رفض أممى وحقوقى لقرار الاحتلال حظر "أونروا": هدفه القضاء على حق العودة للفلسطينيين
أدانت دول ومنظمات دولية وإقليمية قرار الكنيست الإسرائيلى بحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» خلال ٩٠ يومًا فى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
ورأت تقارير دولية أن مخططات الاحتلال السرية لتصفية القضية الفلسطينية عادت للواجهة مرة أخرى، حيث عملت إسرائيل لسنوات على تصفية «أونروا»، التى تعتبر أكبر مساند لحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من منازلهم عام ١٩٤٨ خلال تأسيس إسرائيل.
وخلال السطور التالية، ترصد «الدستور» أبرز ردود الأفعال على مستوى المنظمات الإغاثية الأممية، وعلى المستوى الدولى تجاه تلك الخطوة الإسرائيلية.
الاحتلال قتل 233 من عمالها.. ولم يقدم أدلة على انضمام موظفيها لـ«حماس»
قالت شبكة «سى إن إن»، الأمريكية، إن إسرائيل تعارض عمل «أونروا» منذ سنوات طويلة، وليس بعد عملية طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر كما يدعى البعض فى إسرائيل.
وأضافت أن «أونروا» تثبت أحقية الفلسطينيين فى العودة مرة أخرى لديارهم، ويرفض المسئولون الإسرائيليون الاعتراف بهذا الحق، أو تسمية الفلسطينيين على أنهم لاجئون، وأن الأسر التى تم تهجيرها عام ١٩٤٨ وأحفادهم ليس لهم حق العودة إلى ديارهم الأصلية، التى تعرف اليوم باسم إسرائيل.
وأضافت أن إسرائيل اتهمت «أونروا» بضم مقاتلى حركة حماس إلى صفوفها وتعليم الأطفال كراهية إسرائيل ونشر معاداة السامية، ما تسبب فى وقف التمويلين الغربى والأمريكى للمنظمة الأممية.
وأشارت إلى أنه مع فشل إسرائيل فى تقديم أى أدلة على اتهاماتها، استئأنفت كل الدول الأوروبية التمويل، بينما ظلت الولايات المتحدة على موقفها؛ بالرغم من اعترافها بأن الاتهامات الإسرائيلية لـ«أونروا» غير صحيحة.
وأوضحت الشبكة الأمريكية أنه منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، اتخذت إسرائيل من عملية طوفان الأقصى حجة لحظر عمل المنظمة الأممية، بما فى ذلك اتهام بعض موظفى «أونروا» بالمشاركة فى الهجمات دون دليل.
وقالت «أونروا» إنه حتى ٢٠ أكتوبر من هذا العام، استشهد نحو ٢٣٣ من عمالها، وفى الشهر الماضى قالت الوكالة إن أحد موظفيها استشهد برصاصة على سطح منزله من قناص خلال عملية عسكرية إسرائيلية ليلية فى مخيم الفارعة فى الضفة الغربية المحتلة، وهى المرة الأولى التى يُقتل فيها عضو فى الوكالة التابعة للأمم المتحدة فى الضفة منذ أكثر من ١٠ سنوات، وفقًا لـ«أونروا»، فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن «أونروا فى خضم كل الاضطرابات لا غنى عنها ولا يمكن تعويضها». وأضاف أنه أرسل رسالة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، أخبره فيها بأن مشروع القانون المقترح من شأنه أن «يخنق الجهود الرامية إلى تخفيف المعاناة الإنسانية والتوترات فى غزة، وفى الواقع، فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بأكملها».
وأضافت الشبكة الأمريكية أنه كعادة حكومة الاحتلال الإسرائيلية لم تستمع للتحذيرات الدولية، وأصدر الكنيست قرار الحظر.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الحظر سيجعل من المستحيل على «أونروا» العمل، وسيترك «فراغًا ستكون إسرائيل مسئولة عن ملئه».
وقالت عايدة توما سليمان، وهى سياسية عربية إسرائيلية، وعضو فى حزب «حداش» ذى الأغلبية العربية، إن «مشاريع القوانين تنبع من طموح طويل الأمد لليمين الإسرائيلى المتطرف لحرمان اللاجئين الفلسطينيين من وضعهم».
وتابعت: «إسرائيل تخلق لاجئين جددًا كل يوم، بينما تشكك فى شرعية هذا الوضع ذاته». فى السياق ذاته، أكدت صحيفة «الجارديان»، البريطانية، أن قرار الكنيست باعتبار «أونروا» منظمة إرهابية يعنى غلق كل مقرات المنظمة فى الضفة الغربية والقدس وغزة، ومنع تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر رفح، ومنع إصدار تصاريح الدخول والعمل لموظفى «أونروا» الأجانب، وإيقاف التنسيق مع الجيش الإسرائيلى للسماح بدخول شحنات المساعدات.
وتابعت أن القرار يتزامن مع نزوح أكثر من ١.٩ مليون فلسطينى، حيث يواجه قطاع غزة نقصًا واسع النطاق فى الغذاء والمياه والأدوية.
واشنطن تزعم تهديدها تل أبيب بإيقاف المساعدات العسكرية حال تطبيق الحظر
قالت جولييت توما، المتحدثة باسم «أونروا»، فى بيان: «من الفاحش أن تعمل دولة عضو فى الأمم المتحدة على تفكيك وكالة تابعة للأمم المتحدة، وهى أيضًا أكبر مستجيب فى العملية الإنسانية فى غزة».
ووصف فيليب لازارينى، المفوض العام لـ«أونروا»، فى بيان، القرار، بأنه «غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة»، مضيفًا: «هذه القوانين لن تؤدى إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، خاصة فى غزة، حيث يعيش مئات الآلاف أكثر من عام من الجحيم».
وقال كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطانى، إن المملكة المتحدة «قلقة للغاية» من تمرير مشروع القانون، مضيفًا: «هذا التشريع يخاطر بجعل عمل (أونروا) الأساسى للفلسطينيين مستحيلًا، ما يعرض الاستجابة الإنسانية الدولية بأكملها فى غزة، وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية فى الضفة الغربية للخطر». وتابع: «الوضع الإنسانى فى غزة غير مقبول على الإطلاق، نحن بحاجة إلى رؤية وقف إطلاق نار فورى، وإطلاق سراح المحتجزين وزيادة كبيرة فى المساعدات لغزة، بموجب التزاماتها الدولية، يجب على إسرائيل ضمان وصول المساعدات الكافية إلى المدنيين فى غزة».
وقالت وكالة «أسوشيتد برس»، الأمريكية، إن الولايات المتحدة حذرت إسرائيل مرة أخرى من انتهاك القوانين الدولية، التى قد تؤثر على المساعدات العسكرية بعد حظر «أونروا»، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إن واشنطن قلقة للغاية بشأن قرار الكنيست، وحثت إسرائيل على إيقاف تنفيذ التشريع، الذى قد تكون له تداعيات كبرى بموجب القانون الأمريكى.
وتابعت أن القانون الأمريكى يمنع البيت الأبيض من تقديم المساعدات العسكرية للدول التى تقيد المساعدات الإنسانية الأمريكية، على الرغم من أن هذا التشريع نادرًا ما يتم تطبيقه على إسرائيل.
خلال الإحاطة، قال «ميلر» إن «أونروا» كان لها دور لا يمكن الاستغناء عنه فى تقديم المساعدات لقطاع غزة. وأضافت أن بعض المصادر الإسرائيلية قالت إن سلطات الاحتلال تدرس توزيع المساعدات فى غزة بنفسها، أو التعاقد مع منظمة أخرى من الباطن، ولكنها لم تطرح أى خطة ملموسة بعد، ما يهدد بكارثة إنسانية فى قطاع غزة.
وأشارت «أسوشيتد برس» إلى أنه من المرجح أن يتطلب أى جهد من هذا القبيل عددًا كبيرًا من القوات والموارد الأخرى، فى وقت تخوض فيه إسرائيل حربًا على جبهتين فى غزة ولبنان.
وأضافت الوكالة الأمريكية أن إسرائيل تأمل فى محو قضية اللاجئين الفلسطينيين، من خلال تفكيك الوكالة التى تعتبر الدليل القاطع على حق العودة لمئات الآلاف من الفلسطينيين إلى منازلهم مرة أخرى التى تأسست عليها إسرائيل عام ١٩٤٨، بينما تقول إسرائيل إنه يجب إعادة توطين اللاجئين بشكل دائم فى دول أخرى، ويعتقد قادة الاحتلال الإسرائيلى أن إنهاء خدمات «أونروا» سيُجبر المجتمع الدولى على القيام بذلك. ٢.٣ مليون نسمة فى قطاع غزة يتلقون المساعدات
الإدانة الدولية للتشريع تُزيد من عزلة إسرائيل وتعزز الضغوط على نتنياهو
أكدت «أسوشيتد برس» أن إسرائيل استغلت الحرب فى غزة، واتهمت «أونروا» بأنها توظف مقاتلين من حركة حماس، وغيرها من الفصائل الفلسطينية، ولكن يبدو أن الاتهامات كانت عارية من الصحة.
وحذرت إدارة الرئيس الأمريكى، جو بايدن، إسرائيل، مؤخرًا، من أنها إذا لم تسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، فقد تخسر بعض المساعدات العسكرية الأمريكية الحاسمة التى اعتمدت عليها طوال الحرب.
وقالت الرسالة التى أرسلها وزير الخارجية، أنتونى بلينكن، ووزير الدفاع، لويد أوستن، إلى نظيريهما الإسرائيليين إن فشل إسرائيل فى رفع الحصار عن شمال غزة والاستجابة الإنسانية فى هذه اللحظات الحرجة، قد تكون لها عواقب بموجب القانون والسياسة الأمريكية.
وأعرب بيان مشترك من كندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا الأسبوع الماضى عن «القلق البالغ» بشأن التشريع.
وقال البيان إن الوكالة تقدم «مساعدات إنسانية أساسية ومنقذة للحياة»، التى من شأنها أن «تتعطل بشدة، إن لم يكن من المستحيل» تقديمها بدونها.
فيما كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الأمريكية، عن محاولات إسرائيل الكبرى لتسليم العمل الإنسانى داخل قطاع غزة إلى وكالات أخرى بخلاف «أونروا» منذ اندلاع الحرب، ولكن كان المجتمع الدولى ينظر للمنظمة الأممية على أنها العمود الفقرى للاستجابة الإنسانية فى قطاع غزة.
وتابعت أنه من المرجح أن يتشكل التأثير العملى على تسليم المساعدات من خلال عدد من العوامل، خصوصًا أنه لم يتضح بعد كيف سيتم فرض القيود، ومن الممكن تنفيذ بعض أنشطة «أونروا» بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى، كما أن هناك أيضًا فترة انتقالية مدتها ٩٠ يومًا قبل أن تدخل القيود حيز التنفيذ.
وأضافت «وول ستريت جورنال» أن إسرائيل لم تتخذ الإجراءات الصحيحة للتحقق من ادعاءاتها تجاه «أونروا»، وبدلًا من ذلك أصدرت تشريعًا أثار موجة غضب دولى كبيرة ضد حكومة الاحتلال الإسرائيلى بقيادة بنيامين نتنياهو.
فيما أكدت صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمريكية، أن قرار الكنيست الإسرائيلى بحظر عمل «أونروا» من شأنه أن يؤدى إلى أكبر أزمة إنسانية فى قطاع غزة.
وأضافت أن القرار تسبب فى زيادة الضغط الغربى على «نتنياهو»، خصوصًا الولايات المتحدة لإلغاء التشريع، ما عزز من عزلة إسرائيل الدولية، حيث انتقدت العديد من الحكومات بما فى ذلك ألمانيا وإسبانيا تمرير مشاريع القوانين على الفور.