرية من أقدم النظريات فى مجال الاتصال، وعُرّفت بأنها رسالة قوية مقصودة تؤثر بشكلٍ فورى على الجمهور، وتشير هذه النظرية إلى أن سلوك الأفراد متماثل، والطبيعة البشرية الموروثة تجعلهم يتلقون الرسائل الإعلامية بطريقة مشابهة، وبالتالى فإن ما تنتجه الوسائل الإعلامية من رسائل هو بمثابة رصاصة لها تأثيرات على الفكر وردود فعل الجماهير.
ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى بصورة كثيفة، من خلال التليفونات المحمولة، أصبحت عملية الترويج وانتشار أى شائعة عملية سهلة أو بسيطة، بل أصبحت عملية تصنيع الشائعة ونشرها عملًا إبداعيًا، يحتاج لمتخصصين فى فنون الإعلام. لأن هذا الأمر لا يمكن أن يتم وينجح إلا فى ضوء فهم ودراسة احتياجات الجماهير ومصالحها ووعيها وقدرتها على الوصول إلى المعلومات الصحيحة.
ويقوم المركز الإعلامى لمجلس الوزراء فى مصر برصد الشائعات وسبل مواجهتها ونفيها.
وقد قام المركز الإعلامى لمجلس الوزراء المصرى فى تقريره السنوى عن عام 2024 بمواجهة الشائعات. إن أخطر وأشهر الشائعات التى تم تداولها عام 2023، حيث تضمنت شائعة تداول منشور يزعم تعاقد هيئة قناة السويس مع إحدى الشركات لإدارة خدمتها من خلال عقد امتياز مدته 99 عامًا، فضلًا عن شائعة اعتزام الحكومة تقليص المخصصات المالية لمرتبات العاملين بالدولة تزامنًا مع الأزمة الاقتصادية العالمية، واستيراد شحنات دواجن مجمدة فاسدة ومنتهية الصلاحية، والإفراج عن شحنات قمح فاسدة وغير صالحة للاستهلاك، وإصدار قرار بتجميد حركة الطيران بمطار العاصمة الدولى نتيجة غياب معايير الأمان الدولية عند الهبوط.
كما شملت أخطر الشائعات، وفقًا للتقرير، شائعة تداول رسالة صوتية على تطبيق «واتس آب» تحث المواطنين على إحكام غلق أبواب منازلهم بدعوى وجود تشكيل عصابى، واعتزام الحكومة إلغاء العلاج على نفقة الدولة خلال الفترة المقبلة، بجانب شائعة تراجع الاستحقاقات الدستورية الخاصة بالإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى فى الموازنة العامة الجديدة 2024/2023، ودخول مصر فى موجات وبائية جديدة حذرت منها منظمة الصحة العالمية، علاوة على تداول مقطع صوتى على مواقع التواصل الاجتماعى يزعم تفشى مرض الدرن فى مصر عبر النازحين إليها.
وعلى صعيد أغرب الشائعات خلال عام 2023، فقد أوضح التقرير أنها شملت شائعة إصدار قرار بتخفيف الأحمال الكهربائية عن الخدمات بمطار القاهرة الدولى، وتوقف الحكومة عن سداد فواتير الكهرباء الخاصة بالمساجد وإلزام المصلين بسدادها ترشيدًا للنفقات لتوجيهها لبناء المساجد الجديدة، وإصدار قرار بوقف خطباء المساجد عن العمل واعتماد إجراء خطبة الجمعة عن طريق الذكاء الاصطناعى.
كما تضمنت أغرب الشائعات، وفقًا لما ورد فى التقرير، إصدار قرار بمنع جميع أصحاب الأمراض من السفر لأداء مناسك الحج، وانحسار مياه البحر عن بعض شواطئ الجمهورية بشكل كبير مما ينبئ بحدوث تسونامى، وتوجيه وزارة الصحة فرقًا طبية للمرور على المنازل لتحصيل مبالغ مالية من المواطنين مقابل إجراء تعاقدات مع العيادات، بجانب شائعة اعتزام الحكومة تنفيذ خطة شاملة لهدم وإزالة مساجد «آل البيت» لصالح مشروعات استثمارية، وفرض شركات الاتصالات رسومًا على متلقى المكالمة التليفونية.
وتناول التقرير الحديث عن الشائعات المكررة، موضحًا أنها تضمنت وجود نقص فى السلع الغذائية الأساسية فى الأسواق والمنافذ التموينية، ووقف المبادرة الرئاسية «للقضاء على قوائم الانتظار للجراحات والتدخلات الطبية الحرجة» ترشيدًا للنفقات، وصدور قرار بتخفيض قيمة مستحقات برنامجى الدعم النقدى «تكافل وكرامة» نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية.
وشملت الشائعات المكررة، أيضًا، شائعة إرسال وزارة القوى العاملة رسائل نصية تتضمن رابطًا لتحديث بيانات العمالة غير المنتظمة، وتداول لحوم محقونة بهرمونات محظورة دوليًا، بالإضافة إلى شائعة انتشار بطيخ مسرطن بمختلف الأسواق على مستوى الجمهورية، وصدور قرار برفع سعر رغيف الخبز المدعم، علاوة على شائعة إصدار قرار بحذف أجزاء من مناهج شهادة الثانوية العامة.
وقد قامت الحكومة بالتصدى لتلك الشائعات عن طريق رصدها، كما ذكرنا، ونفيها، وطمأنة المواطنين وإزالة مخاوفهم.