تكريم الأبطال
وفاءً بالعهد وإعلاءً لقيم الدولة.. استقرت الشعوب «الحرة» على عدة قيم إنسانية، تقام على أساسها العلاقات الإنسانية وتقاس عليها مدى تحضر الأمم خاصة تلك التى تربط- الدولة بالشعب- أهمها: الصدق، والاحترام، والوفاء بالعهد، وجبر الخواطر، والعطف، والعدل والمساواة، واحترام الصغير للكبير والعكس، واحترام المرأة، والعلم والقراءة والمعرفة، وإعانة المريض وتقديم النصح والإرشاد والتوجيه لمن يحتاج ذلك ومساعدة الضعيف، وإكرام الضيف، ووصولًا للحديث بصوت منخفض.
وكل ما سبق تحاول الدولة المصرية الحفاظ عليه وتعمل على تحقيقة فى كل مناسبة وطنية أو الاحتفالات القومية.
ومن أهم القيم التى وضعتها الدولة المصرية هى تكريم الأبطال القدامى سواء الذين ما زالوا على قيد الحياة، أو تكريم أسمائهم بعد رحيلهم، كنوع من الوفاء بالعهد ورد الجميل، وجبر الخواطر والاحترام.
قبل خمس سنوات فى ديسمير عام 2019 كرم الرئيس عبدالفتاح السيسى السيدة زينب الكفراوى بطلة المقاومة الشعبية فى محافظة بورسيعد إبان العدوان الثلاثى، أى قبل رحيلها بشهور فى مارس من عام 2020، فى لفتة مهمة لاهتمام الدولة فى الجمهورية الجديدة برموزها الوطنية.
ومنذ يومين تابعنا تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسى للسيدة «فرحانة» بطلة المقاومة النسائية فى سيناء خلال سنوات الحرب التى بدات فى 5 يونيو عام 1967 وحتى العبور العظيم فى السادس من أكتوبر عام 1973.
الدولة المصرية ممثلة فى شخص الرئيس فكرت فى تكريم السيدة العظيمة بعد 51 عامًا على إنتهاء الحرب وبعد 42 عامًا من تحرير كامل الأرض، أيضًا جاء تكريمها بعدما تجاوز عمرها المائة عام. وهذه هى القيم الوطنية التى تعيها الدولة المصرية وتظل هى الرباط الحافظ للعلاقة القوية بين الدولة والشعب وهى قيم تصنع أجيالًا من أبطال مدافعين ومضحيين بأنفسهم من أجل وطنهم.
قرار الرئيس بتكريم الحاجة فرحانة تضمن إطلاق اسمها على حى من أحياء محافظة شمال سيناء، وإطلاق أسمها أيضًا على أحد المحاور المرورية بالقاهرة لتصبح الحاجة فرحانة رمزًا للأجيال المقبلة.
قدمت الحاجة فرحانة نموذجًا فى العطاء الوطنى خلال سنوات العدوان فقد ساعدت فى الحصول على خريطة مطار «الجورة» ونقلتها إلى الأجهزة المصرية، الى جانب العديد من المهام البطولية خلال فترة الاحتلال.
فكانت منذ بداية النكسة وحتى حرب أكتوبر 1973 مسئولة عن توصيل المعلومات السرية التى تُكتب على القماش وتخبئها فى ثوبها البدوى، كما ذكر ابنها لبعض البرامج التليفزيونية أنّ «الحاجة فرحانة» كانت تأخذ تعليمات بالسير عبر طرق محددة ومعروفة والتوجه نحو مكتب القيادة بما يسبب مشقة كبيرة لها، لأنها كانت تسير على قدميها مسافة أكثر من 50 كيلو، وكانت تستدل بالنجوم.
تدفق أهالى شمال سيناء على منزل الحاجة فرحانة حسين سالم سلامة، الشهيرة بلقب «أم داود»، لتقديم التهانى لها والتعبير عن امتنانهم لدورها البطولى.
وتعد فرحة أهالى شمال سيناء بتكريم واحدة من منهم يدل على أن تكريمها لم يكن لها وحدها، إنما كان تكريمًا لاأبناء المقاومة الشعبية فى سيناء وللمرأة السيناوية عمومًا، فقد علت الزغاريد وخرج الناس للشوارع فرحًا بتكريمها وكأنه تكريم جماعى للسيناوية عمومًا.
هذأ هو دور الدولة، وهذه هى الدولة بمفهومها الحديث، وهذا هو الرباط الحقيقى بين أبناء الوطن الواحد، الذى سيظل باقيًا إلى أبد الدهر فى وطن حر يضحى أبناؤه بأرواحهم من أجله